دون مقدمات أو سابق إنذار وصل سعر رطل اللبن إلى (40) جنيهًا، هذه القيمة لا مفر من دفعها كل صباح، أو في المساء لصاحب الدكان، أو البقالة المجاورة لمنزلك، وقد تسددها بالجملة نهاية كل شهر للزبون صاحب الحمار أو الكارو الذي يقوم بإيصال المطلوب عند بابك خدمة بالمجان للمحافظة زبائنه.
السعر (المستجد) للألبان لم يرفع قيمة مشتقاته فقط، وإنما دفع عددا كبيرا من العائلات للخروج من الخدمة والتخلي مجبرين عن مرتب اللبن اليومي، فيما لجأت بعض الأسر إلى حلول أخرى قلصت بموجبها الكمية حتى تستطيع تغطية فارق السعر..
ويعتبر اللبن غذاء أساسيا وضروريا لجميع أفراد الأسرة خاصة الأطفال وكبار السن لذا تجد جميع السودانيين يشربونه في الصباح مع الشاي وعند المساء حتى أصبح ضمن العادات وطقوس حياتهم قبل أن يظهر (كديس) الأسعار ويشرب اللبن ويحرم الأطفال من أفضل غذاء.
وعن ارتفاع أسعار اللبن يقول (وليد) صاحب الكارو الملتزم بالتوزيع على زبائنه بالحاج يوسف الردمية: ارتفاع هذه الأسعار ليس لنا فيه يد، يتحكم فيه أصحاب المزارع والإنتاج، نحن جهة مناولة فقط، نستلم من المنتج ونوزع للمستهلك والزبائن في منازلهم وبنفس أسعار البقالات والدكاكين.
وعن أكثر المناطق التي تغذي العاصمة الخرطوم بالالبان يقول (وليد): يأتي اللبن من المزارع المتعددة بشرق النيل خاصة المتاخمة لعد بابكر وجوار البنداري، حلة كوكو وشمال بحري..
وعن تأثير ارتفاع أسعار الألبان تقول (تهاني) ربة منزل وأم لخمسة أطفال: والله الارتفاع الجنوني لسعر اللبن فرض علينا تقليل الحصة كنا نشتري 5 أرطال ولكن اليوم قلصنا الكمية إلى رطلين بقيمة (80) جنيها بدلًا من دفع 200 جنيه، ما عندنا قدره للسعر، لذا قررنا الاكتفاء برطلين فقط رغم احتجاج وحاجة الأطفال الذين يحبون شرب اللبن صباحا ومساء.
وتقول عوضية الملقبة بـ(أم الإيمان): نحن أسرة بسيطة محدودة الدخل، ليست لدينا القدرة المالية لشراء لبن بعد ارتفاع سعره إلى 40 جنيها للرطل الواحد لذلك قررنا توظيف المبلغ لسلعة أخرى (رغيف) خضار بدلا من إحضار رطل واحد لا يكفي لشخصين..
وأكد (خضر) والد لثلاثة أطفال أن المعادلة أصبحت صعبة للغاية، كل يوم نستيقظ على مستجدات حياتية لا نستطيع مجاراتها، لا أعتقد أن هناك شخصا في السودان كان يعتقد أن رطل اللبن الواحد يصل إلى 40 جنيها. هذا السعر نفسه كان قيمة بوكس مليئ باللبن.. وأشار خضر إلى أن جشع وطمع التجار والمنتجين وراء الارتفاع الجنوني للأسعار التي فرضت على الكثيرين تقليص الحصة فيما ترك البعض شرب اللبن..
ارتفاع سعر الألبان أثر على مشتقاته مثل الزبادي بنوعيه البلدي ومنتج المصانع، كذلك المش والجبنة التي ارتفع سعرها، فيما اختفت من بعض المحلات التجارية..
إذًا لا يوجد شيء هناك بات رخيصًا.. ارتفاع الأسعار وتغيير ديباجة السلع أصبح أمرًا مألوفًا لدرجة ان المواطن يستقبله كل صباح دون أن يبدي اعتراضه.
صحيفة اليوم التالي