مقالات

عثمان ميرغني يكتب الاعتداء على المواطن إدريس همت

بأسى كبير شاهدت فيديو للشاب إدريس هِمت يتحدث من سرير المستشفى عن واقعة مؤلمة للغاية، اإحتجازه في مقر للشرطة بولاية كسلا وتعرضه للتعذيب الشديد لعدة أيام ثم إطلاق سراحه بعد أن شارف على الموت.. وتواصلت مع بعض معارفه للتأكد من الوقائع وعلمت أنه نُقل إلى الخرطوم أمس لتلقي مزيد من العناية الطبية ومحاولة إنقاذ الكلية التي تعطلت نتيجة الضرب عليها..

وعلمت أن والي ولاية كسلا ومدير شرطة كسلا وبعض المسؤولين زاروه، بينما تضامنت معه قيادات سياسية وأهلية ، وقرأت بياناً صادراً من مفوضية حقوق الإنسان تسرد الإجراءات التي باشرتها ومنها زيارة أحد مسؤوليها للمعتدى عليه..

وحتى هذه اللحظة لم يصدر بيان من رئاسة الشرطة أو حتى شرطة كسلا لتوضيح ما حدث بالضبط والإجراءات التي اتخذت.

هذه القضية خطيرة من زاوتين:

الأولى: مثل هذه الممارسة تشين لسمعة الشرطة التي تحتاج إلى دعم المواطنين وولائهم لأداء مهامها الكبيرة في حفظ الأمن والمجتمع، فإذا تطور الخوف ليصبح من الشرطة نفسها فإن ذلك يهدم عماد الأمن في البلاد كلها.

الثانية: معلوم أن النيابة هي الجهة التي تتولى التحري في القضايا الجنائية،فأين النيابة هنا؟ كيف يحتجز شخص كل هذه الأيام دون علم النيابة؟ وهل أطلق سراحه بعلم النيابة؟

نقدر كثيراً مجهودات الشرطة في كل أنحاء السودان لحفظ الأمن ونعتز بالمجهودات التي تبذلها في كشف الجريمة مهما كانت غامضة، لكن بكل أسف حادثة واحدة مثل هذه تهدر كل هذا المجهود و تراكم الغبن و تهز الثقة ليس لكونها حدثت فحسب بل لكونها تحدث بمثل هذه السهولة وفي المدن الكبرى مثل كسلا، فكيف بالمناطق النائية .

والذي يزيد الخوف هنا محاولة طمس الجريمة بتهديد المجنى عليه و مطالبته أن يصمت بل و أن يكذب بشأن حالته الصحية ، فهذا قد يعني عملياً أن الفعل تجاوز القصد إلى إخفاء الأثر وتضليل العدالة.

من الحكمة أن تبين الشرطة بالفعل وليس بالقول وحده كيف تواجه مثل هذا السلوك، وحتى لا تصبح السلطة التي منحها لها الشعب لحفظ أمنه نقمة عليه.

المصدر: جريدة التيار

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى