ضبطت السلطات بمحلية الخرطوم موقعًا خطيرًا استخدمته مليشيا مسلحة كمعمل عشوائي لاستخلاص الذهب من مخلفات التعدين باستخدام مواد كيميائية محظورة، في منطقة سوبا الحلة السكنية. الموقع مثّل خرقًا جسيمًا للقوانين البيئية والمعايير الصناعية، إذ يُمنع استخدام هذه المواد داخل المناطق المأهولة نظراً لما تشكله من تهديد مباشر على صحة السكان والبيئة المحيطة.
التحقيقات كشفت أن المعمل كان يعتمد على مادة السيانيد شديدة السمية، التي يُحظر استخدامها إلا بإشراف مباشر من وزارة المعادن، وفي مواقع مخصصة ومعزولة بعيدًا عن التجمعات السكانية. وجود هذه المادة الخطرة في قلب منطقة سكنية يرفع من احتمالات حدوث كارثة بيئية أو صحية في حال تسربها إلى المياه الجوفية أو الهواء.
كما تم العثور داخل الموقع على عدد من القوارب النيلية المستوردة، كانت تُجهز لاستخدامها في نقل مخلفات التعدين أو لعبور النيل، ما يشير إلى وجود بنية لوجستية ممنهجة تُدار بسرية تامة، بما يعزز الشكوك حول استغلال المليشيا للأنهار في تنفيذ أنشطة غير مشروعة تشمل تهريب الموارد أو تنقل الأفراد عبر مسارات مائية بعيدة عن أعين السلطات.
في أعقاب هذه التطورات، أصدر المدير التنفيذي لمحلية الخرطوم ورئيس لجنة الأمن بالمحلية، عبدالمنعم البشير، قرارات عاجلة بإغلاق الموقع وتحريزه بالكامل، مع منع الاقتراب منه إلى حين وصول الفرق الفنية المختصة للتعامل مع المواد الكيميائية السامة وضمان سلامة البيئة والسكان. كما تم توجيه فرق المسح لإجراء تقييم شامل للمنطقة وتحري مواقع أخرى يُحتمل أن تكون استُخدمت في أنشطة مشابهة.
هذه الواقعة تعكس مؤشرات مقلقة لتوسع الأنشطة غير القانونية التي تمارسها المليشيا المسلحة في ظل تدهور الأوضاع الأمنية بالعاصمة، حيث تستغل بعض الأحياء الطرفية لإقامة منشآت عشوائية، إما لاستخلاص المعادن أو تصنيع مواد خطرة. استمرار هذه الأنشطة يمثل تهديدًا متصاعدًا يتطلب استجابة أمنية وبيئية عاجلة لتفادي ما قد يتحول إلى كارثة يصعب احتواؤها.
