غير مصنف --

عبداللطيف البوني يكتب: فيضان 2020, قراءة ثانية

(1 )
مازلنا في أتون فيضان 2020 ومازالت آثاره المدمرة تسري فينا رغم انخفاض مناسيب النيل وبداية تراجع الماء الى المجرى الرئيسي بين الضفتين، فالمعالجات الآنية مازالت مستمرة وسوف تستمر الى وقت ليس بالقصير خاصة فيما يتعلق بالذين مازالوا في العراء أو اولئك الذين يقيمون على كومات مساكنهم المتهدمة وبعد هذه المرحلة سوف تبدأ مسألة حصر الخسائر، فما زلنا في مرحلة الخسائر في الأرواح فقط وهذا شيء طبيعي ولكن لابد من حصر الخسائر في الممتلكات من منازل تهدمت وحيوانات نفقت وزروع غمرت ثم بعد ذلك تبدأ رحلة المعالجات فالأمر المؤكد ان المتضررين سوف يقع عليهم العبء الأكبر في إعادة الإعمار.
فالمجتمع المحلي والإقليمي قد يكون ساعد بعضهم في الايواء والغذاء أيام التشرد بيد ان مستقبلهم بيدهم، وهنا لابد من ان تتدخل الدولة بالسياسات والتخطيط الذي يجب ان يبعد شبح تكرار المأساة فقد أصبح هذا الفليم معادا ومقرفا ومؤذيا فيلم يموت فيه البطل كل مرة وتسوء فيه سمعة البلاد وتحنط فيه الطموحات، فبدلا من الترويج لموارد البلاد الهائلة ودعوة الآخرين للاستثمار فيها أصبحنا نستغيث وننادي بأعلى صوتنا (يا ابومروة يا ابو مروة الحقونا الحقونا) .
(2 )
دعونا نخرج من الصندوق (البراديم) قليلا ونطالب بان يكون الفيضان الأخير وما أحدثه من دوي هائل محليا وإقليميا وعالميا فرصة لبداية مشروع قومي جامع يلتف حوله اهل السودان، فالفيضان في أصله نعمة كبيرة من نعم الله على العباد وكذا السيول إذ كلاهما ناجم من الغيث والغيث هو الماء سبب الحياة ولكن تعدي ابن آدم على الطبيعة هو الذي يحول نعمة الغيث الى نقمة المطر (بالمناسبة ما وردت كلمة غيث في القرآن إلا ومقرونة بالبشائر وما وردت كلمة مطر وإلا ومقرونة بالنذر) فدعونا ننظر للجانب الإيجابي من الفيضان، فالفيضان له جوانب ايجابية كثيرة فكل الأرض التي غمرها النيل وفروعه وانحسر عنها أصبحت في غاية الخصوبة ولا تحتاج حتى للماء ولعدة أشهر قادمة ، فالآن لدينا عشرات الملايين من الأفدنة جاهزة لزراعة الخضروات سريعة النمو لا بل لغرس أشجار الأكيشيا من هشاب وطلح وطندب وهذه لن تحتاج لماء الى الخريف القادم أما اذا أردنا بذل مجهود إضافي قليل يمكن استزراع كافة أنواع الأ شجار بما فيها المثمرة وهنا يمكن ان تتدخل الدولة كما انها يمكن ان تتدخل لإعادة تخطيط القرى التي دمرها الفيضان بإصدار أوامر الترحيل وترك الأماكن القديمة التي غمرها الفيضان او السيل للزراعة وهذة ملايين افدنة جديدة.
(3 )
من الآخر كدا يمكن طرح مشروع قومي تحت شعار (من الفيضان الى العمران) قوامه مليارات الأشجار من غابات الاكيشيا الصمغية وعشرات الملايين من الأفدنة الزراعية وإعادة التخطيط العمراني بتقديس الأراضي الزراعية وإيقاف الزحف السكني نحوها لا بل إعادة النظر في كل الخطط الإسكانية التي جارت على الزراعة يمكن ان تكون الحكومة رأس الرمح في هذا المشروع القومي الجبار الذي سيغير وجه السودان من دولة مستغيثة مهانة الى دولة قوية مانحة معطاءة لكن قل بربك كيف يمكن يحدث هذا ونحن في حزبي وحزبك وفلول وقحاتة وثوار وسدنة وعساكر ومدنيين ومركزيين ومهمشين ويمينيين ويساريين مع انه العالم كله ترك حكاية يمين ويسار دي. غطيني يا صفية مافيش فائدة.

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى