مقالات

ناهد قرناص تكتب : أهل الكهف

كتبت ذات مرة عن نقة النساء.. فبادرتني إحدى الصديقات بسؤال (طيب والراجل النقناق.. خبرو شنو؟ ).. .قلت لها (سألت عن أمر مهول يا صغيرة ).. ظاهرة نقة الرجال ليست منتشرة ولا يعني ذلك ندرتها بالضرورة.. فهي موجودة ومتزايدة بشكل يدعو للقلق.. ربما لأن (الشغلة ما حقتهم).. لذلك تجد الرجل النقناق.. (نقتو اووفر) مضافاً اليها بعض (الشتارة).. اذ تجده يثرثر في أمور ما أنزل الله بها من سلطان .. أذكر أن احداهن راسلتني على الخاص تسألني (الراجل من يدخل البيت.. ليه ما سويتي.. وليه عملتي كدا.. ودا شنو وداك مالو !!.. الزول دا كان فكيت فيهو المفراكة.. يجوز ولا لا ؟).. قاربت ان أقول لها (.. يجوز مع الكراهة.. ومراعاة اخفاء الآثار المترتبة على ذلك)..
نقة الرجل ظاهرة غير أصيلة فيه.. فالنقة حيلة العاجر عن التغيير.. او ذلك الذي لا يملك زمام الأمور.. المرأة تمارس النقة عندما لا تسير الأحداث حسب ما رتبت لها.. وفي ذات الوقت ليست هي قائدة الدفة.. لذلك حكينا سابقاً عن عبقرية رجل الراية.. ذلك الذي سلم زمام الامر للمدام.. واشترى دماغه وتفرغ لمتابعة أعماله.. فأراح واستراح.. بيوت رجال الراية.. نادرا ما تضم داخلها نساء نقناقات.. واللبيب بالاشارة يفهم.
المعروف بالضرورة ان الرجال يدخلون في استراحة من التفكير كلما ضاقت عليهم الدائرة.. هذه الاستراحة يطلق عليها (صندوق اللاشئ) اشارة الى ان عقل الرجل عبارة عن صناديق منفصلة عن بعضها البعض.. لكل شئ صندوق خاص به.. صندوق العمل.. صندوق البيت.. صندوق الأصدقاء.. ربما تقسيم (الكيمان) هذا يفسر الابداع الذي يتميز به الرجال في أعمالهم.. فهم يستغرقون في الشئ بكامل قواهم العقلية.. ولا يخلطون الامور ببعضها.. عكسنا نحن اللائي نحمل همومنا معنا الى العمل فنصبح شاردات الذهن ان كانت الأحوال غير مرتبة خلفنا في المنازل او كانت هناك مشكلة نمر بها (لكن تلك قصة أخرى).. المهم في الأمر ان من بين تلك الصناديق في عقل الرجل.. هناك صندوق اسمه صندوق اللاشئ.. وفيه يتوقف الرجل عن التفكير تماماً.. ويجلس بلا حراك.. وثمة تحذير شديد اللهجة من محاولة الاقتراب من الرجل والتشويش عليه في تلك الحالة.. لأنك ستصيرين شيئاً في اللاشئ .. فيحدث ما لا يحمد عقباه.
في رواية أخرى.. يطلق على صندوق اللاشئ (الكهف).. وتتم استعمال عبارة ان الرجل انسحب الى داخل كهفه.. وربما يظل هناك الى أجل غير مسمى.. وغير مسموح لك اطلاقاً بالمرور أمام مدخل الكهف او ارسال أي وفود مقدمة لاستطلاع الأجواء هناك.. وليس من المستحب الاجتهاد حول كيفية التعامل مع الرجل وهو داخل الكهف.. أفضل طريقة للتعامل معه.. هو الا تتعاملي.. فقد صار من أهل الكهف يا اختي.. وهؤلاء لا يرجون أحداً الا الله ان يقلبهم ذات اليمين وذات الشمال.
يبقى نرجع الى موضوعنا الأساسي.. الرجل النقناق هذا.. أين أضاع صندوق اللاشئ تبعه؟ هل باعه حين حوجة ؟ هل قام بايجار كهفه مفروش لأحدهم ؟ لابد ان هناك مأساة ما مر بها هذا الرجل.. فأصبح يمارس النقة وهي ليست له بمهنة.. يبقى الحل أحد ثلاثة طرق.. اما ترشديه الى الكهف.. ذلك يعني أن تتركي له الغرفة وتذهبي الى مكان آخر في البيت.. ان لم يجدي ذلك.. أوحي له بفكرة الاشتراك في (الجيم).. اذ ربما يجد مدرباً صعباً يرهقه بالتمارين ويعرف ان هناك من هو جدير بتوجيه النقة اليه.. الحل الأخير والجذري.. وننصح الا تلجأي اليه الا بعد استنفاذ كل الطرق.. هو الا تفسحي له مجالا للنقة.. بادري بالحديث.. ولا تتوقفي أبداً.. وهذه مهمة سهلة بالنسبة لك وسيعرف في تلك اللحظات انه (يبيع الموية في حارة السقايين ).. وربما يستجدي لحظات الكلام.. كذلك الذي حكت عنه زوجته للطبيب النفسي (زوجي يتحدث وهو نائم.. .ماذا أعطيه).. فقال لها الطبيب (اعطه فرصة ليتحدث وهو صاحي)..

الجريدة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button