لا هذي ولا تلك ولا الدنيا بما فيها تساوي ملتقي ياسمرا…. !! كلمات صاغها الشاعر المصري صلاح عبد الصبور ، هذه القصيدة المفعمة بالأحاسيس الدافقة والكلمات العذبة اغرت الفنان الراحل صاحب الحنجرة الذهبية التي لم تتكرر في تاريخ الغناء السوداني سيد خليفة ، اغرته بتلحينها والشجو بها و إلباسها زيا سودانيا مميزا وأصيلا
القصيدة تفعيلية ونسجها عبد الصبور متخذا بحر الوافر (مفاعلتن مفاعلتن ) لامكان فيها للراصد المتماهي مع الطبيعة بل الراصد المراقب لموقف الطبيعة جالسا في مساحة مملكته التي كرسيها التأمل وعرشها الهدوء ورسم ذلك حينما أنشد: فهذا الأزرق العاتي تدفق خالدا حرا…وهذا الأبيض يضم الأزرق الصدرا…فلا انفصلا ولا انحسرا ولا اختلفا ولااشتجرا ، صلاح عبد الصبور صاحب مدرسة رومانسية فريدة يسميها النقاد مدرسة الرومانسية المبكرة وهي المدرسة التي يتربي فيها الشاعر ويشيب فيها وهي ذات النبض وذات المذاق
الفنان الراحل سيد خليفة لحنها علي إيقاع الخماسي البسيط مع الإيقاع الرباعي الراقص وهذا لعمري دار نغم متفردة لا يلج فيها إلا ضالع في علوم الموسيقي ومفردات وتراكيب وجمل لغة اللحن السلسة
لعل صلاح عبد الصبور عندما زار الخرطوم واستمتع بجمالها رجع إلى مصر لكن خرحت ذكري الخرطوم من قلبه نبضا شعريا برغم صخب وضحيح القاهرة والزينة المصطنعة فيها فنطق وكان صادقا عندما قال : ولا هذي ولا تلك ولا الدنيا ….بما فيها…. وكرر هذا اللفظ مرارا وتكرارا
صلاح عبد الصبور والفنان سيد خليفة عندما تسمع نبضهما في هذه الأغنية يعادوك الحنين إلى الخرطوم التي نزحنا منها كرها جراء هذه الحرب وفارقنا ملتقي النيلين وجمال السمراء ، فمتي نرجع إلي الخرطوم…ياسمرا؟.