:: ومن تناقضات النخب الاقتصادية غير المسؤولة، فيما يكتوي المواطن بسياسة تحرير أسعار السلع وسعر الصرف، يسعى بعض لصوص المرحلة المحسوبين على الحكومة لاحتكار الوقود، ويطالبون السلطان بحماية الاحتكار.. ولعلكم تعلمون أن تفصيل القرارات والقوانين حسب مقاسات أصحاب النفوذ ومراكز القوى الفاسدة بالدولة والمجتمع، كان من سمات عهد النظام المخلوع، بحيث كل نافذ فاسد كان يفعل ما يشاء بغير حساب..!!
:: والمؤسف أن حكومة ما بعد الثورة ظلت ملوّثة بتجار يعملون على تجريد الثورة من مبادئها وقيمها وأهدافها وسماتها، ومنها عدم تفصيل القرارات والقوانين واللوائح حسب مقاسات النافذين والفاسدين.. ولعلكم تذكرون، قبل 25 أكتوبر 2021، كان بنك السودان قد فاجأ الرأي العام بوضع مدخلات صناعة التبغ والسجائر في قائمة السلع الاستراتيجية المسموح استيرادها من حصائل الصادر، ثم سحبوها بعد أن هاجت الصحف..!!
:: ثم تواصل مسلسل الفساد تحت غطاء القانون، في حكومة ما قبل 25 أكتوبر، بحيث أفسدوا الموسم الشتوي بالقضية الشهيرة (زبيدة قيت).. طرحوا سماد الموسم في عطاء معلن، وحين فازت به إحدى الشركات، أصدروا قراراً قبيحاً بإلغاء العطاء، ليس لتوسعة قاعدة المنافسة بحيث يكون العطاء عالمياً، بل لاحتكار السماد لشركة زبيدة.. تم تشكيل لجنة تحقيق كما قال رئيس الوزراء السابق حمدوك، ولكن لم يحدث شيء غير إعادة إنتاج نظرية (خلوها مستورة)..!!
:: ويبدو أن الشعب على موعد مع حلقات أخرى من مسلسل فساد ما بعد 25 أكتوبر.. كما قالت أخبار (اليوم التالي)، يوم الخميس الفائت، هناك خطاب صادر بتوقيعين، يخاطب وزير الطاقة والنفط بمنع شركات القطاع الخاص من استيراد الوقود، وذلك بإلغاء القرار (602)، واحتكار الاستيراد لما أسموها بشركات التوزيع، وهي أقل من خمس شركات، ظلت محتكرة استيراد وتوزيع الوقود طوال عقود النظام المخلوع..!!
:: أغرب ما في خطاب طلب الاحتكار الموجه لوزير الطاقة أنه مذيل بتوقيعين، أحدهما يمثل ما أسموها بالمجموعة الخاصة والآخر يمثل ما أسموها بالمجموعة االحكومية، وكلاهما جبن عن كتابة اسمه تحت التوقيع.. توقيعان بلا أسماء، ربما لإخفاء أثرهما من مسرح الجريمة.. أما سبب طلبهما للاحتكار فهذا مضحك للغاية، وقديماً قالوا: شر البلية ما يضحك.. شركات القطاع الخاص توزع وقودها بأسعار أقل من شركات التوزيع، هكذا السبب..!!
:: فالبؤساء عندما عجزوا عن المنافسة الشريفة، فكروا في طرد شركات القطاع الخاص، ثم احتكار الوقود ليمارسوا هوايتهم المفضلة وهي خلق الندرة وتجفيف المحطات، ثم إشعال نار الأسعار لحد (الجشع).. هؤلاء هم لصوص المرحلة، وكما تعلمون لكل مرحلة لصوصها، حتى ولو كانت المرحلة ترتدي ثياب المدنية أو تصحيح المسار..!!