مؤشر الفساد 2024.. تراجع عالمي قياسي ودول كبرى تفقد نزاهتها
متابعات - الراي السوداني

متابعات – الراي السوداني – كشف تقرير مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، عن تراجع حاد في جهود مكافحة الفساد في العديد من الدول، حيث سجلت 47 دولة أدنى مستوياتها منذ اعتماد المنظمة لمنهجيتها الحالية في عام 2012.
وأكد التقرير أن الفساد لا يزال يمثل تحديًا عالميًا خطيرًا، حيث لم تحقق الجهود المبذولة للحد منه تقدماً ملموساً.
وأشار التقرير إلى أن الفساد يلقي بظلاله على الجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ، إذ يعرقل غياب الشفافية والمساءلة الاستخدام السليم للتمويلات المخصصة لهذا المجال، مما يزيد من احتمالات اختلاسها أو إساءة توظيفها.
كما يؤثر نفوذ القطاع الخاص بشكل غير ملائم على السياسات المناخية، مما يضعف قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة.
يعتمد المؤشر على تحليل 13 مصدراً للبيانات، تشمل البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي ومؤسسات استشارية متخصصة في تقييم المخاطر. ويصنف التقرير 180 دولة وفق مقياس من 0 إلى 100، حيث تمثل الدرجة الأعلى الدول الأكثر نزاهة والأدنى الأكثر فساداً.
وأوضح التقرير أن المتوسط العالمي لم يتغير عن العام الماضي، حيث استقر عند 43 نقطة، مع حصول أكثر من ثلثي الدول على أقل من 50 نقطة.
حافظت الدنمارك على صدارة المؤشر برصيد 90 نقطة، تليها فنلندا بـ88 نقطة، ثم سنغافورة بـ84 نقطة، في حين تراجعت نيوزيلندا إلى المركز الرابع بعد انخفاض درجتها إلى 83 نقطة.
وعلى النقيض، تذيل جنوب السودان القائمة مسجلاً 8 نقاط فقط، ليحل محل الصومال الذي انخفض إلى 9 نقاط، فيما جاءت فنزويلا وسوريا ضمن الدول الأكثر فساداً بدرجات متدنية.
شهدت الولايات المتحدة تراجعاً ملحوظاً، حيث انخفضت من 69 إلى 65 نقطة، متراجعة بذلك من المركز 24 إلى المركز 28.
وأشار التقرير إلى أن الانتقادات الموجهة للقضاء الأميركي، رغم اعتماد المحكمة العليا مدونة أخلاقية لأول مرة في 2023، تسببت في إثارة تساؤلات حول فاعلية القواعد الجديدة وآليات إنفاذها.
كما سجلت دول غربية أخرى تراجعاً، من بينها فرنسا التي خسرت أربع نقاط وانخفضت إلى 67 نقطة، وألمانيا التي تراجعت بثلاث نقاط إلى 75، مما أدى إلى تراجعها ستة مراكز لتتساوى مع كندا التي فقدت نقطة واحدة.
المكسيك شهدت أيضاً انخفاضاً بخمس نقاط، حيث سجلت 26 نقطة بسبب فشل النظام القضائي في التصدي لقضايا الفساد الكبرى.
ورغم تعهدات الرئيس السابق أندريس مانويل لوبيز أوبرادور بمحاربة الفساد، انتهت فترة ولايته دون تحقيق إدانات ملموسة أو استعادة أصول منهوبة. وفي أوروبا، انخفضت سلوفاكيا خمس نقاط إلى 49 نقطة، مع تآكل الضوابط المناهضة للفساد تحت قيادة رئيس الوزراء روبرت فيكو.
أما روسيا، التي شهدت تراجعاً مستمراً في السنوات الأخيرة، فقد خسرت أربع نقاط إضافية مسجلة 22 نقطة فقط، حيث أرجع التقرير ذلك إلى زيادة الاستبداد بعد الغزو الكامل لأوكرانيا في 2022.
ورغم تراجع أوكرانيا نقطة واحدة إلى 35، أشار التقرير إلى أنها تحقق تقدماً في استقلال القضاء وملاحقة الفساد على المستوى العالي.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وصف التقرير وضع مكافحة الفساد بأنه قاتم، حيث يسيطر القادة السياسيون على السلطة بينما يستفيدون من الثروات الوطنية ويقمعون المعارضة.
إلا أن التقرير أشار إلى بروز فرص غير متوقعة للتغيير، لا سيما في أعقاب تراجع سيطرة الحكومة السورية. أما في أفريقيا جنوب الصحراء، فقد سجلت المنطقة أدنى متوسط نقاط بين جميع المناطق، حيث بلغ 33 نقطة فقط.
أوضح التقرير أن حكومات منطقة آسيا والمحيط الهادئ لا تزال متأخرة في الوفاء بتعهداتها بمكافحة الفساد، مما يعكس تراجع الالتزام السياسي في العديد من الدول بهذه القضية الحيوية.
ويؤكد التقرير أن محاربة الفساد تتطلب جهوداً أكثر فاعلية لضمان الشفافية والمساءلة في مختلف القطاعات، لا سيما في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية المتزايدة.