غير مصنف

أحمد يوسف التاي: لن نتركهم أبداً

الكاتب الصحفي أحمد يوسف التاي

(1)
كثير من الوطنيين الحادبين الذين نعتز بصداقتهم ينصحوننا بالكف عن تناول الموضوعات التي تكشف سوءات النظام المُباد، وتحميله مسؤولية ما يحدث الآن من أزمات، باعتبار أن ذاك عهد مضى بخيره وشره حتى لا ننشغل عن القضايا التي تمس عصب الحياة الآن ومعاش الناس… وأقول بكل يقين وقناعة أن كل ما يحدث الآن له علاقة بالنظام المخلوع، وليس هناك أدنى شك في أن فلول النظام المخلوع يسعون بكل ما يملكون لإفشال الحكومة الانتقالية وتدهور الأوضاع أكثر مما هي عليه لإيصال الشعب السوداني إلى قناعة بأن نظامهم كان أفضل، في محاولة لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، ويستخدمون في ذلك كل الأسلحة للوصول إلى هذه الغاية، ولكن هيهات..أوليس هذا سبباً كافياً يدفعنا للتصدي لهم؟..
(2)
الآن خُذ مثلاً الحملات الإعلامية في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي التي تُصوِّر أن هذه الحكومة ملحدة جاءت لهدم الدين ويعززون هذه الفكرة بتعديلات منهج القراي، وقانون التعديلات المتنوعة وإلغاء قانون النظام العام… وأقول إن الحملة الإعلامية الشرسة التي يقودها الفلول لن تتوقف ولو أعلن حمدوك تطبيق الشريعة الإسلامية، ولدي الدليل الكافي على ذلك، فالقضية على الأرجح عند أصحاب هذه الحلاقيم ليست أمر دين بقدر ما أنها قضية صراع سياسي..
(3)
القضية عندهم ليست دفاعاً عن الدين كما يزعمون بل عن مصالح دنيوية بحتة، فأغلب الذين يصرخون الآن ويملأون الفضاء زعيقاً ويعلنون الجهاد على الحكومة التي (حاربت الله ورسوله) تضررت مصالحهم ويريدون عودة النظام الذي كان يحمي فسادهم ويغزي (كروشهم) بالسحت والمال الحرام ويجعل السلطة سلاحاً في أيديهم لاستغلال موارد الدولة وتبديدها وإهدارها على النحو الذي شاهدناه…
(4)
أريد أن أتساءل هنا بشيء من الموضوعية وبعيداً عن المزايدات السياسية: إذا كان هؤلاء أعلنوا الجهاد الكاذب على حكومة حمدوك لأنها حسب زعمهم (تحارب الله ورسوله)، فلماذا صمتوا عن نظامهم عندما اعلن أشرس حرب على الله ورسوله وهو يُقبِل على القروض الربوية بنهم لبناء سد مروي وغيره من المشروعات، وقد أجاز برلمانه تلك القروض الربوية وافتى علماؤهم بجوازها تماهياً مع ما يريده نظامهم الفاسد، وهذا ليس إعلان حرب لله ورسوله وحسب، بل احتيال على الله وعلى الناس وحرب صريحة للدين والشريعة والله رب العالمين، لكن ومع ذلك لم يكتب هؤلاء حرفاً واحداً عن إجازة القروض الربوية، ألم تكن هذه حرب لله ورسوله بنص القرآن الكريم.
(5)
والدليل الآخر أن البشير في أواخر حكمه شن هجوماً عنيفاً على قانون النظام العام ، ووجه بإلغائه لمخالفته للشريعة كما زعم، والآن يتباكى هؤلاء على قانون النظام العام باعتبار إلغاءه دعوة للتفسخ والدعارة وحرب على دين الله، وقد ركبوا مع البشير على ظهر موجة انتقاد القانون بحسبانه مخالف للشريعة… ألم أقل لكم إن الحكاية ليست دين بل صراع ومكيدة وخبث سياسي.. والآن مضى القراي إلى حال سبيله وتوقفت تعديلاته فهل ستقف الحملات؟ بالطبع لن يحدث وهذا دليل آخر..
(6)
بشهادة كبار الإخوان المسلمين الترابي وصادق عبد الماجد أن نظام الإنقاذ هو أفسد نظام مرّ على السودان، والفساد هو درجة من الكفر وقد ورد في القرآن مقروناً به، ومع ذلك صمت الكتاب (حماة الدين) عن فساد الإنقاذ مثلما صمتوا عن قروضها الربوية، ومثلما سكتوا عن اتجاه البشير لإلغاء قانون النظام العام، ومثلما صمتوا عن كارثة (التحلل) … هذه نماذج بسيطة تعزز فرضية أن حملتهم سياسية ولا علاقة لهم بالدفاع عن الدين الذي جعلوه سلعة للتجارة البائرة.. أيها الفلول ابعدوا عن ثورة الشعب السوداني دعوه وشأنه فقد فعلتم ما أردتم بالسودان وشعبه ثلاثة عقود، اتركوه ما ترككم يرحمكم الله…. اللهم هذا قسمي فيما أملك..
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى