الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
ستالين الذي تولي زعامة الحزب الشيوعي وحكم بالحديد والنار بعد لينين كان حاكماً ديكتاتورياً باطشاً ودموياً فظاً سجن وعذب وقتل وسحل وارتكب فظائع كثيرة وتولى بعده خرتشوف سكرتارية الحزب الشيوعي وحكم الاتحاد السوفيتي وجُرد من سلطاته في الحزب والدولة بالتدريج في عام 1965م حتي تم عزله وكان عامل منجم ينتمي للطبقة العاملة وتدرج في الحزب الشيوعي من القاعدة حتي بلغ القمة وعرف بسلاطة اللسان والسخرية وسرعة البديهة والنكتة اللاذعة وفي أحد اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الشيوعي شن هجوماً لاذعاً شرساً علي سلفه ستالين ووصفه بالدموية والوحشية وعدم الإنسانية معللاً ذلك بأنه كان يعاني من حقد دفين وعقد نفسية مترسبة. وفتح الباب في الاجتماع لإرسال الأسئلة المكتوبة للمنصة ووجه احد أعضاء اللجنة المركزية رسالة مقتضبة لخرتشوف وصفه فيها بأنه جبان ولم يكن يجروء علي قول ما ذكره أمام ستالين عندما كان حياً وقرأ خرتشوف الرسالة علي الحاضرين دون أن يحذف منها حرفاً وطلب من صاحب الرسالة الذي لم يكتب اسمه أن يقف ويذكر اسمه ولم يقف احد وخاطبه خرتشوب قائلاً أيها الجبان الرعديد انك لم تذكر اسمك وخشيت أن ابطش بك وبذات القدر لم أواجه ستالين وأصارحه لخشيتي من بطشه .
والرئيس جمال عبد الناصر كان مثيراً للجدل في حياته وبعد مماته وله انجازاته وإخفاقاته وصفحاته البيضاء والأخرى السوداء ومن انجازاته الإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس وإقامة السد العالي الذي قدم السودان بسببه تنازلات وتضحيات كثيرة لمصر علي عهد عبد الناصر ولم ينل التعويضات المناسبة ولم يتم الوفاء بالعهد والالتزام بمنحه نصيب متفق عليه من كهرباء السد العالي ولعبد الناصر انجازات في مجال التعليم العام والعالي ولعهده صفحات سوداء في مجال حقوق الإنسان وفظائع ارتكبتها مراكز القوى وأجهزة البطش والدمويين من أمثال صلاح نصر وتم في ذلك العهد التنكيل بالإخوان المسلمين والشيوعيين علي حد سواء ومن الأخطاء الكبيرة الدخول في حرب اليمن كطرف من إطرافها والمشاركة في التدبير والتنفيذ من وراء ستار لعدد من الانقلابات العسكرية ببعض الدول العربية .أما في مجال العلاقات الخارجية فقد كان جون فوستر دلس وزير الخارجية الأمريكي علي عهد الرئيس ايزنهاور لا يستلطف عبد الناصر ووضع أمامه العراقيل في الحصول علي السلاح وفي إبرام اتفاقية لبناء السد العالي وعندما التقي عبد الناصر برئيس الوزراء الصيني شوان لاى لأول مرة في مؤتمر باندونق لرؤساء وزعماء دول عدم الانحياز في عام 1955م نشأت بينهما صداقة وساعده في إبرام صفقة سلاح من تشكوسلوفاكيا لمصر وقبل أن تنقسم الكتلة الشيوعية وتحدث القطيعة بين موسكو وبكين مهد شوان لاي الطريق لعبد الناصر ليمد جسور الوصل والتعاون مع الكتلة الشرقية وإبرام اتفاقية بناء السد العالي مع الاتحاد السوفيتي …. والمتفق عليه بين المؤيدين له أو المعارضين والمختلفين معه انه زعيم له كاريزما وخطيب مفوه بارع مؤثر وفترة حكمه تعتبر تجربة معتبرة في إطار زمانها وظروفها المحلية والإقليمية والدولية ولكن ليست له نظرية مكتوبة تنسب له تسمي الناصرية . وبعد وفاة عبد الناصر في شهر سبتمبر عام 1970م شن عليه البعض هجوماً ضارياً وكانوا في عهده صامتين أو من الذين كانوا يتقربون ويتوددون إليه ومنهم الكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي الذي طعن في ذمة عبد الناصر المالية وذكر إن له حسابات سرية في بعض البنوك السويسرية وغيرها في بنوك الدول الغربية وأورد أسماء تلك البنوك ليوحي ويوهم القراء بان ما يقوله صحيح وأصدرت تلك البنوك بيانات رسمية نشرتها علي الملأ ذكرت فيها إن عبد الناصر ليست له أي حسابات سرية أو علنية عندها وتوالت بعد ذلك شهادات الغربيين في صالحه والفضل ما شهدت به الأعداء واعترف عدد من العاملين في المخابرات الأمريكية وغيرها من المخابرات الغربية أنهم حاولوا تلويثه بالإغراءات المالية الضخمة ولكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً ورحل من الدنيا وهو لا يملك من حطامها شيئاً يذكر وعندما تولي الرئاسة عين احد أصحاب الشركات الكبيرة والد عبد الناصر عضواً بمجلس الإدارة براتب كبير وامتيازات مغرية وكان يسعي للتودد والتقرب للرئيس عبد الناصر الذي استدعاه وزجره لأنه إذا فتح ثغرة مثل هذه فان الثعالب سيستغلونها للسعي لإفساده وإفساد من حوله لئلا يقدر علي محاسبتهم ويتركهم يفسدوا ويبرطعوا كما يريدون ( وإذا كان رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص ) وهناك نماذج أخري لرؤساء اتسموا بالنزاهة وطهارة اليد مثل الرئيس الفريق إبراهيم عبود الذي كان في زيارة لألمانيا وفي معيته وزير خارجيته الأستاذ احمد خير المحامي وانكسرت نظارة الرئيس عبود وعلي عجل اشترت له السفارة السودانية هناك نظارة وأصر أن يعيد لهم ثمنها لأنه يستعمل النظارة استعمالاً شخصياً ودفع قيمتها من المال العام فيه شبهة فساد كما ذكر . ومن ذكريات الأستاذ احمد خير أن الرئيس عبود استقبل عدداً من الزوار الأجانب الرسميين بصالون منزله في يوم جمعة وقام العاملون بالمراسم بتقديم الخدمات وواجبات الضيافة المطلوبة واصدر الرئيس أوامره بان يسدد قيمة فاتورة ما قدم من حسابه الخاص لا من حساب الدولة والمال العام المؤتمن عليه لان الضيوف أتوه بمنزله ولأنه كان إنسانا ورعاً خشي أن تكون ولو قطعة موز أو برتقالة قد تسللت بعفوية ودون قصد لأهل منزله !!! وعندما عاد الرئيس جعفر نميري من رحلته من أمريكا ونزل بالقاهرة بعد سقوط حكمه كان أول فعله هو كتابة تقرير رصد فيه بالتفصيل كل منصرفاتهم في الرحلة وأرسل هذا التقرير للمشير سوار الذهب ومعه كل ما تبقي لهم من دولارات ليودعها في خزينة الدولة .
وكان عبد الناصر من المعجبين بكتابات الأستاذ توفيق الحكيم لا سيما عودة الروح ويوميات نائب في الأرياف ..والخ وكان الحكيم يقدره وبينهما ود متبادل وبعد وفاة عبد الناصر كتب ونشر الحكيم كتابه الشهير عودة الوعي وذكر أنهم كانوا في غيبوبة زالت !!! وإذا ربطنا بين الخوف الذي أشار اليه خرتشوف والغيبوبة التي ذكرها الأستاذ توفيق الحكيم . فان ملف الحريات في عهد الإنقاذ تحتاج لوقفات تفصيلية دقيقة ومنها الكبت والتضييق وفي مرات تتاح الحريات وفق لسياسة قل ما تشاء ودعني افعل ما اُريد . وتطبيق حرية (ارعي بي قيدك ) وإن الكثيرين يمثلون تياراً لم يكونوا طبولاً جوفاء عند الإنقاذ ولا ببغاوات تردد ما يعلنه المعارضون ويؤيدون ما يستحق التأييد ويعارضون بضراوة ما يستحق المعارضة . وبالطبع كانت توجد معارضة محترمة ومعارضون وطنيون شرفاء جديرون بالاحترام ويوجد معارضون مرتشون من الحكومة وغيرها وأيضاً يوجد معارضون عملاء للخواجات وغيرهم يسيئون لوطنهم ويأخذون منهم المقابل وهم غير جديرين بالاحترام .. إن نظام الإنقاذ قد مضي وانقضي وطويت صفحته ولم تعد تلك التجربة ملكاً لأحد أو جماعة وهي تجربة عامة أضحت بكل ما لها وما عليها ملكاً للشعب السوداني وآن أوان تقييمها وفتح صفحاتها وجرد حساباتها ورصد المعلومات والحقائق والارقام بكل تجرد وبلا عواطف ليأخذ منها الجميع في الحاضر والمستقبل الدروس والعبر.
The post السودان: صديق البادي يكتب: خرتشوف وتوفيق الحكيم والسودان appeared first on الانتباهة أون لاين.