مستويات الفهم والممارسة السياسية عندنا في السودان ما زالت والحمد لله دون فك الخط، فلو جاز تقسيم الفهم والممارسة السياسية إلى مستويات مختلفة بحيث كل مستوى له مهارات محددة لا بد أن يتقنها؛ لينتقل للمستوى الذي يليه، فهذه المستويات هي:
* مستوى دون فك الخط.
* مستوى فك الخط.
* مستوى فوق فك الخط.
* مستوى إتقان الكتابة.
فمستوى دون فك الخط مهارته تتلخص في معرفة نوعية الحكم الذي يحكم.
فإلى الآن لم نعرف أيهما أصلح لنا:
هل يحكمنا الفرد أم الحكم من خلال التداول السلمي للسلطة؟
أما مستوى فك الخط فمهارته تتلخص في كونه يتجاوز مرحلة الاختيار في تحديد من يحكم إذ أن جميع الأطراف تكون قد وصلت إلى يقين وقناعة بأنه لا سبيل للحكم سوى الحكم عبر التداول السلمي للسلطة.
أما مهارة مستوى فوق فك الخط، فتتلخص في كونه يستطع أن يفرز الجيد بصورة احترافية بحيث يستطيع أن يفشل كل أساليب الابتزاز والتحايل والخداع والمتاجرة والتزوير في العملية الانتخابية.
أما مستوى إتقان الكتابة فمهارته تتلخص في أن يصل مستوى التنافس بين المكونات السياسية إلى مرحلة التنافس من أجل خدمة المواطن، بحيث يكون كل مكون سياسي وبدون توجيه من أحد يسعى لطرح برنامجه من أجل الحصول على أعلى الأصوات بغرض تقديم خدمات مميزة لا يستطيع غيره أن يقدمها.
وعليه فلندرك نحن في أي مستوى حتى نعمل على تدريب وتدريس أنفسنا لإتقان مهارته حتى يتسنى لنا الانتقال إلى المستوى الذي يليه.
ليس عيبا أن نكون في مستوى متدني، ولكن العيب أن نجهل هذا المستوى، ونصر على أننا نجلس على مستوى أعلى منه.
نحن بلا أدنى شك وبصورة لا تخطئها عين ما زلنا نجلس في مستوى (دون فك الخط).
اقتنعنا بهذا المستوى فسوف نسعى جادين لتكثيف جهدنا من أجل الانتقال إلى مستوى (فك الخط) ثم المستوى الذي يليه.
أصابنا العناد ودفنا عيوننا في الرمال، وأوهمنا أنفسنا بأننا نجلس على أعلى مستوى، فلا أحد سوف يصطدم بالنتائج غيرنا، ولا أحد يحصد الفشل غيرنا.
إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن نجلس على مستوى (دون فك الخط) ونريد أن نجتاز امتحان وضع لمستوى (إتقان الكتابة)، فلا الواقع يقر بذلك ولا التجربة.
الانتقال من أدنى مستوى إلى أعلى مستوى لا بد له من شرطين:
الأول: تحديد وتشخيص المستوى الذي نقف عليه.
الثاني: أن نتدرج في الانتقال بحيث نعمل على إتقان مهارة المستوى الذي نجلس عليه حتى يتسنى لنا الانتقال منه إلى مستوى آخر.
بدون تحقيق هذين الشرطين سنظل نتخبط، وسنسلم ورقة الامتحان فارغة تماما في كل امتحان يعرض علينا إلى يوم يبعثون.