الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
أُعلن أن لقاءً تلفزيونياً سيجري مع دكتور عبد الله حمدوك ووجد الإعلان اهتماماً كبيراً يؤكد أن نسبة المشاهدة ستكون عالية ولعلها كانت فعلاً كذلك لأن الساحة تغلي كالمرجل وأن قضايا عديدة متداخلة متشابكة وأسئلة كثيرة تحتاج لإجابات . وإن التواصل في هذه الأيام بين الأهل والأصدقاء في العاصمة والولايات يتم بالجوال ووسائط الاتصالات الأخرى . وقبل صلاة المغرب كان يحادثني بالجوال أحد الأصدقاء وذكرته باللقاء الذي سيتم مع رئيس الوزراء وذكر لي أنه حريص مثلي علي مشاهدته ويتمني أن يركز علي قضايا المواطنين الحيوية وهمومهم الحقيقية وطفق كما يفعل الجميع يتحدث بانفعال عن فوضي الأسواق وجنون ارتفاع الأسعار وغياب الحكومة غير المكترثة لما يحدث والأكثر ألماً ويدعو للحزن أن زوجته مريضة كما ذكر لي شفاها الله وعافاها وطاف بها ومعه ابنه البكر علي عدد من المشافي الحكومية دون جدوي وذهب لمشفي خاص وبعد الكشف والفحوصات حمل روشتة الدواء ورغم ارتفاع أسعاره المبالغ فيها إلا أنه لم يجد من بينها دواءً مهماً في عدد من الصيدليات واتصل بجواله بعدد من أهله وأصدقائه يسألهم إن كان الدواء عندهم ليمدوه به ولحسن حظه فإن أحد أصدقائه أتصل بأحد أقربائه ووجد عنده شريطين من الدواء وأرسل محدثي ابنه لإحضارهما منه وهذا يؤكد بجلاء أن الحكومة قصرت تقصيراً شديداً في جانب صحة المواطنين وكان عليها أن تخصص مراكز محددة تعلنها عبر كافة أجهزة الإعلام ليحجز ويعالج فيها المصابون بداء الكورونا أو المشتبه بإصابتهم بها مع فتح كافة المشافي الأخرى لتباشر عملها كالمعتاد مع توفير الوقاية الكافية والحماية للأطباء وكافة الكوادر الطبية ولكن المؤسف أن هذا لم يحدث مع عدم توفر الدواء ونتج عن ذلك إصابات كثيرة بصدمات السكري والجلطات وأحياناً الشلل مع معاناة مرضي القلب ومن يداومون علي غسيل الكلي مع انعدام أنواع معينة من القطرة يحتاج لها بصورة منتظمة بعض مرضي العيون والأعمار بيد الله سبحانه وتعالي وبسبب هذا النقص الحاد في المشافي والدواء حدثت وفيات كثيرة وإن علي وزارة الصحة أن تقوم بواجباتها وتتحمل مسؤولياتها علي الوجه المطلوب وتكون علي قدر التحدي ولهذا كان المنتظر أن يتناول اللقاء مع رئيس الوزراء مثل هذه القضايا الهامة المرتبطة بهموم المواطنين .
وجلس السيد رئيس الوزراء في اللقاء التلفزيوني المشار إليه بكامل أناقته وبهدوء وذهن مرتب أدلي بإفادات عديدة واستوقفني في اللقاء حديثه كخبير اقتصادي عن محاور الإنتاج وتنوعها مما يستلزم أن يقف عنده المختصون في الجغرافية الاقتصادية وغيرها من التخصصات المرتبطة بهذا الموضوع كحديثه عن محور الأنهار ومحور الصمغ العربي وبقية الخمسة محاور ليتم وضع الخطط توطئة للتنفيذ وهذا أمر يحتاج لسنين عديدة علي المديين المتوسط و البعيد . و الوضع الآني يتطلب إيجاد معالجات للأزمات والضوائق المعيشية وكما يقولون فان ( الجيعان ما بنتظر فورة البرمة ) وعادت بي الذاكرة ثلاثين عاماً إلي الوراء حيث شهد الوطن في بدايات عهد الإنقاذ أزمات حادة ونقص في المواد التموينية والسلع الضرورية وفي تلك الظروف ظهر شاب يرتدي زياً عسكرياً وكان برتبة مقدم وعين نائباً لوالي الخرطوم ورغم أنه كان في نحو الأربعين من عمره أو أقل قليلاً إلا أن السلطة لم تغره وبهرجتها لم تخلب لبه وهو في تلك السن واختلط بعامة المواطنين وكان يتعامل معهم بعفوية ويتحرك في الأسواق والمخابز وإذا وجد كوشة لا يتواني في الوقوف بنفسه علي نقل ما بها وحرقها وبتلك العشوائية أو قل العفوية لم يكن يعرف تنميق الكلمات وكان يحب العمل الميداني وأطلق عليه لقب ( رامبو) وهو يوسف عبد الفتاح وفي مرحلة لاحقة أخذ جماعته في تهميشه وإبعاده بالتدريج والبلد الآن ليست بحاجة لرامبو واحد بل لعدد من (الرامبوات ) بكل عفويتهم (وعشوائيتهم غير الضارة ) ليختلطوا بالمواطنين في الأسواق والمخابز ومواقف المواصلات بلا قرضمة وفلهمة كما كان يفعل رامبو .
وذكر دكتور عبد الله حمدوك في اللقاء أنهم امضوا تسعة أشهر في الحكم وهي في تقديره غير كافية للحكم عليهم وبالطبع لا أحد يطالبهم بطفره هائلة ونهضة شاملة في تسعة أشهر ولكنه يطالبهم فقط بتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية باقتدار والتزام كما فعلت الحكومتان الانتقاليتان بعد ثورة أكتوبر في عام 1964م وانتفاضة ابريل في عام 1985م والمؤكد أن أداء تلك الحكومات الانتقالية كان أفضل من أداء هذه الحكومة الانتقالية التي أضاعت وقت البلاد والعباد في قضايا إنصرافية وأهدرت الطاقات والوقت في مسائل هي من صميم مهام الجمعية التأسيسية القادمة بعد أن يتم انتخابها وانعقادها بعد نهاية الفترة الانتقالية الحالية والمؤسف أن الأسواق شهدت وتشهد انفلاتاً لا مثيل وارتفعت الأسعار أضعافاً مضاعفة حتي أصبحت أمنية الجميع أن تعود الأسعار لما كانت عليه في اليوم الحادي عشر من شهر أبريل عام 2019م وعلي الحكومة أن تولي القطاعات الإنتاجية أقصي درجات اهتمامها وعلي رأسها الزراعة بشقيها المروى والمطري والحيواني وما يتبع ذلك من صناعات تحويلية . وذكر السيد رئيس الوزراء أن إنتاجية القمح لا سيما في مشروع الجزيرة وإمتداد المناقل كانت عالية وبحمد الله سبحانه وتعالي وفضله فإن البرد القارس في الشتاء كان له أثر كبير في رفع الإنتاجية وكان للمزارعين وكافة المنتجين دوراً كبيراً مشهوداً ( والخيل تجقلب والشكر لحماد ) …. وبكل أسف إن داء ومرض شهوة السلطة والتكالب حول المواقع قد أضر بالبلاد ونخشي أن يشهد الوطن منافسات شرسة حولها حين يحين موعد تشكيل المجلس التشريعي وتعيين الولاة وإعادة تشكيل الحكومة عند انتهاء مفاوضات جوبا ومن الواضح أن دكتور عبد الله حمدوك مؤهل أكاديمياً ومثقف ومحدث مرتب الذهن وعليه أن يتأمل في كلمات الشيخ العبيد ود بدر ( الحكم داير ضهر وداير قهر ) أي يحتاج لسند شعبي ويحتاج لحزم وشدة وصرامة عندما تقتضي بعض المواقف ذلك ليكون المسؤول بلغة العسكريين (مالي قاشو) وطالما هو المسؤول التنفيذي الأول فعليه المحاسبة ومواجهة كل مقصر في أداء واجبه مع رفض أي وصاية وأوصياء عليه .
وخاطب من أدار الحوار الأستاذ شوقي دكتور حمدوك أكثر من مرة قائلاً ( السيد الرئيس) وكما هو معروف يوجد رئيس لمجلس السيادة ولا يمكن أن يكون في البلد رئيسين يخاطب كل منهما بالسيد الرئيس . وينبغي مخاطبة كل منهما باللقب الرسمي الذي يحمله والفريق أول عبد الفتاح البرهان هو رئيس مجلس السيادة وبرتكولياً هو المسؤول الأول في السودان ودكتور عبد الله حمدوك هو رئيس الوزراء والمسؤول التنفيذي الأول في السودان وبينهما تكامل ولا بد من حفظ واحترام المقامات.
The post السودان: صديق البادي يكتب: اللقاء التلفزيوني مع دكتور حمدوك appeared first on الانتباهة أون لاين.