حديث المدينة الأحد 27 يوليو 2025
حكومة تأسيس..
أُعلن أمس عن تشكيل حكومة موازية تتخذ من مدينة “نيالا” مركزا لها.. يرأس هيئتها العليا قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو، و نائبه قائد الجيش الشعبي لتحرير السودان-شمال عبد العزيز الحلو. بينما يرأس هيئتها التنفيذية محمد حسن التعايشي في منصب رئيس الوزراء.. و أعلنت أسماء حكام للاقاليم ويمثلون عضوية هيئة التأسيس العليا.
الاجراء محاولة يائسة لاحياء المشروع السياسي الذي أحرق من أجله الدعم السريع البلاد في حرب تجازوت شهرها السابع والعشرين.
بدأ المشروع بمحاولة لانقلاب عسكري للاستيلاء على السلطة صباح السبت 15 أبريل 2023 ، وبعد فشلها وفي سياق السيناريو “ب” لانقاذها تدحرجت الأوضاع بالتدريج نحو حرب تركزت أهدافها المعلنة في البداية، ضد قائد الجيش، ثم تحولت إلى شعارات سياسية تارة تتحدث عن الديموقراطية وأخرى عن دولة 56، و أخيرا وجدت أن العودة لحكاية الهامش والمركز – التي رفعتها حركات دارفور سابقا- كلها سقطت تحت وطأة الانتهاكات الواسعة للدعم السريع في حرب مكشوفة ضد المواطن أولا وثانيا وعاشرا..
مع الادانات الدولية و تفاقم الهزائم العسكرية التي أفلتت من قبضة الدعم السريع ولايات الوسط كلها بل و بات الجيش يدق بقوة أبواب ما تبقى من ولايات في الغرب.. تفتقت فكرة “حكومة موازية” للمنازعة في الشرعية.. مستغلة الفراغ التنفيذي والسياسي في البلاد نتيجة التلكؤ في تعيين رئيس وزراء وابتدار حكومة مدنية ذات مصداقية.
مشروع الحكومة الموازية ولد ميتا.. لن ينال الاعتراف الاقليمي ولا الدولي ، ولا حتى الداخلي .. لا في المناطق التي تحت الدعم السريع ولا غيرها.. وسيبقى مجرد ورقة ضغط تفاوضية قابلة للالقاء في سلة المهملات متى ما حققت أهدافها التكتيكية.
لكن كونها فكرة فاشلة لا يعني أن يترك لها الحبل على الغارب لتحملها الأمواج كيف ما شاءت لها الرياح.. من الحكمة أن تتبنى الحكومة السودانية منهجا فعالا للتعامل مع مجمل الأوضاع.. ففي الأفق حاليا اجتماع الآلية الرباعية في واشنطون، وهو مؤشر مهم على اهتمام دولي بالبحث عن حل لانهاء الحرب.. و إذا ظلت الحكومة السودانية تنظر إليه من زاوية المؤامرة و استسهلت اطلاق الاتهامات والنفخ في الشعارات الهتافية فإنها تسهل سيناريوهات تزيد الأوضاع في السودان تعقيدا.. بل واقترابا من خط الخطر الذي لا رجعة بعده.
استكمال تشكيل الحكومة أمر لا يقبل التأجيل أو التسويف.. وابتدار سياسة خارجية حكيمة و مؤثرة تستثمر الاهتمام الدولي ليصب في مصلحة الأجندة السودانية.
من المهم أن تتحرك الحكومة بايقاع أسرع.. ورشد أوفر..
نقلا عن جريدة التيار