في الواقع
بقلم بدرالدين عبدالمعروف الماحى
لازلنا نكرروندقق في البحث والكتابة عن آفة العصر (السوشيال ميديا ) بأشكالها المختلفة وبالأخص السهل منها في التداول والأخطر في الإنتشار (الوات ساب ) وغيره من وسائل التواصل الإجتماعى وما نطلع عليه الآن من كتابات تعبر عن مرض حقيقي وعلة واقعية عند الكثيرين خاصةً الذين ينشرون الأخبار الخاصة ويستهدفون أناس في أشخاصهم فكم من مقطع أو صورة أو رسالة صوتية كانت سبباً في دمار أسرة كاملة وفي غالب الأحيان يكون المتداول من باب الإنتقام وهو في رأي بعضهم يمارس الإنتقام السهل فهي لحظات لاتتعدى دقائق يركز فيها الناشر لفكرته الشيطانية ويسبقها إعداد لـ(سيناريو) متقن مستفيداً من بعض الأحداث أو المعلومات التي قد تكون جزءً من الواقع وبالتالي يكون الإخراج المقبول عن المتصفح وتجد تلك الآفة عندنا في السودان الأرض الخصبة ! فالفاقة وعدم الموضوع و(البريك) في القهاوى وبيوت المناسبات أفضل جو لذلك ولذا يظل همنا الأكبر البحث عن معالجة تلك العلة التي يتبين أنها مرض خفي يمارسه البعض في تخوفهم من المواجهة وقد أرسل أحد أعضاء (قروب) أنا عضو فيه رسالة مؤلمة متهماً فيها عضو آخر وعضوة بأن بينهم علاقة مشبوهة رغم أننا نعتبرهم من القيادات وذهب لا أكثر من ذلك وحكى أدق تفاصيل اللقاء في ذلك المكان الخاص وأخفى الرقم بل ذهب لا بعد من ذلك وقام باستخراج شهادة فقدان وإدعى أن هاتفه سرق منه وأن شخصاً ما وقام بإرسال الرسالة ويا للأسف عندما توصل أهل الأمر إلى حقيقة ذلك بالرصد والمتابعة ومن ملخص ما حدث إتضح لنا جلياً أن مرتكب الجرم الذي لا يغفر يعاني من إضطراب نفسي ومخاوف عديدة ولأن كثير من الأحيان تسيطر تلك المخاوف غير المبررة على بعض الأشخاص لدى تحدثه أو عمله شيئاً ما أمام التجمعات في المناسبات أو قاعات الدرس أو في المواقف التي يشعرون فيها بأنهم تحت المجهر وأن الكل ينظر إليهم فيخاف أن يظهر عليه الخجل والخوف أو أن يخطئ أو يتلعثم ما يؤدي به للإرتجاف وضيق التنفس وجفاف الحلق والتعرق وغيرها من الأعراض التي تشيع لدى كثير من الناس. ويعرف علم النفس تلك الأعراض باسم «الرهاب الاجتماعي» وهو من أكثر الإضطرابات النفسية شيوعاً ويصيب نحو 10 % على إختلاف الأنواع والجنسيات ويدفع المصابين به إلى التوقف عن مواجهة الآخرين وإبداء آرائهم علاني مع ظهور مواقع التواصل الإجتماعي بدا أنها منصة مناسبة لتلك الفئة فأتخذوها ستاراً يتخفون وراءه للتعبير عن آرائهم وأفكارهم بشكل جريء ومباشر بعيداً عن المواجهة. في الحقيقة ساعد ظهور وسائل التواصل الإجتماعي كثيراً من هؤلاء على إبداء آرائهم بطلاقة بلا خوف فهم يجلسون وراء قناع يستر شخصياتهم الحقيقية ما يجعلهم ينطلقون في التعبير بسهولة يكتبون ويناقشون ويطرحون المواضيع. عن دور وسائل التواصل في علاج الرهاب الإجتماعي أو مساهمتها في زيادته و في الأغلب برغب أحدهم في التحدث كتابةً على «فيسبوك» و«تويتر» لأنه يشعر بالخجل والخوف الشديدين من الكلام مباشرةً أمام الناس وما زال هذا الشعور يكبر معه يوماً بعد يوم ويظهر ذلك من خلال ملامحه لذلك يبتعد بقدر المستطاع عن التحدث مع الأشخاص في مواضيع متعددة ويدفعه ذلك إلى اللجوء لوسائل التواصل للتعبير عن رأيه بلا خجل كما يحدث في العادة حين يتحدث معهم !! فـ(السوشيال ميديا) وسيلة إتصال وتواصل وتفاهم وتعارف وإنسجام بين ملايين لا يجمعهم سوى الرغبة في التواصل والمعرفة تحت قناع الشبكة العنكبوتية وفتحت مواقع التواصل الإجتماعي الفضاء لهؤلاء الذين أمضوا حياتهم وأوقاتهم في الظل والخفاء والهامش الإجتماعي سنوات طويلة فوجدوا فرصة ومساحة كبيرة للظهور على الملأ بل وتكوين جمهور ومنابر يتحدثون منها كالمنتديات والقروبات وغيرهما أو حتى التعبير بشكل فردي على صفحاتهم وحساباتهم عن أفكارهم وآرائهم ومعتقداتهم بل وثقافتهم وتصوراتهم الخاصة من دون سقف أو حدود وتبادل المعارف والمعلومات المغلوطة حتى وصل الأمر إلى تكوين شعبية وجمهور كبير في مقابل ذلك هناك بلا شك عدد لا بأس به من هؤلاء الملايين الذين وجدوا أنفسهم أمام طوفان من الإنفتاح على العالم والجماهير من دون أن يكون لديهم القدرة من الأساس في الواقع على الإتصال والتواصل الجيد بمعناه الإيجابي الصحي والحقيقي مع الناس أو المجتمع أو تكوين علاقات إجتماعية ناجحة مع الغير المختلفين
بأس به من هؤلاء الملايين الذين وجدوا أنفسهم أمام طوفان من الإنفتاح على العالم والجماهير من دون أن يكون لديهم القدرة من الأساس في الواقع على الإتصال والتواصل الجيد بمعناه الإيجابي الصحي والحقيقي مع الناس أو المجتمع أو تكوين علاقات إجتماعية ناجحة مع الغير المختلفين عنهم وهؤلاء فاقدون أساساً لمهارة التواصل المباشر والتعبير بسلاسة وصراحة وثقة واتزان مع الآخر والمواجهة الاجتماعية الحية وجهاً لوجه؛ إما لضعف مهارة لتواصل والذكاء الإجتماعي وإما لضعف الثقة بالنفس وبالإمكانات وربما يعاني كثير من هؤلاء عُقداً ومشكلات نفسية تصل إلى حد الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى طبيب متخصص !