اخبار السودانتقارير وحوارات

هل يحكم الإسلاميون السودان عبر الجيش؟

تحليل سياسي – بهاء الدين عيسى

في أول ظهور إعلامي له منذ سنوات، خرج أحمد هارون، أحد أبرز وجوه نظام البشير والمطلوب دوليًا لدى المحكمة الجنائية، من عزلته ليمنح وكالة “رويترز” مقابلة كشفت ما هو أبعد من مجرد رأي سياسي.

فقد بدا هارون وكأنه يطلق إشارة تحوّل استراتيجي في موقف “الحركة الإسلامية” السودانية، واضعًا على الطاولة خريطة طريق محتملة لعودتها إلى السلطة من بوابة الجيش، والحرب، والانتخابات المؤجلة.

بعيدًا عن العبارات الدبلوماسية التي اعتاد الجيش السوداني ترديدها بشأن “عدم التحالف مع أي حزب سياسي”، تحمل تصريحات هارون، ومضامين الوثائق التي استعرضها تقرير “رويترز”، دلالات مقلقة على وجود تقاطعات فعلية بين شبكات الإسلاميين ومفاصل الدولة العسكرية، في لحظة مفصلية من الحرب السودانية.

 

هل عاد الإسلاميون من البوابة الخلفية؟

منذ سقوط نظام البشير في 2019، ارتبطت “الحركة الإسلامية” في الوعي الجمعي بذاكرة دامية من القمع والفساد، ما دفع الجيش لتجنّب أي علاقة علنية بها. إلا أن الحديث عن مشاركة آلاف الإسلاميين في المجهود الحربي لصالح الجيش – يتراوح عددهم بين 2000 و3000 مقاتل – يشي بوجود تحالف أمر واقع.

هذه المشاركة، وفقًا للوثائق التي حصلت عليها “رويترز”، لم تكن رمزية، بل امتدت إلى تدريب مئات الآلاف من المدنيين ضمن حملة التعبئة العامة، وتسليح كتائب مثل “البراء بن مالك” بأسلحة نوعية، وهو ما يُفسّر بعض التحوّلات الميدانية لصالح الجيش.

 

ما بعد الحرب… “الانتخابات” بوابة العودة؟

رغم محاولاته التخفيف من وقع تصريحاته، أقر أحمد هارون بموقف واضح: “لن نعود إلى السلطة إلا عبر صناديق الاقتراع”، لكنه أرفق ذلك بدعوة صريحة لمنح الجيش دورًا دائمًا في الشأن السيادي، متحدثًا عن “صيغة للحكم” تضمن بقاء المؤسسة العسكرية كضامن وحاكم فعلي.

هذا التصور يحمل في طياته نزعة للالتفاف على أي انتقال ديمقراطي حقيقي، ويتقاطع مع رؤية متنامية داخل الجيش ترى في المشروع المدني المستقل تهديدًا لأمن الدولة ولبقاء السلطة الحالية.

 

واجهة تكنوقراط أم رافعة جديدة للإسلاميين؟

منذ تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء في مايو 2025، توالت التقارير حول تعيينات واسعة لشخصيات إسلامية أو محسوبة على النظام السابق في مفاصل الدولة العليا.

ورغم نفي الجيش لأي تحالف سياسي، فإن هذه التعيينات، فضلًا عن التنسيق الميداني بين الطرفين، توحي بوجود صفقة ضمنية، أو على الأقل قبول متبادل بالأمر الواقع الجديد الذي فرضته الحرب.

 

الحرب كفرصة… لا كمأساة

في خطاب أحمد هارون، كما في سرديات مصادر إسلامية وعسكرية استند إليها تقرير “رويترز”، لا تُقدّم الحرب ككارثة إنسانية مزّقت البلاد، بل كفرصة لإعادة ترتيب المشهد، واستثمار “التضحيات” لتبرير العودة السياسية.

الخطاب يستخدم مفردات الأمن القومي، والتهديدات الخارجية، والهشاشة الداخلية، لتسويغ بقاء الجيش في الحكم، مع الإيحاء بأن الشعب سيقبل بذلك من خلال “استفتاء” يختاره الجيش ويشرف عليه!

 

صعود الإسلاميين… بوابة لعزلة جديدة؟

عودة الإسلاميين – ولو عبر غطاء عسكري – ستكون مصدر قلق عميق في الإقليم، لا سيما لدول مثل مصر، والسعودية، والإمارات، التي تخشى من أي تمدد إخواني محتمل في المنطقة.

كما أن بروز شخصية مطلوبة دوليًا مثل أحمد هارون في قلب المشهد، يهدد بتقويض العلاقات المستقبلية للسودان مع الغرب والمؤسسات الدولية، ويزيد من تعقيد أزمة الشرعية السياسية في مرحلة ما بعد الحرب.

تصريحات هارون لم تكن مجرد موقف سياسي عابر، بل حملت ملامح مشروع مضاد للثورة وللانتقال الديمقراطي، يسعى إلى تحويل الجيش إلى مظلة عسكرية-إسلامية تعيد إنتاج النظام القديم بصيغة جديدة.

وإن لم تُقطع هذه الحلقة الآن، فقد يجد السودان نفسه، عقب انتهاء الحرب، أمام حكم عسكري بواجهة انتخابية إسلامية، تشرعن العودة إلى الماضي تحت لافتة “الاستقرار والسيادة”.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

بهاء  الدين عيسى

صحفي سوداني بارز، نال جائزة “أفضل إنجاز صحفي” ضمن مشروع كلمات سودانية من المؤسسة الفرنسية للتنمية، يُعرف بجرأته في التحقيقات الاستقصائية

تعليق واحد

  1. التجاني محمد السفوري🚨🚨 انتبهوا.. اللعبة الدولية بدأت تُجهز الملعب !

    ما وراء تقرير رويترز.. وأسرار ما يُطبخ قبل الرباعية في واشنطن!

    قبل أيام قليلة من جلسة الرباعية +2 (مصر..السعودية..الإمارات..الولايات المتحدة) في واشنطن..بدأت حملة إعلامية مدروسة لتوجيه الرواية الدولية والتحضير لمخرجات منحازة..وعلى رأسها تقرير رويترز الأخير الذي يحمل إشارات خطيرة يجب أن لا تمر مرور الكرام

    ✅ 1. محاولة استباق القرار الدولي وتوجيه الرواية:

    • شيطنة المعسكر الوطني عبر تضخيم “عودة الإسلاميين” لتصوير الجيش كحاضن لهم
    • تبييض صورة المليشيا التي ارتكبت الفظائع في دارفور والخرطوم والجزيرة وسنار..وتقديمها كضحية للثورة المضادة
    • تجهيز المسرح السياسي والإعلامي للضغط على الجيش السوداني للقبول بتسوية مشبوهة تعيد الشراكة بين الجلاد والضحية

    ✅ 2. تبرئة الإمارات بالكامل من دورها في دعم المليشيا:

    • لا ذكر واضح أو صريح للإمارات..رغم أنها الممول الرئيسي للطائرات والذخائر والمرتزقة
    • في المقابل..يُلمّح أن الجيش يقترب من إيران أو يتحالف مع الإسلاميين..في محاولة خبيثة لتحويل الأنظار والاتهامات

    ✅ 3. ابتزاز سياسي مبطن للجيش السوداني:

    • مضمون التقرير: إذا لم تقبلوا بالتسوية..سنستخدم “ورقة الإسلاميين” لضرب شرعيتكم
    • إنها محاولة لإرباك المشهد الداخلي وإضعاف وحدة الصف الوطني خلف الجيش

    ✅ 4. جلسة واشنطن ليست لدعم السودان بل للضغط عليه:

    • أمريكا تسعى لفرض تسوية تحفظ التوازن بين مليشيا ارتكبت مجازر وبين شعب يقاتل لاستعادة دولته
    • الإمارات تبحث عن مخرج آمن بعد انكشاف دورها التخريبي
    • السعودية ومصر تراقبان بحذر مآلات المشهد..في ظل تعقيدات إقليمية دقيقة

    💥 الرسالة الأوضح من كل هذا:

    ما يُراد فرضه ليس “سلامًا” بل تسوية تُغسَل فيها دماء المليشيا والإمارات..ويُعاد تدوير الجريمة تحت شعار “الانتقال المدني”وتُفرض على شعب لم يُهزم..ولم يُساوم..ولن يُخدع مجددًا

    هذه ليست معركة بنادق فقط..بل معركة رواية..ومعركة وعي..ومعركة إرادة

    ✊🏻 الشعب السوداني يجب أن يكون يقظًا…
    فمستقبل السودان لا يُصاغ في تقارير رويترز ..ولا يُرسم في مكاتب أبوظبي أو واشنطن…
    بل يُكتب الآن على الأرض..بدماء الأبطال في معركة الكرامة

    🔴 والجيش السوداني..كغيره من المؤسسات الوطنية..يستمد شرعيته من إرادة الشعب ومواقفه الصلبة..وليس من مواقف الخارج أو تقارير الوكالات

    ✳️ نقطة أخيرة مهمة:

    من حق أي مواطن أو حزب أن يدافع عن بلاده ضد الغزاة والمرتزقة

    #السودان_ينتصر
    #معركة_الكرامة
    #لا_لشرعنة_المليشيا
    #جيش_واحد#شعب_واحد
    ✍️ مكاوي الملك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى