كسر السودان، حاجز القيود على استيراد الطائرات وقطع الغيار من أمريكا والشركات الصناعية الأجنبية الكبرى، وذلك عقب حصول شركة نوفا للطيران في يونيو 2020م، على رخصة الاستيراد من مكتب الصناعة والأمن التابع للخزانة الأمريكية، والذي سمح باستيراد الطائرات والاسبيرات وقطع الغيار لقطاع الطيران بالسودان، وكشفت الشركة عن اتصالات ومفاوضات تجري مع شركات عالمية لاستيراد طائرات، في الأثناء رحبت سلطة الطيران المدني بالخطوة ، واعتبرتها (بشرى) لصناعة النقل الجوي.
تحريات وشروط
المدير العام لشركة نوفا للطيران كابتن وداعة محمد نور، قال إن الشركة استلمت الرخصة من مكتب الصناعة والأمن التابع للخزانة الأمريكية ، منذ 22 يونيو الماضي واستغرقت نحو عامين، وتسمح الرخصة باستيراد كل المنتجات الصناعية الأمريكية، ومنها استيراد الطائرات وقطع الغيار والاسبيرات لقطاع الطيران، التعامل في مجلدات التشغيل والنشرات الفنية والتدريب.
وقال لـ(السوداني) إن المساعي الأولية عموماً بدأت منذ عام 2014م، بهدف إلغاء الحظر ورفع العقوبات الاقتصادية عن السودان، حيث كتبت آنذاك العديد من المذكرات والنشرات عن الأضرار التي لحقت به، دعمتها الجهود الرسمية والشعبية آنذاك. وأضاف: عقب رفع العقوبات عن السودان تواصلت جهود الشركة بصفة خاصة، وحصلت عليها بعد إجراءات طويلة جداً في يونيو الماضي، موضحاً بأن استلام الرخصة جاء بـ(شروط قاسية) وتحريات دقيقة جداً عن الشركة ومن يمتلكها، وكانت أهم نقطة مسألة عدم وجود(علاقة بالحكومة ) أو امتلاك أسهم بها، ولا يكون للمؤسسين صلة بالحكومة، حيث قدمت الكثير من المستندات والأوراق، لإثبات أنها شركة نقل تقدم خدمات يستفيد منها المواطن في المقام الأول، وعدم استخدام الاسبيرات وقطع الغيار في الطائرات العسكرية ، لافتاً إلى أن هذه إجراءات التحري استغرقت وقتاً.
واعتبر وداعة، أن الخطوة (نصر كبير) للسودان، لانها تسهم في توفير طائرات من طراز حديث، فرص تدريبية (كان السودان محروماً منها) والخرائط الجوية ومجلدات التشغيل. كشف عن دخول الشركة في مرحلة مفاوضات واتصالات مع الشركات الأجنبية لاستيراد طائرات، وهي أبدت التعاون والرغبة، واستدرك قائلا إن (الظروف الاقتصادية الراهنة) جعلت الشركة (غير مستعجلة) في استيرادها، منوهاً إلى أن الشركة ستنشط خلال الفترة القادمة، للدخول في مشاريع واعدة للسودان في مجال الطيران، وأضاف: النجاح تحقق بمساندة جهات عدة ، تعاونت مع الشركة لإنجاز هذا العمل ، مشيراً إلى أن خططا تستهدف استجلاب طائرات حديثة تشمل إضافة حقيقية لقطاع صناع الطيران، تعطي البلاد قدرة تنافسية قوية ، أمام شركات الطيران العالمية.
ترحيب وتوجيه
إلى ذلك سلطة الطيران المدني، رحبت بالخطوة واعتبرها (بشرى) لصناعة النقل الجوي، وقال الناطق الرسمي باسم سلطة الطيران المدني، عبدالحافظ عبدالرحيم لـ(السوداني) إن أي مساع لزيادة أسطول النقل الجوي وتوسيع المواعين بالبلاد، يعد عملا إيجابيا، لدفع حركة السفر والطيران والشحن الجوي ، ويسهم في زيادة دخل القطاع، داعياً كل الشركات الوطنية أن تحذو مثل هذا المسلك، وأضاف: سلطة الطيران تدعم هذه الخطوات، وستكمل دورها كرقيب ومنظم السلامة، مؤكداً أن هذا الجهد يعزز من استراتيجية الطيران المدني في النهوض بقطاع الطيران المدني وتوسيع مواعين النقل الجوي، باستجلاب الشركات الوطنية المزيد من الطائرات، منوهاً إلى أن سلطة الطيران المدني، سبق أن رفعت مذكرة مؤيدة الشركات باعفاء قطع الغيار والاسبيرات حتى تم ذلك، كما طالبت بخفض أسعار الوقود وكل (ما يكبل) صناعة الطيران، وشددت جهود السلطة، على خفض تكاليف الجمارك والضرائب والوقود الذي يشكل ٤٠ ٪ من تكلفة التشغيل، ثم جلب المزيد من الطائرات، تسهيلا لحركة المواطنين وضمان سلامتهم، إضافة للمساعدة في توفير مدخلات الإنتاج وإحداث التنمية بالبلاد.
انطلاقة وثقة
وفي المقابل شدد المدير التجاري لشركة نوفا، محمد خلف الله، على أن الخطوة تسهم في توفير الاسبيرات وقطع الغيار، مباشرة دون تعقيد في الإجراءات وتكلفة أقل، مما ينعكس إيجاباً على المواطن، وقال لـ(السوداني) إن مبدأ السلامة يعد رقم واحد في صناعة الطيران، وعند التعامل مع شركات ذات كفاءة وجودة، تعطي الزبون (ثقة واطمئنان) تجذب الزبائن إليك، واضاف : التعامل في قطاع الطيران يعأني من تعقيدات ومشكلات، حالياً بموجب هذه الرخصة ستكون هناك تسهيلات في التعامل بتجاوز تلك الصعوبات، ونبه خلف الله، الى ان قطاع الطيران حاليا يشكو من (ركود عالمي)، ولكن الشركة تستعد لانطلاقة (قوية) للمرحلة القادمة، متوقعاً أن تفتح آفاق جديدة لكل شركات الطيران السودانية، مشيرا الى ان المجال التسويقي في الطيران يعتمد على ثلاثة عوامل أساسية تحققت في هذا الإنجاز، وهي السلامة بالحصول على ما تحتاجه من الأصل، وثانيا التكلفة العامل ثم عامل الزمن، لان التعامل المباشر أقل زمناً.
نوفا (محظوظة)
وشدد خبير اقتصادي مهتم بالشأن الأمريكي د. عبداللطيف علي ابراهيم، على ان قطاع الطيران ( تأثر كثيرا) بالمقاطعة الاقتصادية، خاصة ان شركة بوينغ كانت مسيطرة على مجال الطائرات والاسبيرات وقطع الغيار، وكان السودان يعأني في الحصول عليها الا عبر طرف ثالث، وقال لـ(السوداني) ان شركة نوفا استفادت من فترة السماح التي جاءت عقب الاعلان عن رفع العقوبات الاقتصادية في عام ٢٠١٧م، وهذا يدلل على ان امر الحظر (تقريبا على الاقل انتهى)، مما يحفز الشركات الأخرى لفتح مجالات التعاون ، لافتا الى ان مشكلة التحويلات المالية، ما تزال عقبة امام البنوك بسبب تخوفها من التحويل، مبينا انه في حالة وجود حسابات بنكية في أمريكا، سيكون امر الاستيراد سهلا، ويستطيع السودان استيراد طائرات وقطع غيار مباشرة، ولكن المشكلة الصعوبة التي تظهر اكثر عندما يكون الحساب خارج امريكا، لان اسم السودان مايزال في قائمة الدول الراعية للإرهاب، ويتخوف الكثيرون في التعامل معه.
واعتبر عبد اللطيف، ان شركة نوفا (محظوظة) استغلت فترة السماح، وربما تشكل التحويلات المالية (حجر عثرة) ولكن يمكن تجاوزها.
اختفاء (السماسرة)
ويرى الخبير الاقتصادي علاء الدين فهمي، ان الخطوة تساعد في (تجسير الهوة) للتعامل مع المجتمع الدولي بعد مقاطعة استمرت لسنوات، وقال لـ(السوداني) ان الاثر الاقتصادي يبرز في قطاع الطيران المحلي ، لانه كان واقعا تحت قيد العقوبات الأمريكية لفترة طويلة، ونجد ان القطاع كان أكثر تأثرا خاصة طائرات (البوينغ) ، وصعوبة الحصول على الاسبيرات مباشرة ، مبينا ان القطاع ظل يشتري من السوق العالمي عبر (وسطاء وسماسرة) بتكلفة عالية جدا، مما انعكس سلبا على ارتفاع تكلفة استيراد الاسبيرات او الطائرات ثم التشغيل، واضاف: شراء الاسبيرات حاليا يكون بالاسعار الحقيقية، وتعد خطوة (جيدة جدا) لقطاع الطيران، من خلال تقليل التكاليف التشغيلية، بما ينعكس مباشرة على قيمة السفر للمواطن، اضافة لفتح فرص للقطاعات المحظورة الأخرى (التكنولوجيا) ، للمضي في طريق تجاوز التحديات ونيل فوائدها ومكاسبها.
تقرير – ابتهاج متوكل
الخرطوم: (صحيفة السوداني)