الخرطوم : سفيان نورين
فتح حديث قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في مؤتمره الصحفي الاخير بشأن مشاركة كافة القوى السياسية في الفترة الانتقالية المتبقية، عدا المؤتمر الوطني المحلول، الباب واسعاً لتهافت تلك القوى غير الموقعة على اعلان قوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة المحلولة) للمشاركة وتحسس قواعدها، لا سيما الاحزاب التي شاطرت (النظام البائد) الحكم حتى سقوطه ابريل 2019، بالرغم من حصر المشاركة بالحكومة المرتقبة في الكفاءات، الا ان تلك القوى السياسية تباهي بهذا القرار.
أجسام جديدة
وتأتي خطوة مشاركة جميع القوى السياسية، في وقت اعلنت عدد من المجموعات عقب اجراءات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، تشكيل اجسام ومكونات حزبية واهلية لدعم قرارات القوات المسلحة مؤخراً، بغية الحصول على منصب حكومي.
وسبق اجراءات (البرهان) عدة دعوات اطلقها قادة مجموعة (الميثاق الوطني) بقيادة مني اركو مناوي وجبريل ابراهيم، بشأن توسعة المشاركة السياسية في الفترة الانتقالية لكافة القوى السياسية عدا (النظام البائد)، لجهة ان تحالف قوى الحرية والتغيير ليس حكراً على الموقعين على ميثاق (قحت).
منحى جديد
ومضت مجموعة (الميثاق الوطني) بدعوة احزاب خارج الحاضنة السياسية للحكومة المنحلة للمشاركة في تدشين تحالفها بقاعة الصداقة بالخرطوم مطلع اكتوبر الماضي، خاصة قوى نداء البرنامج الوطني التي تضم العديد من المكونات السياسية ابرزها: «المؤتمر الشعبي، الاصلاح الان، العدل والمساواة، التحرير والعدالة).
وأكد حينها القيادي بقوى الاجماع مني اركو مناي بان قوى الحرية والتغيير لا تمثل كافة الشعب وهو في قمة تماسكه، مطالباً بتعديل مسيرة الوطن التنفيذية والسياسية.
واخذت العلاقة بين القوى السياسية غير الموقعة على اعلان الحرية والتغيير ومجموعة الميثاق الوطني، منحى جديداً على وقع انشقاق الاخيرة من التحالف ودعوتها لتوسعة المشاركة السياسية لإدارة البلاد وصولاً للانتخابات.
دعوات مشاركة
وكان الامين السياسي الاسبق بالمؤتمر الشعبي عبدالوهاب سعد كشف لـ (الانتباهة) عن دراسة حزبه للميثاق الوطني لقوى الحرية والتغيير (منصة التأسيس) بغية الانضام للميثاق او رفضه، لافتاً الى اخطارهم بتسليم جميع القوى السياسية ذلك الميثاق .
في غضون ذلك، رأى القيادي بحركة الاصلاح الان د. اسامة توفيق في حديث مقتضب لـ(الصحيفة)، ان الوقت مازال مبكراً للحكم على مشاركتهم في الحكومة، لا سيما وان اجهزة الحكم الانتقالي لم يعلن عنها بعد.
فيما يدمغ المكون العسكري قوى الحرية والتغيير بممارسة الاقصاء حتى مع من وقعوا معها الوثيقة الدستورية والعمل على المحاصصات والكراسي، وان كل همها هو القتال من اجل الكراسي وتجاهل معاناة المواطن.
توسعة المشاركة
وفي سبتمر الماضي، اكد قائد الجيش عبدالفتاح البرهان بانه لا يمكن لاية جهة ان تقود البلاد لوحدها، وزاد «سنعمل على بناء الوطن مع القوى الوطنية المؤمنة بالانتقال الديمقراطي».
ولم تمض على تلك التصريحات ساعات، حتى اكد قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» بانه لا يمكن عزل القوى السياسية والادارة الاهلية بزعم الانتماء لنظام البشير.
البرهان عاد وقال في «مؤتمره الصحفي» الاخير، بانه بدأ منذ فترة لتوسعة المشاركة ولم القوى السياسية المؤمنة باهداف الانتقال.
وذهب قائد الجيش اكثر من ذلك عندما اشار الى حديثه مع طرفي قوى الحرية والتغيير في كيفية منح المناصب للقوى السياسية غير الموقعة على اعلان الحرية والتغيير للمشاركة على مستوى المفوضيات والمجلس التشريعي .
بالمقابل ترفض الحاضنة التي تضم طيفاً واسعاً من احزاب اليمين والوسط واليسار، منذ الاطاحة بنظام «المخلوع» مشاركة القوى السياسية التي تحالفت مع النظام البائد في الحكم حتى سقوطه، وترى ان مشاركتها ارتداد عن اهداف الثورة التي اطاحت بالنظام البائد وتحالفاته.
مهام محددة
وبحسب المحلل السياسي د. عمر عبدالعزيز، فان جميع القوى السياسية لديها حق المشاركة في الفترة الانتقالية، عدا نظام المؤتمر الوطني المحلول، شريطة ان تتوافق تلك القوى على قضايا الانتقال وقانون الانتخابات، لجهة ان مهام الفترة الانتقالية محددة.
وحذر عمر في حديثه لـ(الانتباهة) من اقحام الاحزاب التي تمت دعوتها للمشاركة في الفترة الانتقالية في الجهاز التنفيذي والمفوضيات، خشية ما اسماه بالتسييس والمحاصصات الحزبية، وزاد «يجب ركن قضية تسيير دولاب الدولة لما تبقى للفترة الانتقالية الى حكومة كفاءات وطنية وحدها».
بناء حزبي
ولفت الى ان تجربة العامين الماضيين اظهرت ان الاحزاب داخل الحكومة الانتقالية لم تستطع جراء التجاذبات في وضع برنامج انتقالي، لا سيما برنامج اقتصادي وسياسة خارجية متزنة.
ومضى قائلاً: «الاحزاب يجب ان تتفرغ للعمل السياسي والبناء الحزبي للاستعداد لخوض الانتخابات القادمة».
بيد ان استاذ العلوم السياسية د. بدرالدين رحمة الله، رأى بان مشاركة جميع القوى السياسية في إدارة الفترة الانتقالية مطلوبة في الوقت الراهن لحفظ البلاد من التمزق وحدة الاستقطابات .
فشل التجربة
وعدّ رحمة الله في حديثه لـ(الانتباهة)، اختيار وزراء كفاءات وطنية دون مشاركة حزبية، بانه ليس له معنى، مستشهداً بفشل تجربة حكومة الكفاءات الاولى للفترة الانتقالية، الا انه عاد وشدد بان يتم اختيار الكفاءات من شخصيات تعبر عن هموم وتطلعات الشعب .
وتابع: 《 على الاقل غير محتاجين انتماء صارخ يضمن عدم وقوع محاصصات وتشاكسات مجدداً بالفترة الانتقالية 》.
الانتباهة