تابعتُ مؤخراً ما يحدث في السودان، حيث تحصد الحربُ المندلعة هناك منذ ما يزيد على مائة يوم آلاف الضحايا بينهم أطفال ونساء وعجزة.. يتعرضون يومياً للقتل أو الإصابة بجروح. ومن وجهة نظر العالَم الذي يتابع مجريات هذا النزاع، مِن دون أن يستطيع إيقافه أو إيجاد حل جذري له، فإن ما يَحدث هناك غيرُ مبرر ويجب أن يتوقف في أسرع وقت ممكن.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد دخل السودان في دوامة جديدة من العنف، بدءاً من يوم 15 أبريل الماضي، وذلك باندلاع قتال شرس لا هوادة فيه بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
والحقيقة أن إنهاء النزاع الدائر في السودان يتطلّب جهوداً دولية وإقليمية وداخلية كبيرةً وجادة ومنسَّقة، كما يتعين على الحكومة السودانية والمجتمع الدولي العملَ معاً لتخفيف التوترات ولتشجيع الحوار بين الأطراف المتحاربة. ويمكن للمجتمع الدولي الضغط على الأطراف المتحاربة من أجل تجنب العنف والقتال، ودعم الحوار بين الأطراف المتحاربة لتحقيق السلام. كما يتعين على الجهات المانحة تقديمَ المساعدة والدعم اللازمين للسودان لتحقيق التنمية وتعزيز الاستقرار. وعلاوةً على ذلك، يتوجب على الأطراف المتحاربة العمل على تعزيز الثقة المتبادلة في سبيل التوصل إلى حل سياسي للنزاع، وذلك من خلال إجراء حوارات بناءة ومفتوحة وتقديم تنازلات متبادلة لتحقيق السلام.
وفي النهاية فإنه يتعين على الأطراف المتصارعة في السودان أن تدرك أن الحرب لا يمكن أن تحقق السلام، وأنه يتعين عليها العمل معاً من أجل إيجاد حل سياسي للنزاع وبغية تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
ويمكن للمجتمع الدولي اتخاذ عدد من الخطوات للضغط على الأطراف المتحاربة من أجل تحقيق السلام، ومن هذه الخطوات، التواصل المستمر مع الأطراف المتحاربة، وتحفيزها للجلوس على طاولة الحوار والتفاوض، كما يجب فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على الأطراف المتحاربة لحثها على الالتزام بالحوار والعمل على تحقيق السلام. وإلى ذلك، يجب تقديم الدعم المالي والإنساني للسودان والمنظمات الدولية المعنية بالتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ومحاسبة المسؤولين عنها. إلى جانب تقديم الدعم الفني والتقني لتعزيز الأمن والاستقرار في السودان، بما في ذلك التدريب والتجهيز العسكري والشُّرَطي. كما ينبغي تعزيز الدبلوماسية الثنائية والإقليمية للتأكيد على أهمية السلام في السودان، وعلى ضرورة إيجاد حل سياسي للنزاع، والعمل على تعزيز الحوار الثقافي والديني والاجتماعي بين الأطراف المتحاربة والمجتمع المحلي لتحقيق الوحدة والتضامن في السودان.
ومن المهم أيضا تقديم الدعم للمنظمات المدنية والإنسانية في السودان، كي تتمكن من تقديم المساعدة اللازمة للمتضررين من النزاع وأعمال الحرب، وتشجيع الأطراف المتحاربة على التعاون مع بعثة الأمم المتحدة في السودان، وبعثات المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى، لتمكينها من الإسهام في تحقيق السلام والاستقرار.
وينبغي أن تشمل هذه الخطوات تعاوناً دولياً من أجل تعزيز حقوق المرأة، وتحسين الدعم الإنساني والإغاثي لصالح النساء المتضررات من النزاع والأعمال القتالية في السودان.
سارة مطر كاتبة وروائية سعودية
صحيفة الاتحاد الاماراتية