تجمع الصيادلة المهنيين
بيان حول الوضع الدوائي في السودان
إن الحرب التي أشعلتها مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) للاستيلاء على الدولة السودانية تسببت في تفاقم سوء الوضع الصحي بصورة عامة والوضع الدوائي بصورة خاصة، لا سيما وقد تعمّدت استهداف المؤسسات الصحية والصيدلانية خاصة في ولاية الخرطوم المركز الرئيسي للإمداد الدوائي في السودان لتواجد معظم الشركات والمصانع الدوائية والمخازن الرئيسية للإمدادات الطبية بها.
حيث هاجمت المليشيا الإمدادات الطبية في بداية الحرب، وتعرضت بالنهب والإتلاف ل(٤١) شركة دوائية و (١٢) مصنع أدوية تمثل قرابة ال٥٠% من المصانع الدوائية بالإضافة لاستحالة تواصل الإنتاج والعمل في البقية، هذا الاستهداف كان له كبير الأثر على وفرة الأدوية في كل أقاليم السودان ويمكن إجماله في شح وغلاء أدوية القطاع الخاص والأدوية التي توفرها الإمدادات الطبية، مثل الأدوية الأساسية، والأدوية المنقذة للحياة، وأدوية مرضى السرطان والسكري والملاريا والأزمة الصدرية و مستلزمات غسيل الكلى، القساطر القلبية وصبغة الأشعة وعدد من المستهلكات الطبية، ويختلف حجم النُدرة وصعوبة الحصول على الدواء من ولاية لأخرى على حسب استقرار الإمداد ودرجة الأمان وحجم الضرر الواقع على المؤسسات الصيدلانية في الولاية المعنية.
حيث تعاني ولاية الخرطوم ندرة في مختلف الأدوية وخاصة أدوية الطوارئ والمستهلكات الطبية في صيدليات المستشفيات نتيجة لتوقف الإمدادات الطبية، بالإضافة لتضرر مخازن صندوق الدواء الدائري الرئيسية ببحري، ونهب بعضها وصعوبة الوصول لبعضها الآخر. كما يعاني المرضى من صعوبة الوصول للأدوية نسبة لخطورة الحركة، وخروج عدد كبير من الصيدليات عن الخدمة نتيجة نهبها من المليشيا أو المتفلتين حيث تم نهب (216) صيدلية، من بينها (103) صيدلية في مدينة الخرطوم، (48) صيدلية بأمدرمان، و (65) صيدلية بمدينة بحري، مع توقعات بأن العدد الحقيقي يمثل أضعاف ما تم رصده حتى الآن خاصة في ولاية الخرطوم ودارفور.
الولايات تعاني من عدم استقرار الإمداد الدوائي مع نقص حاد في أدوية الطوارئ ومستهلكات نقل الدم وفي أدوية الأمراض المستديمة مثل أدوية ارتفاع ضغط الدم والسكري وأدوية الغدة الدرقية بالإضافة للمضادات الحيوية والفلاجيل وشرابات الأطفال وحتى البندول، كما تعاني من انعدام أدوية الأمراض النفسية والعصبية مما قاد لحدوث عدد من حالات الانتحار وتدهور الوضع الصحي لعدد كبير من المرضى.
ولايات دارفور المختلفة تعاني من نقص حاد في أدوية الطوارئ وأكياس ومستهلكات نقل الدم بالمستشفيات القليلة العاملة، كما تعاني من شح في الأدوية بشقيها المحلي والمستورد وقلة في منافذ تقديم الخدمة الصيدلانية نتيجة للظروف الأمنية أو لتعرضها للنهب، حيث تضررت معظم صيدليات مدينة الجنينة وبعض شركات توزيع الأدوية والصيدليات في مدينة نيالا، بالإضافة لتدمير بعض مخازن الإمدادات الطبية بولايات دارفور.
ولايات كردفان تواجه شح وغلاء الأدوية لضعف الإمداد الدوائي نتيجة لهجمات مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) على الطرق السفرية وتواصل عمليات نهب المركبات أو مصادرة الأدوية أو فرض الإتاوات، كما تم نهب (6) صيدليات في مدينة الابيض.
ساهم نقل مخزون بعض المصانع والشركات والصيدليات، وانتقال بعض شركات التوزيع الدوائية في تخفيف حدة الندرة الدوائية وابطاء أثرها في الولايات خارج الخرطوم، كما ساهم تدوير الدواء بين منافذ الخدمة العاملة ونقل مخزون المنافذ المتوقفة عن العمل للمنافذ العاملة، والمساهمات الشعبية، والمنظمات في تقليل حجم النقص بولاية الخرطوم وهو ما لن يدوم طويلاً، لذلك نحذّر في تجمع الصيادلة من تفاقم الندرة الدوائية في الفترة القادمة ما لم تتم معالجات عاجلة ومستدامة تضمن استقرار الإمداد الدوائي لولايات السودان المختلفة، لذلك نطالب وزارة المالية بتخصيص الموارد المالية اللازمة للصندوق القومي للإمدادات الطبية للقيام بدوره في توفير الأدوية الأساسية وأدوية الطوارئ والمستهلكات والمعدات الطبية. كما نطالب المجلس القومي للأدوية والسموم بالاستمرار بالقيام بدوره في وضع الخطط بما يتناسب والوضع الطارئ والعمل على تخفيف حدة الندرة وإصدار التقارير الدورية وتسريع الإجراءات المتعلقة بالأدوية ونقل المقار وانشاء المستودعات الجديدة والقيام بالدور الرقابي على المنح والهبات والتأكد من صلاحيتها وتخزينها ومأمونيتها.
كما ندعو شعبنا بتجميع الأدوية الفائضة في المنازل وتسليمها لأقرب صيدلية لتتكفل بمراجعة صلاحيتها وتحديد إمكانية استخدامها حتى تساهم في تخفيف الأزمة الحالية، ونطالب المنظمات الصحية المحلية والإقليمية والدولية للاضطلاع بدورها تجاه الشعب السوداني وحقه في الحصول على الرعاية الصحية والدواء.
وفي ظل هذه الندرة وصعوبة حصول على الدواء ندين ونستهجن صمت وغياب الصندوق القومي للإمدادات الطبية طوال هذه الفترة عن إصدار التقارير وتنوير المواطنين حول الوضع الدوائي، كما ندين ونستنكر القرارات الصادرة من المجلس القومي للأدوية والسموم
والمتعلقة بالسماح باستيراد الأدوية المصنعة في جمهورية سوريا التي تم ايقاف الاستيراد منها سابقاً لعدم التأكد من مأمونية منتجاتها، وقرار السماح باستيراد الأدوية في طور التسجيل ونعتبرهما استغلالاً لحالة الحرب لتمرير قرارات لا تخدم الوفرة الدوائية أو مصلحة المريض في الحصول على دواء آمن وفعّال، بل تهدف لتمكين مجموعات معينة تحت غطاء الحوجة لذا نطالب بالعدول عن هذه القرارات والتركيز على تسهيل إجراءات توفير الأدوية المسجلة سلفاً وما يخدم المريض السوداني ويساعد في استقرار الإمداد الدوائي.
إن حالة الحرب التي تمر بها بلادنا تتطلب تكاتف الجهود وأن يقاتل كل منا في مكانه والقيام بدوره والالتزام بواجباته ومن هنا نؤكد فخرنا واعتزازنا بكل الزملاء المرابطين في المستشفيات والصيدليات في ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان وكل المتطوعين والمتطوعات في خدمة أهلنا الكرام في كل بقاع السودان وندعو مؤسسات الدولة لاستشعار المسؤولية والقيام بواجباتهم تجاه الشعب السوداني.
تجمع الصيادلة المهنيين
٣٠ يوليو ٢٠٢٣