السودان اليوم:
استشارة في احدى القروبات الاسفيرية النسائية ..تقول صاحبتها ..انها زوجة في السر ..وافقت على هذا الوضع بكامل ارادتها ..لانها احبت المدير والذي يكبرها بحوالي ضعف عمرها ..كان شرطه ان يكون زواجهما سرا الى حين ..حتى يستطيع ان يمهد الامر ويقنع زوجته الاولى واولاده الذين شبوا عن الطوق وصاروا على اعتاب العمل وابواب الجامعات ..يوم ورا يوم ..شهر بعد شهر ..حتى اكملت العامين وهي تسكن شقة في حي قصي ..لا تتواصل مع الجيران بتاتا..ويزورها زوجها خلسة احيانا ..ويغيب اياما ذلك ان (ظروفه لاتسمح)دائما ..صديقتنا الصغيرة كانت صابرة ..وحريصة الا تصبح مصدر قلق ..حتى فاجأها مغص كلوي اثناء ساعات الليل ..اتصلت عليه فاغلق الخط في وجهها بحجة ان (النمرة غلط) ..اضطرت ان تطرق باب الجيران ..الذين تعرفوا عليها لأول مرة ..وسارعوا بأخذها لأقرب مستشفى حتى تم اسعافها ..حينها فتحت عيناها على واقعها المرير ..عاتبته ..فاعتذر بوضعه الذي تعلمه ..وقال لها بصريح العبارة ..انه اكتشف انه تسرع في زواجه منها ..وانه حريص على زوجته الاولى وام أولاده ..وانه يخيرها بين الاستمرار في السر ..او ان ارادت الفراق ..فانه سيطلقها بهدوء ..ويمنحها كل حقوقها ..ويرجوها ان تبتعد عن طريقه وتنسحب بسلام وبدون (شوشرة)..انهت حكايتها بانها تعيش حالة من (الدبرسة) والاحساس بالخداع ..وهي تريد ان يشيروا عليها ..ماذا تفعل ؟
طبعا الاجابات تفاوتت بين محرض على الانتقام ..باخبار زوجته الاولى ..وبين ناصح اقتصادي ينصحها بان تطلب مبلغ ضخم تضمن به مستقبلها ..ووو قصص وروايات ..انا في الحقيقة سرحت في بداية القصة ..ما الذي يجعل فتاة في مقتبل العمر تقبل الزواج السري ..والتنازل عن حقوق كثيرة ..كل ذلك بدافع المشاعر التي ما تلبث ان تخبو ..وربما تموت ؟ ..ان كانت هي صغيرة ..اين الكبار في اسرتها ؟ اين والدها؟ والدتها ؟ كيف تفكر الامهات اللاتي تأتي بناتهن يحكين لهن عن قصص الحب الملتهبة بينهن وبين ارباب العمل الذين يماثلون اباءهم في العمر ؟ هل تغير الزمن ؟ وصارت الامهات يشجعن على (الشلب ) حتى وان كان فيه تنازلا عن الحقوق الاساسية للزواج كالاشهار وحق المبيت ؟ ..هل زيجات مثل هذه تدوم ؟ ولو دامت كيف هو الاحساس الذي يتكون في علاقة انسانية يهددها القلق والتحفز ..ومجابهة الناس ؟ كيف تزهر شجرة بعيدا عن الشمس ..ووضح النهار ؟
قرأت قبل ايام مقالا جميلا للدكتورة سلمى المصباح ..تقول في احدى فقراته (العلاقات الصحيحة يجب ان تبعث فيك الطمأنينة والسلام ..لا تظن غير ذلك ..اي علاقة تجعلك قلقا متوترا ..متحفزا لأي كلمة او اشارة ..هذه علاقة غير صحية) ..صح لسانك يا دكتورة ..هذا الأمر ينطبق على كل العلاقات الانسانية ..زواج او صداقة او زمالة ..او حتى شراكة العمل ..علاقة لا تبعث على الطمأنينة والسلام ..(يبقى بلاش منها) ..العلاقات الانسانية يجب ان تبنى علي الثقة المتبادلة ..كل امراة تفتش هاتف زوجها النقال لتجد شيئا ضده ..هل تظنين انها سعيدة بشخصية المحقق كونان ؟..لا ..هي تتمنى الا تجد شيئا ..فتهدأ شكوكها حتى حين ..اي زوج يخفي عن زوجته تحركاته في عالم النساء ..ويجتهد لاخفاء ذلك باطلاق اسماء وهمية ….هل يشعر بالراحة حين يملوءه احساس الانتصار والزهو ؟ ..لا اعتقد ان ذلك هو الأفضل ..الحياة التي تكون كلها شكوك واتهامات متبادلة ..ليست حياة ..ولا هي الحلم الذي انتظرناه طويلا ..ولا هي السعادة التي هي منتهى سدرة الاحلام .
نصيحتي لك يا صديقتي الصغيرة ..لا تعالجي الخطأ..بخطا افدح ..وفضح الرجل عند زوجته وخراب بيته ..ربما يشفي غليلك لكنه لن يصلح ما انكسر ..فالخطأ الاصلي كان قبولك العيش على الهامش وانت تستحقين الافضل ..ربما يصير لك درسا في المستقبل ..ان تتزوجي من يقاربك عمرا وفكرا ..من يبدأ معك الطريق من اوله وتصبح بينكم امنيات وذكريات ..انسحبي بذلك الهدوء الذي دخلت به ..واخرجي الى ضوء النهار ..عسى ولعل ان تشفى جراحك يا صغيرة ..وخلي دائما كلام بت المصباح حلقة في اضانك (علاقة لا تبعث على الطمأنينة ..بلاش منها).
The post لا تطفئ الشمس.. بقلم د. ناهد قرناص appeared first on السودان اليوم.