الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
《1》
بالأمس كنتُ اتجاذب أطراف الحديث مع صديق شيوعي عزيز عليَّ ،احترمه وأحبه لصدقه وسلامة دواخله، وجاءت مناسبة الحديث عن الحملة المستعرة بالأسافير في مواجهة زعيم حزب الأمة الصادق المهدي، فلم يتردد في الاعتراف بأنهم سيقفون مع أي حاجة ضد الصادق لأنه كان وراء طرد نوابهم من البرلمان عام 1965 على حد تعبيره…
《2》
قبل يومين أيضاً تواصلت معي إحدى الإعلاميات لإجراء حوار معي عبر الفيديو ، وهي عادة تعطي ضيفها حق اختيار أحد المحاور ، ولما اخترتُ ضمن المحاور موقف الصادق المهدي من الثورة والحملة المشتعلة ضده وحزبه، سألتني وهل ستقول نفس رأيك الذي كتبته في “عمودك” من قبل…قلتُ نعم، قالت :(أنا ضد الصادق لأنه متواطيء مع الكيزان ولايمكن ان أروِّج لموقف مساند له لأن هذا سيدخلني في حرج)، ولهذا انتهى الحوار عند هذه النقطة..
《3》
يتمدد يقيني يوماً بعد يومٍ ويترسّخ ساعةً بعد ساعةٍ بأن الخطر على الفترة الانتقالية لن يأتينا من “الكيزان”، فهؤلاء قد وضعتهم الثورة في “فتيل” لن يخرجوا منه ، وقد سقط نظامهم الفاسد، وذهبت ريحهم وضاع مُلكهم ، وتصدّع بنيانهم من القواعد وخرَّ السقف على رؤوسهم ،واُودع قادتهم السجون فمنهم من ينتظر المحاكمة، ومنهم من ينتظر الموت الرحيم من سوء الحالة النفسية التي يعيشها الذين ظلموا منهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
وقبل أن أحدثكم عن الخطر الحقيقي على الثورة، أقول أصبح الحديث عن الدولة العميقة، والثورة المضادة مسخ مشوه وإلهاء وتبرير للفشل والتقصير، فالثورة الآن كسبت أرضية جديدة وتأييد شعبي عارم رغم النكبات والضائقات والأزمات وتحولت إلى دولة بمؤسساتها وأجهزتها التنفيذية والتشريعية والقضائية وباتت اكثر رسوخاً وتمدداً في النفوس، وبإمكانها أن تُشرِّع القوانين بواسطة (المجلس السيادي ومجلس الوزراء)، وتنفذ كل الخُطط والبرامج عبر أجهزتها التنفيذية، وتحاكم بمنظومتها العدلية وجهازها القضائي المستقل كل من يثبت فساده وثراؤه الحرام وأكله أموال الشعب بالباطل، وكل الذين استفادوا من نظام “الكيزان” عبر العلاقات والصداقات والمصاهرات و”الانتهازية” …
الآن كل شيء بيد (دولة الثورة)، ولم يعد هناك جهاز يتحكم فيه “الكيزان”، وإلا فإن ذلك يعني أن ترحل السلطة القائمة الآن غير مأسوف عليها فكيف تعجز بعد أكثر من عام عن (تنظيف) أجهزة الحكم من بقايا النظام المخلوع؟!!!.إذن في هذه الحالة تصبح المشكلة في حكومة الثورة وليس (الكيزان) الذين استجابوا للإقالات وأعلنوا استعدادهم للمحاكمات فلماذا لم تحاكمهم حكومة الثورة حتى الآن ، هذا هو السؤال الذي يَلحُ ويؤرق كل ذي ضمير، ويشوه العدالة، والحرية واهداف الثورة..
《4》
أعود للخطر الحقيقي على الثورة، وأقول أن بعض مكونات قوى التغيير صغيرة الحجم عالية الصوت قليلة الوزن تحاول الآن جعل (الثورة) أداة لتصفية الحسابات والثأرات القديمة وإقصاء المنافسين وعزلهم و”تدبيج” الحملات الإعلامية لاغتيال أبرز المنافسين لهم وذلك عن طريق بث الشائعات ، ولعل ذلك يظهر في الحملة الشعواء التي يتعرض لها حزب الأمة وزعيمه الصادق المهدي حالياً بعد محاولة الحزب تسليط الضو على بؤرة التشوهات بجسم الحرية والتغيير ، فإذا قُدر لك أن تكون عضو بمجموعة “واتساب” أو “فيسبوك” ستجد نفسك أمام سيل من المقالات السمجة والمغالطات التي تصوِّر زعيم حزب الأمة وكأنه عضو بالمؤتمر الوطني وتشير إلى “كوزنة” الرجل وحزبه، كما لو أنه شارك “الإنقاذ” في كل مساويها ومخازيها وفسادها حتى الحادي عشر من إبريل 2019، بينما سكتت الحملة عن قوى سياسية شريكة في نظام “الانقاذ” حتى سقوطها، ومن عجب أن بعض مروجي الحملة كانوا من شركاء النظام المخلوع في مراحل حكمه المختلفة..بل أن الحملة ركزت بشكل أساسي على عزل حزب الامة وزعيمه وصنفتهما على أنهما أعداء للثورة ، وتركت الحملة أعداء الثورة الحقيقيين (الفلول) الذين يشعلون الاسافير بالشائعات التي لم يعد شي امامهم غيرها، وأيضاً تركت الحملة الرعناء الذين باعوا دماء الشهداء بالتغافل والتواطوء، وللأسف هؤلاء يحدثوننا اليوم باسم الثورة وهم قد باعوا دماء شهدائنا…
وفي رأيي أن هذا الجنوح المفضوح لتصفية الحسابات والثأرات القديمة، ومحاولة تشويه سمعة المنافسين يُفرغ الثورة من كل شعاراتها (حرية سلام وعدالة)، ويحولها إلى أداة في يد “البلطجية” لضرب المنافسين باسم الثورة، وخطورة هذا الأمر أنه يفتُّ عضد الثورة ويزرع الفتنة بين مكوناتها ويضرب أعمدتها الأساسية، وزادت وطأة الحملة بعد مذكرة حزب الامة (العقد الاجتماعي)، لأن هذا العقد يصوب على التشوهات والغيوم التي يتخفى حولها الصغار لسرقة الثورة والتكويش عليها تحت الغمام، ولأن هذا العقد يدعو إلى اصلاح وهيكلة قوى التغيير وهي نفس الأفكار التي يدعو لها رئيس المؤتمر السوداني عمر الدقير، ولأن الاصلاح لا يأباه إلا المنحرف..
《5》
ومثلما تقوم بعض القوى الصغيرة ضعيفة الوزن بهذا العمل لضرب منافسيها بهذه الطريقة المفضوحة يقتفي ذات الأثر إعلاميون وصحافيون عاطلون عن المواهب فاشلون في مسيرتهم الصحافية ، وفاسدون ثبت فسادهم ، يقتفون ذات الأثر في استمرار تحريض الحكومة على اغلاق مؤسسات إعلامية مستقلة منافسة بحجة أن ناشريها (كيزان)،وأنها مؤسسات معادية للثورة، رغم ان هذه المؤسسات كشفت فساد النظام ورموزه وهم في قمة تسلطهم ، وفي وقت كان هؤلاء (المرتجفون) يمشون ب (الحيط) يهادنون النظام و(يبارون) قياداته ووزرائه في رحلاتهم الداخلية والخارجية مدفوعة الثمن، والله يشهد أني صادق فيما أقول، وسنعود لهؤلاء بالاسماء والوثائق…
《6》
أعود وأقول أن هذا الجنوح والانحراف بالثورة واستخدامها كأداة لضرب المنافسين و(كوزنتهم) لتبرير إقصائهم وإبعادهم عن المشهد لهو خطرٌ أشدُّ وطأة من جائحة (كورونا)،
فقد يصيب منا “فايروس” كرونا حتى انتهاء الجائحة عشرة آلاف سوداني، وقد يقتل ألفاً أو إثنين أو ثلاثة، ولكن فايروس (تصفية الحسابات) والذي بدأ في الإنتشار قد يصيب كل السودان بالشلل التام، وقد يقتل كل الوطن، وكل الآمال والأحلام، وقد يدمر كل شيء باسم الثورة وتحت حمايتها ومؤسساتها، ضعوا لها “الفايروس” حداً بتثبيت دولة القانون والحقوق والواجبات، وإعلاء شأن المؤسسات ، وبث الوعي وترسيخ الممارسة الديمقراطية الراشدة من أجل تداول سلمي للسلطة عبر المنافسة الشريفة عن طريق الانتخابات الحرة والنزيهة، وإن لم تفعلوا فإن “فايروس” تصفية الحسابات و”البلطجة” سيقضي على كل الوطن ولن ينفع بعدها الندم….اللهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
The post السودان: أحمد يوسف التاي يكتب: كوزنة الصادق المهدي appeared first on الانتباهة أون لاين.