تعيش الدنيا هذه الأيام في تحولات كبرى في كل الجوانب، ولكن أهمها الجانب الاقتصادي ومن ثم العسكري.
العالم الآن يمر بزلزال اقتصادي كبير هو الأقوى والأضخم في التاريخ، وهذا الزلزال سيكون كبيراً جداً، وواحدة من تأثيراته ستكون الحرب العسكرية الغربية ضد الصين وروسيا، والمتوقعة في نهاية المطاف
ولكن متى يحدث ذلك؟ فهي كالماء يبدأ المسيل قليلاً قليلاً ثم يكبر حتى يكون فيضاناً.
الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية ليست وليدة حرب روسيا وأوكرانيا، ولكن كانت سبباً في مضاعفاتها وتسريع وتيرتها.
أمريكا وأوروبا يواجهان منذ مدة خطر التضخم وغلاء الأسعار، وعدم قدرة المواطن على الشراء والعيش، وكذلك عدم إمكانية سداد ديون العالم وانهيار البورصات والمصارف والعملات، وذلك ينتهي إلى حدوث حدث يتوقع أن يكون الأكبر في تاريخ البشرية.
ومعلومٌ أن التضخم الآن لا يتجاوز ٢٪ سنوياً، وتدخل أي دولة مرحلة الخطر الوجودي حال وصل إلى ١٠٪.
الآن التضخم في أوروبا فاق الـ٨٪، وبلغ في أمريكا حوالي الـ٩٪ وهو أمرٌ لم يحدث في تاريخ هذه البلدان.
ولمعالجة التضخم نحتاج أمراً لرفع سعر الفائدة، وذلك ما يقوم به الفيدرالي الأمريكي منذ سنة وما زال حتى هذا الشهر ولم يستطع كبح جماح هذا التضخم
أو عن طريق العودة الاضطرارية للتسيير الكمي لسداد ديون الشركات الأمريكية والعالم، وهذا يعني طبع أوراق نقدية، وهنا يعني طبع دولار بكميات ضخمة من أجل توفير السيولة اللازمة التداول.
وهذا سيزيد ويرفع التضخم في هذا العام أو بداية العام القادم، وقد يرفع التضخم من حوالي ٩٪ الى حوالي ١٨٪. ولكم هنا أن تتخيّلوا كم تبقى قيمة الدولار بعد ذلك، قطعاً هذه الأزمة العالمية لم تبدأ الآن، ولكن سبقت ذلك هزات بدأت بانهيار اليونان اقتصادياً، ثم تلى ذلك لبنان وسيريلانكا مؤخراً حتى حدث لهما الإفلاس الكامل، ثم هنالك التضخم التركي الذي بلغ ٧٣٪، وهنالك دول أخرى مرشحة لتكون التالية،
وهذه الأزمة ستؤثر مباشرةً على الدول العربية، ثم أفريقيا، ثم جنوب أوروبا، وستنتهي بالانهيار التاريخي المرتقب للدولار، وهذا سيؤدي إلى انهيار الولايات المتحدة وقيام إمبراطورية الشرق المتمثلة في الصين وروسيا، ومن ينضم إليهم.
إذن هذه الأزمة الاقتصادية واقعة ومستمرة، ولذلك أمريكا محتاجة أن تتحرك حتى تتجنب هذا الانهيار.
أول الخيارات هي الاستعجال في سقوط الصين وروسيا فوراً، وذلك بجرهما إلى الحرب العالمية، وهنا يلاحظ حماس أمريكا في دعم أوكرانيا في الحرب، وكذلك السعي الشديد لدفع تايوان للاستقلال.
وأمريكا ترغب في الحرب اليوم حتى تتجنب الانهيار، اي حرب تبدأ اليوم قبل غد.
ولكن واضح انتباه الروس والصينيين لذلك، وواضح ذلك في طول نفس الروس في معارك أوكرانيا، فالبعض يرى أن تكتسح روسيا كييف وغرب أوكرانيا فوراً، ولكن الرئيس الروسي مدرك هذا المضي، ولذلك يتحرك بمهل، كذلك الصين تؤجل في المواجهة، لأن الصين وروسيا تدركان الظروف الاقتصادية السيئة التي تعيشها أمريكا، والصين وروسيا تتقدمان اقتصادياً وشعوبهما يعيشان في حالة رفاهية، والشعوب الأوروبية والأمريكية تكتوي بالغلاء الفاحش، خاصة وأن روسيا والصين تعلمان أن عرش أمريكا وهيمنتها على العالم في الطريق إلى الزوال.
وأعتقد أن كل تحركات أمريكا الآن بما في ذلك زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي لتايوان لتستعجل الحرب بينها والصين وروسيا، لتقع حرب عالمية قبل انهيار الدولار رغم أن الخيارين أحلاهما مر.. ومتى يحدث ذلك.. ننظر في ذلك المقال الثاني.