الهندي عزالدين
~ أطربني جداً أمس لقاء الأستاذ الإعلامي المحترم “سعد الكابلي” مع البروفيسور المعلِّم “إبراهيم غندور” الذي تابعه على السوشيال ميديا عشرات الآلاف من السودانيين ، وأغدقوا عليه بآلاف اللايكات والتعليقات المُمجِّدة للبروف ، الداعمة والمؤيدة لحديثه المحاضرة.
~ ولأنني كنت ضيفاً في يناير الماضي على ذات البرنامج (تنوير ) ذائع الصيت في وسائل التواصل الاجتماعي ، فإنني أعرف قيمته وجمهوره وأثره ، ولذا سعدتُ أن يكون البروف “غندور” بكل صفاته السابقة والراهنة ضيفاً على البرنامج ، ليساهم في تنوير الشعب السوداني ، وخاصة الأجيال الشابة ، فيما التبس عليها من مفاهيم وما انساقت إليه بالخلا من دعايات سوداء وشائعات خلال السنوات الخمس الماضية بعد سقوط نظام الإنقاذ ، فلن ينصلح حال الوطن والشعب ما لم يستوعب تفاصيل المؤامرة الأجنبية التي وقع ضحيتها قبل الثورة وبعدها.
~ وحقاً كان البروف صادقاً وأميناً ومقنعاً وثابتاً ، أجاب على كل التساؤلات المقدمة من جمهور البرنامج عبر مقدمه ، وعلى مدى ساعتين ، لم يترك شاردةً ولا واردة ولا غموض حول موقف أو قضية إلا وأزاله بمهارة سياسي حاذق وخبير ، ودبلوماسية وزير خارجية جهير السيرة مشهود النجاحات.
~ ظل “غندور” جاهزاً للظهور والمواجهة السياسية والإعلامية منذ أول يوم للتغيير في أبريل 2019 ، لم يختفي ولم يأمر أحداً بالاختفاء بعد أن اختاره المكتب القيادي للمؤتمر الوطني رئيساً للحزب في وقت عصيب وظرف بالغ الحرج ، فصمد يواجه عاصفةً هوجاء وريحاً صرصراً عاتية، أطاحت بكل ثابت أمامها ، بينما ساد حينها رأيٌ عام جارف لا يقبل بوجود أي عضو بأدنى مستوى في المؤتمر الوطني ، دعك من رئيسه.
~ وفي خضم موجة الجنون والكراهية تلك ، خرج “غندور” عام 2019 وبعد تعيين “عبدالله حمدوك” رئيساً للوزراء ، مطلاً على السودانيين عبر شاشة قناة “الحرة” الأمريكية ، ليقول إن المؤتمر الوطني (سيكون معارضة داعمة لحمدوك) !! لم يفهم “حمدوك” و زمرته من الغوغائيين تلك الرسالة الوطنية المهمة ، بل رفضوها وأوسعوا خصومهم ضرباً تحت الحزام ، وخارج قوانين اللعبة ، وشكلوا لجنةً لتفكيك نظام الثلاثين من يونيو منحوها سلطات الشرطة والنيابة والقضاء ، في أكبر مخالفة لوثيقتهم الدستورية وقانون اللجنة نفسها ، فسقطت كل شعارات (حرية .. سلام وعدالة) تحت أقدام بلطجية التفكيك ورباطتها الذين قطعوا كل طريق للحرية والديمقراطية والعدالة.
~ دعا “غندور” أمس لوقف الحرب فوراً ، ولكن على أسس لا تسمح بعودتها مجدداً ، وأهمها الاتفاق على جيش واحد وبندقية واحدة ، وحوار وطني شامل وانتخابات حرة ونزيهة مع رفض التدخل الأجنبي ، وأورد شواهداً وحكايات عن رفضهم المستمر للتدخل الخارجي في شؤون السودان خلال حقبة (الإنقاذ).
~ السودان يحتاج لحكماء وعقلاء بعقل و وزن “غندور” ليخرج من هذا المأزق التاريخي غير المسبوق ، وهذا ما قاله آلاف المعلقين على حوار الأمس قبل أن أقوله أنا ، فدعونا جميعاً نتفق على كلمة سواء ، ونتجاوز أمراض الأنا وأدواء الذات ، ونقبل على بعضنا البعض دون إحن ومحن ومرارات ، لنؤسس لدولة العدالة والأمن والاستقرار ، دولة لا تسودها مليشيا ولا تحكمها مجموعة سياسية متميزة على أخرى دون شرعية انتخابية.
~ يجب أن تستوعب دول الإقليم أن ما كان قبل 15 أبريل 2023 لن يعود وينبغي ألا يعود ، ليستقر السودان ويتعافى من آثار هذه الحرب التي لم تُبقي ولم تذر.