مقالات

عمر الحبر : تعرَّفْ إلى شعبك في الرخاء يعرفْك في الشدة

من عِبَرِ الفترة الانتقالية …
التطبيع والتحول الديمقراطي ضدان لا يلتقيان … الذين صَفَّقوا لخطوة التطبيع أملاً في تحسن اقتصاد من ورائها غاب عنهم أن الكيان غير الطبيعي الذي يعلم أنه مرفوض شعبيا لن يختار غير الأنظمة الفوقية التي لا تنتخبها تلك الشعوب الرافضة له … ولن يكون أمامه خيار غير قطع الطريق على أيِّ محاولة لتمكين الشعوب تلك من حقها في الاختيار.
لا يوجد شيء اسمه (المجتمع الدولي) … هذا الذي يسميه بعضنا (المجتمع) الدّولي هو في الحقيقة (آحاد) من قُوى دوليّة مُهيمنة تبحث فقط عن مصالحها ومصالح شعوبها. وهي تثبت بالتجربة مرةً من بعد أخرى أنها تُفضِّل كذلك التعامل مع الأنظمة الاستبدادية في منطقتنا متى ما ضمنتْ ولاء قادة تلك الأنظمة لها.
وعلى هذا بالطبع لا يوجد شيء اسمه (حُضن) المجتمع الدولي نفرح بالعودة إليه … فهذا الحضن ليس شيئاً غير جِد خطوط الاستخبارات وصَرامتها وعُنفها تُحجب عن الغافلين بتصريحات الدبلوماسيين الكذوبة وابتساماتهم الصفراء المصنوعة!!
ترفيع الولايات المتحدة الأمريكية تمثيلها عندنا في هذه الأيام إلى درجة (السفير) ليس لأننا بالطبع نعيش أحسن حالاتنا في الديمقراطية و حقوق الإنسان والحريات بل لأننا الآن نعيش أعلى درجات الغفلة عن ألاعيب أجهزة الاستخبارات!!
تعرَّفْ إلى شعبك في الرخاء يعرفْك في الشدة …الأصل في الفترات الانتقالية أن تحميها الكثرة الكاثرة من القوى الشعبية … وبالضرورة هذه الحماية الشعبية تحتاج أول ما تحتاج أن تشعر هذه القوى أن هذا الانتقال منها وبها وإليها … الذين جعلوا الفترة الانتقالية في وثيقتها الدستورية وفي سُلطاتها وفي إعلامها وفي كل شيء حقاً خالصاً لهم من دون الناس إلا من شركائهم العسكريين سيعسُر عليهم جمع الجماهير على شدة وقد كانوا على أيام رخائهم في هذه الجماهير من الزاهدين!!
ما جعلته خاصاً بك لن يصبح فجأة يعني الجميع!!
الناس يذكرون أن البشير قام بانقلاب في ١٩٨٩ لكنهم لا يذكرون أن البشير قام بانقلاب آخر في ١٩٩٩ … الفرق أن انقلاب البشير الثاني في ٩٩ كان على شراكة خاصة لا تعني مَن هم خارجها في شيء.
قرارات البرهان في ٢٥ أكتوبر كان يمكن أن تكون كانقلاب البشير في ١٩٨٩ لكن ضيق النظر وشح النفس من شركائه المدنيين الذي كان منهم في جميع أمر الانتقال أبى إلا أن يجعلها كانقلاب ١٩٩٩ لا تعني غيرهم في شيء!!

عمر الحبر

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى