الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
بات من المسلمات بالنسبة لكل مواطن سوداني يبحث عن احتياجاته الخدمية و المعيشية مغادرة منزله والانضمام الى الصفوف حيث يقف الرجال والنساء والأطفال في الصفوف التي تمتد لمسافة طويلة وان بدت المهمة شاقة حيث يستغرق الوقوف ساعات عديدة وربما ( الرقاد ) يوما أو يومين وحينئذ يكون المرء محظوظا عندما يعود إلى منزله وقد جلب معه الاحتياجات الضرورية التي تحتاجها أسرته مثل الرغيف والبنزين والغاز ووقود السيارة.
من المؤكد ان الأخبار الواردة من السودان سيئة ولا تبعث على الاطمئنان وتثير في النفس الاشمئزاز والقلق فأهلنا هناك .. كان الله في عونهم .. يرزحون تحت وطأة مصاعب خدمية ومعيشية مزرية لا حصر لها وهي تتفاقم ساعة بعد أخرى بل في كل ثانية والنجاة منها بات حلما بعيد المنال لطالما أن الجالسين على سدة الحكم تسيطر عليهم المصالح الحزبية وأيضا الشخصية وبالتالي لا يعبأون كثيرا بهموم الوطن ومعيشة المواطن .
الشعب السوداني الذي فجر ثورة مدنية غير مسبوقة في المنطقة كان يمني نفسه بوطن أخضر مستقر ينعم فيه الجميع بالأمن والأمان وتحقيق شعارات الثورة التي نادت ( حرية وسلام وعدالة ) غير ان ما يحدث الان على أرض الواقع لا يتواءم مع طموحات المواطن الذي يواجه حياة مشحونة بالمتاعب التي تثقل كاهله بهموم قاسية ومتطلبات معيشية صعبة وأحيانا تكون غير متوفرة أو تكون متوفرة ولكنها باهظة الثمن .
ومن الواضح الان ان مصاعب الحياة في السودان لا تنتهي عند الصفوف المنتشرة في المدن والقرى فحسب وإنما المواطن يواجه مصاعب خدمية أخرى أشد ازعاجا مثل انقطاع الكهرباء وعدم توفر المياه الصالحة للشرب ويضاف لذلك أزمة الدواء التي تعد المشكلة العويصة الأكثر إلحاحا ويصعب توفيرها وسداد ثمنها وهو الأمر الذي تسبب في تفاقم الأمراض وبدت عصية على الحلول العلاجية وشكلت تهديدا لحياة الناس خاصة الذين يعانون من الأمراض المزمنة وما أكثرهم في السودان .
وثمة مسالة آخرى في لجة المصاعب الحياتية تسترعي الانتباه بل تبعث على الاستغراب والإحباط مفادها التلكوء في ممارسة الديمقراطية في المجتمع السوداني وعدم قبول الرأي الاخر ونعته بالتخوين الذي يرمز له بكلمة ( كوز ) بالرغم من أن الثوار تغنوا بالديمقراطية بصوت مسموع وجعلوها من صميم انجازاتهم الثورية بل أكدوا رغبتهم الجادة لجعلها ثقافة سلوكية مجتمعية يحرص الناس على ممارستها تلقائيا في كافة شئون الحياة ويضاف الى تقاعس السلطة عدم اخضاع مظالم الناس لتطبيق العدالة القضائية وتلك أمنية يطالب بها الكثيرون وينتظرون تحقيقها عاجلا وليس اجلا .
ونذهب الى أبعد من ذلك عندما نذكر أن بعض عناصر لجان المقاومة زادوا الطين بلة وقضوا على أي أمل في مجتمع ديمقراطي عندما منحوا أنفسهم ( شيك سلطات على بياض ) وقاموا بخدمات هي في الأصل من اختصاص الجهات الأمنية فهاجموا الناس في بيوتهم وفي أماكن أعمالهم وأساءوا لهم قولا وفعلا أمام أسرهم علاوة على اصطحابهم الى الشرطة لغرض الإساءة لهم والتأكد من اتخاذ إجراءات قاسية ضدهم ترضي رغبات اللجان وهي تصرفات لا تتواءم مطلقا مع منطق الدولة المدنية وشعاراتها ( حرية وسلام وعدالة ) .
الأمر الاخر الذي يجب ان يقال تصريحا لا تلميحا هو سقوط الفترة الانتقالية للدولة المدنية في مصيدة الحزبية فبدلا من ان يتولى قيادة الفترة الانتقالية شخصيات غير حزبية تتمتع بالكفاءة والخبرة المهنية طبقا لوثيقة الفترة الانتقالية تسللت عناصر حزبية وتبوأت سدة الحكم ومارست أفعالا أفرغت الثورة من كل أهدافها الوطنية عندما انشغلت بصورة أساسية بغير هموم المواطن ملابسات حياته المعيشية وتحقيق طموحات الشباب التي رسموها في ثورتهم المجيدة .
7
والشاهد أن ما يحدث إلان يعد إهانة بالغة للشعب السوداني الذي فجر الثورة السلمية وضحى بشهداء من خيرة الشباب ومع ذلك ضاعت الشعارات التي رفعها الثوار ( الحرية والسلام والعدالة ) و بدلا من البحث عنها وجد نفسه متنقلا بين الصفوف باحثا عن لقمة العيش لأطفاله الذين يتضورون جوعا.
The post السودان: سليمان الماحي يكتب: ضاعت شعارات الثورة appeared first on الانتباهة أون لاين.