*من الأخبار المتداولة أن مجموعة زين الكويت وافقت على العرض المقدم لها من إحدى شركات دال لشراء أسهم زين سودان بنسبة ١٠٠٪ بالرغم من أن دال لم تعلن ذلك بشكل رسمي، وقد يكون ذلك مرتبطاً بإجراءات داخلية تتعلق بالهيئة القومية للاتصالات.
*وكما ذكرت في هذه المساحة أول أمس فإن خروج زين من السودان أمر متوقع لما يحيط بيئة الاستثمار والأعمال من تحديات ومشاكل هيكلية جعلت كثير من رجال الأعمال السودانيين يتجهون نحو دول أخرى.
*أما غير المتوقع أن تتجه شركة تعلم وتتلمس عن قرب هذه المشاكل، لزيادة استثماراتها، وفي قطاع كالاتصالات.
*سألت دكتور هشام عوض عبد المجيد الخبير المعروف في قطاع الاتصالات عن رأيه في هذه الصفقة المفاجئة.
*اتفق معي هشام أن عدم الاستقرار السياسي في السودان منذ عهد الإنقاذ، والعقوبات الأمريكية وصعوبة تحويل الأرباح إلى الخارج، وتدهور العملة المحلية، كلها أسباب طاردة للاستثمار الأجنبي.
ومن المؤكد أن الشركات الأجنبية التي استثمرت في السودان قد تعرضت لخسائر فادحة، وقد رأينا كيف تخلصت شركة (اتصالات) الإماراتية من شركة كنار، وباعتها بالخسارة لتنفد بجلدها من السودان.
*وبالنسبة للشركات الموجودة فقد أحجمت عن ضخ المزيد من الاستثمار خوفاً من زيادة حجم خسائرها، وهذا هو سبب التردي في خدمات الاتصالات، وتدهور حال الشبكات التي لم تتطور، ولم تتوسع بسبب نقص التمويل والاستثمارات.
*الوضع حالياً، بعد الانقلاب، يكتنفه الغموض لأن مصير الانفتاح العالمي في السودان يبدو أنه قد تجمد، وهو بدوره سيؤدي إلى تجميد الاستثمارات والى عزوف الراغبين عن الدخول حتى تنجلي الأمور.
*بالنسبة لصفقة دال يعتقد مهندس هشام أن شراء زين فيه مخاطرة كبيرة. لكن بالطبع لديهم حساباتهم واعتباراتهم، ربما كان الدافع هو أن زين السودان حالياً في أسوأ أوضاعها منذ نشأتها، ومن المؤكد أن الشركة الأم تبحث عن مخرج مثلما حدث مع (اتصالات وكنار) وبالتالي ترغب في البيع بثمن “المخارجة” وبالخسارة، مما يشكل فرصة للمشتري أن يتحصل على أصول الشركة بسعرٍ مغرٍ على أن يكون لديه طول النفس ليصبر على المدى الطويل longterm. حتى يأتي وقت تتحسن فيه الأوضاع ويصبح هناك عائد مجزٍ على الاستثمار. وبالنسبة لشركة دال، كأكبر مجموعة تجارية في السودان، فهي أقدر جهة على الاستثمار الاستراتيجي الصبور طويل الأمد. وقد رأت أن التوقيت مناسب لشراء زين بأقل ثمن طويل الأمد.. والعمل على تطويرها تدريجياً حتى تؤتي أكلها في المستقبل.
*وهذا يعني الا نتوقع حدوث طفرة قريبة في حال زين، وتوقع هشام أيضاً أن يتم تقليص الشركة في البداية وتسريح عدد من العاملين لتقليل النفقات وزيادة الأرباح أو بالأحرى نقول تقليل الخسائر.
*أعتقد أن حديث د. هشام منطقي جداً وقد يكون قدم إجابات لكثير من الأسئلة المتداولة حول رغبة دال الاستحواذ على زين.
*لكن ما أراه غير منطقي هو توقعاته بتسريح عدد من العاملين، فحسب ما لدينا من معلومات فإن العاملين في زين من ذوي الكفاءة الذين يصعب التخلص منهم.