غير مصنف --

محمد عبدالماجد يكتب: الموجة الثانية من (الكيزان)

(1)
] من تصاريف الدهر ان الحاج (التُلم ود حسن) وهو رجل كان صاحب مال وجاه وصيت وشهرة في المنطقة بعد ان عرّبد في الارض وافسد فيها، ووصل للسبعين، تمكّن منه مرض (السكر) وبدأ ينهش في جسده الذي كان قوياً، يختال به بين الناس وهو طرب.
] (التُلم ود حسن) بعد ان انهكه المرض ــ وليس في ذلك شماتة، قرر الطبيب ان يبتر رجله (اليمين) ــ كان الخبر صادماً لأسرته وهم يرون كبيرهم بعد صولاته وجولاته ينتهي به المطاف الى بتر الرجل.
] الرجل للأمانة كان صامداً وثابتاً، وقابل الامر وكأنه يرضى بهذا الجزاء الذي وقع عليه.
] عندما بترت (الرجل) دخلنا عليه نشد من ازره وهو مازال وقتها تحت تأثير هذيان (البنج) وهضربات (العملية)… قلنا له ونحن ننظر لرجله (المبتورة) يا حاج لا تنكسر ولا تتحسر، سوف يتم تركيب (رجل صناعية) لك، بديلة لتلك التى بترت فلا تحزن عليها.
] قال لنا (التُلم ود حسن) وهو ينظر لرجله (السليمة) ــ انا لست حزيناً على الرجل التى بترت ــ انا حزين على تلك التى لم تبتر ــ فقد مشت تلك (الرجل) في مشاوير فساد ونميمة وخراب ولم تمش في خير قط، وهي قد وجدت جزاءها اخيراً ووقع عليها ما تستحقه، وإني اخشى على تلك (الرجل) السليمة التى لم تدفع (فاتورة) فسادها في الارض أن تأخذ بجريرتها في الآخرة.
] خرجنا من عنده ونحن قد تيقنا ان (التُلم ود حسن) قد تعلم من الدرس، وقد اهتدى اخيراً بعد عمره الذي اضاعه في (الخراب).
] وأنا اتذكر قصة (التُلم ود حسن)، قلت ان هذا الرجل بجهله والغشاوة التى كانت تعميه فتمنعه من الخير، اتعظ من (البلاء) الذي نزل عليه وتعلم منه ليهتدي، ألا يتعلم (الكيزان) وهم قد افسدوا في (السلطة) لمدة (30) عاما؟ ألا يتحسرون!!؟ .. فعلوا في السودان كل ما يمكن ان يفعل ــ اظن ان السودان لو كان (مستعمرة) لهم، لما فعلوا فيه هذا الذي فعلوه في (الوطن).
] كان جدنا (الخريت ود الطيب) يقول: هذه الدنيا متل (توب الشفون).. وكنا نقول له ونحن نتوزع على شبابيك (الصالون) وما علاقة (توب الشفون) بالدنيا؟ فيقول لنا وما علاقة المؤتمر الوطني بالسودان؟!
] وأظنه بعد ان بلغنا في العمر عتيا انه كان يشبه الدنيا بتوب الشفون لعلاقتهما في الزوال والوهن.
(2)
] لقد ظل نظام الانقاذ يخرب في هذه البلاد حتى تفككت اطرافها، وانفصل الجنوب واستعلت (حلايب) وخرجت (الفشقة) وجفت (السحب) وانحسر (النيل)، فما عاد للنيل شبابه إلّا بعد سقوط نظامهم، وما درت (السحب) وحملت خيراتها إلّا بعد افول حكمهم.
] الكيزان ليتهم اكتفوا بما احدثوه من (خراب) على مدى (30) سنة كانوا يحكمون فيها البلاد، وانما امتد خرابهم وفسادهم حتى بعد سقوطهم، وهم يخلّفون هذه (التركة) بعد ان سلحوا (القبائل) وزرعوا (الفتن) وجعلوا غرائز (العنصرية) قابلة للاشتعال، ومضوا بعد كل ذلك وبعد ان جيّشوا (الشعب) وعسكّروه وسلّحوه يحرّضون (القوات المسلحة) على الشعب وعلى الانقضاض عليه، فهم لم يكتفوا بما فعلوه في قبائل دارفور والشرق، وإنما اتجهوا الى (القوات المسلحة) المؤسسة (القومية) و (الشامخة) التى يمنعها قسمها وشرفها من الانغماس في مثل ذلك (الوحل).

] الذي حدث في (الجنينة) وحدث في (نيالا) و (الفاشر) وضرب (بورتسودان) و (كسلا) ويمكن ان يمتد الى مدن اخرى ويصل حتى الخرطوم، ليس هناك مبرر له غير (الهوى الاول) الذي يحرك تلك (الضغائن) ويلعب بمشاعرها الفضفاضة.
] التمكين الذي كان من نظام الانقاذ ليس هو في العقارات والمناصب والشهادات العليا التى منحت لهم بغير حق، وإنما في التغول في (وجدانيات) القبائل ومكوناتها للعبث فيها ليحدث هذا الذي يحدث الآن.
] وقد كانت تهديدات النظام البائد على لسان رئيسه، تشير الى ذلك (المنقلب) الذي نحن فيه اذا بارحوا السلطة وسقطوا منها.
] رهانكم كان على اشعال السودان وشد اطرافه بالنزعات القبلية بهذه الطريقة، حتى ان لم يمكنهم ذلك من العودة، شفى شيئاً من غليلهم وروى بعض اشواقهم العطشى للدماء، وقد كانوا يرفعون وهم في السلطة شعار (فلترق كل الدماء) فكيف ان كانوا في خانة (المعارضة)؟
] هناك ابرياء سوف يسقطون في كسلا كما سقطوا في بورتسودان.. اناس بسطاء لا حول ولا قوة لهم قادهم النظام البائد الى تلك النهايات ــ هم (ضحايا) لنظام الانقاذ، لذلك يجب محاسبة النظام البائد ولملمة قياداته التى تنهش في جسد الوطن فتعبث به.
] حاسبوهم وكونوا غلاظاً وأشداءً عليهم، فما يحدث في كسلا وبورتسودان والجنينة ونيالا يخطط له ويدار من الخرطوم.
] هذه الدماء التى تسيل الآن وتهدر يجب ان يحاسب عليها (النظام البائد) ــ كل نقطة دم تسيل هي مسؤولية نظام البشير الذي زرع في الشعب هذه الضغائن وغرس فيهم تلك (العبوات) القابلة للانفجار في أية لحظة.
(3)
] هناك جيل ثانٍ للكيزان الآن ينشأ في كنف المعارضة (الهادمة) ــ الموجة الثانية من (الكيزان) وهم في المعارضة قد تكون اخطر من الموجة الاولى لهم وهم في السلطة.
] ما يحدث الآن تحركه ايادي (كيزانية) لم تجد الحساب الذي يوقفها من ذلك الخراب الذي تنشط فيه.
] يحاولون خنق الحكومة الانتقالية وإشاعة الفوضى بالنزاعات القبلية والأسعار المرتفعة والدولار المتصاعد.
] يحاولون في كل الانحاء ويتحركون في كل الاتجاهات… قطوعات في الكهرباء بصورة (مستفزة).. عودة بواخر الماشية التى كان ينتظر تصديرها للسعودية، ليرتفع العدد الى (22) باخرة تم ارجاعها من بورتسودان، حيث تتراوح حمولة الباخرة الواحدة بين (10) آلاف رأس و (15) الف رأس من الضأن.. ايقاف صادر الذهب والتلاعب في صادر (الفول).. وارتفاع الاسعار وإشعال الأطراف.. والمحاولات الجادة للإيقاع بين عسكر الحكومة الانتقالية ومدنييها.
] الحكومة الانتقالية نفسها لا تخلو من (الكيزان)، يجب الانتباه لذلك، هؤلاء الذين كانوا يحكمون البلاد اخذوا كل شيء منها، وهم لا يهمهم شيء فيها بعد سقوط نظامهم.
] مصلحة البلاد واستقرارها وأمنها لم ينتبهوا له وهم في (السلطة)، أيمكن ان ينتبهوا له وهم في (المعارضة)؟
(4)
] بغم/
] شخصية (الكيزان) تتمثل عندي في الشخص الذي دخل مع مجموعة من الزملاء في (صندوق).. وشال (الصرفة) الاولى ثم عمل واجتهد بعد ذلك في (فرتكة) الصندوق.
] الكيزان شالوا الصرفة الاولى.. والصرفة الثانية عاوزين يعملوها (نزاعات قبلية).

صحيفة الانتباهة

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى