مقالات

محجوب مدني محجوب يكتب: الباطل يهزم لا يختفي

محجوب مدني محجوب

إن من سنن الله في هذا الكون هو الصراع بين الحق والباطل.
حتى داخل الإنسان الواحد جعل الله فيه هاتين القوتين قوة الخير وقوة الشر.
يقول الله تعالى ( وهديناه النجدين)سورة البلد آية رقم ١٠.
ووفقا لهذه السنة الكونية فإن العلاقة بين الخير والشر علاقة منتصر ومهزوم بمعنى إذا انتصر الحق، فلن يختفي الباطل وإنما يهزم.
مثلهما في ذلك مثل فريقي مباراة.
إذ أن كلا الفريقين موجود، فإذا انتصر الحق، فيعني ذلك أن الباطل هزم والعكس صحيح.
البعض يريد أن يمسح الباطل من الوجود، ولو كان هذا مراد الله لتم الأمر من قبل الأنبياء عليهم السلام.
إذ أن الأنبياء عليهم السلام لم يمسحوا الشرك من الوجود، وإنما ثبتوا التوحيد ونصروه على الشرك بدليل أنهم فارقوا الحياة وتركوا خلفهم مشركين.
إذن مراد الله من الصراع هو هزيمة الباطل وليست إزالته.
والهزيمة معروفة لا تحدث إلا بوجود منتصر.
لا أحد يقول بأن يدخل فريق واحد الميدان، وتكون هناك نتيجة لمنتصر أو مهزوم.
لا بد من فريق آخر يباريه حتى تحصل إحدى النتيجتين نصر أو هزيمة.
فإذا انتصر فريق على فريق لا أحد يقول أن الفريق المنهزم اختفى من الوجود، وإنما ما تم هو انتصار عليه.
بالضبط هذا  المثال ينطبق على الصراع بين الحق والباطل.
الإنسان ينتصر على شهواته ويبتعد عن الإثم.
لكن تظل هذه الشهوات موجودة وفي صراع ومباراة معه، فإن انتصر عليها ابتعد عن الإثم وإلا وقع فيه.
هذا الشرح تأتي أهميته في التعامل مع قوى الشر. فالبعض يريدها أن تزول وهذا وفقا للسنن الربانية غير ممكن.
وإنما الممكن هو الانتصار عليها.
فهي موجودة بجميع إمكانياتها إلى قيام الساعة، فكلما دخلت الميدان وتريد أن تهزم الحق ينبغي أن يكون الحق جاهزا بإمكانياته  لينتصر عليها.
ووفقا لهذا التفسير فلن يقول أحد أن ندخل الميدان لنشجع فريقنا وهو غير موجود.
بحيث لن ندخل فقط من أجل أن ندد بمن هو ضدنا.
لا أحد يقول بذلك.
كل من يريد أن يتبارى مع الباطل ليهزمه ما له إلا أن يهتم بلاعبيه ومهاجميه وهدافيه ومدربيه.
اما من يظل ينظر إلى فريق الخصم ويشتم ويسب فيه ويقلل من فهمه وإمكانياته وليس معه فريق يمثله، فهذا لن ينتصر يوما بل لن يستطيع أن يخوض مباراة من الأساس.
لنعكس هذا الفهم على واقعنا السياسي اليوم.
فبدلا من أن يكون البال مشغولا  بتشكيلة فريق الحزب الباطل وهو الذي يرى أن خطته وتشكيلته في إدارة الحكم هي التي تجعله يهزم كل فريق يواجهه.
فبدلا من ذلك ينبغي أن يكون البال مشغولا بحل الأسئلة التالية:
ماذا عن فريقنا نحن؟
ماذا عن لاعبينا نحن؟
وماذا عن خطتنا؟
هل اعددنا خطة؟
هل اعددنا فريقا ماهرا للفوز بالجولة؟
أم أننا جالسون نقلل من قيم الفرق الأخرى، وتركنا لاعبينا يخربون في فريقنا؟
ما علينا من الفرق الأخرى فمهما هاجمناهم، فلن نهزمهم إلا بخطة محكمة، وبلاعبين مهرة داخل الميدان.
كل مجهودنا ينبغي أن يصب في حل الأسئلة التالية:
هل استمرار (البشير) من ضمن تشكيلة المباراة إلى نهايتها كان موفقا؟
وهل تسجيل (البرهان) من ضمن قائمة اللاعبين الجدد هل سيغير النتيجة لصالحنا؟
وهذا المدرب الذي استهزأ بالثوار تارة وبقتلهم تارة أخرى هل وجدنا له بديلا؟
ام أنه ما زال مسيطرا على خطة الفريق؟
لن نستطيع ان نصل إلى مرمى الخصم إلا بتحسين وتطوير فريقنا.
أما إضعاف الناحية المعنوية لفريق الخصم ومهاجمته بأنه ضعيف ولاعبوه ليسوا بمهرة هذا لن يكون له تأثير كبير في الميدان.
إذ أن هذه المهمة تكفل بها  المشجعون وهم يقومون بها بلا مقابل.
المحك على اللاعبين هم من يغيرون النتيجة وهم الذين ثمنهم غال وغال جدا هذا إذا فلحنا في وجودهم أصلا

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى