نهب حقل نفطي سوداني… الدعم السريع يواصل تفكيك الدولة من تحت الأرض
أقدمت مليشيا الدعم السريع على تفكيك منشأة نفطية في حقل نيم النفطي بولاية جنوب كردفان، أحد أبرز الحقول النفطية في المنطقة، في خطوة وُصفت بالخطيرة على مستقبل القطاع النفطي في السودان. هذا التصعيد يعيد إلى الأذهان وقائع نهب المتاحف السودانية وسرقة مقتنياتها الأثرية النادرة، ما يعكس نمطاً متكرراً من الاستهداف المنظم لمقدرات الدولة.
وتخضع معظم الولايات المنتجة للنفط في السودان لسيطرة قوات الدعم السريع، التي قامت بتخريب آبار النفط والبنى التحتية المرتبطة بنقل البترول في ولايات جنوب كردفان، جنوب دارفور، وغرب كردفان. وكان حقل نيم قد أُغلق قسريًا في أكتوبر 2022 من قِبل محتجين قاموا أيضاً بقطع خط أنابيب مزيج النيل الواصل من هجليج إلى مصفاة الخرطوم ثم إلى بورتسودان.
وأفادت مصادر ميدانية بأن المليشيا قامت بتفكيك الهناكر في حقل نيم وتجميعها في شاحنات نُقلت إلى منطقة تُعرف بـ”سوق النعام”، حيث تم تفريغها هناك، ثم أعيد تحميلها في شاحنات أخرى توجهت جنوبًا نحو حدود دولة جنوب السودان. هذه العملية تشير إلى وجود تنسيق واضح مع شبكات تهريب منظمة تعمل على نهب الثروات الوطنية ونقلها خارج البلاد.
يُذكر أن حقل نيم تم اكتشافه في عام 2006، ويقع في المربع النفطي رقم 4 الذي كان محل نزاع سابق بين شمال وجنوب السودان. وبدأ الإنتاج الأولي للحقل بنحو 24 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، وسرعان ما وضعت شركة النيل الأزرق، التي تتولى تشغيله، خطة لزيادة الإنتاج إلى 40 ألف برميل يوميًا. وعلى الرغم من إعلان الشركة وجود احتياطيات ضخمة من النفط الخام والغاز المصاحب، فإن حجم هذه الاحتياطيات لم يُعلن رسميًا.
وحظي المشروع بتمويل بلغت نسبته 75% من شركة روسية و25% من الحكومة السودانية، ولاقى اهتمامًا كبيرًا من وزارة الطاقة، حيث تضمن خطة لإنتاج نحو 24 ألف أسطوانة غاز طهي يوميًا، إلى جانب إنتاج كميات من وقود الديزل.
مراقبون اقتصاديون حذّروا من خطورة هذه الاعتداءات المتكررة على المنشآت النفطية، لما تمثّله من تهديد مباشر لأحد أهم مصادر الدخل القومي، مؤكدين أن تدمير هذه البنية التحتية يعمّق الأزمة الاقتصادية ويُقوّض أي جهود لإعادة الإعمار أو إنعاش الاقتصاد المنهك.
في المقابل، طالب ناشطون مدنيون وسكان من جنوب كردفان المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بالتدخل العاجل، والضغط لوقف عمليات النهب والتخريب الممنهج، ودعوا إلى إدراج هذه الانتهاكات ضمن جرائم الحرب، خاصة أن آثار بعضها امتدت إلى خارج حدود السودان، بما يشير إلى أبعاد إقليمية لعمليات النهب.