غير مصنف 2

أطماع وأجندة اقليمية ودولية.. كلنا في الهم شرق.. بقلم صلاح إدريس

السودان اليوم:
كانت هذه الجملة الشهيرة فى الثقافة العربية المعاصرة ” كلنا فى الهم شرق” كانت عنوانا لاحدى مقالاتى لصحيفة “الاحداث” قبل سنوات عندما كنت مراسلا للصحيفة من نيويورك. اخترت العنوان دعما للمؤتمر الذى نظمه النظام السابق وهو مؤتمر دولى للدعم الاقتصادى والسياسى للجبهة الشرقية. اعتقد ان المؤتمر كان ” المؤتمر الدولى لاعمار الشرق”.
المؤتمر كان ناجحا وجمعت اموال ضخمة من اجل تعمير الشرق فى ذلك الوقت. وهى اموال جمعت من مكونات داخلية وخارجية. لا ادرى اين ذهبت هذه الاموال وادعوا من هذا المنبر حكومة الثورة للبحث فى هذه القضية.
ما اريد قوله هو ان المصالح الخارجية فى دعم الشرق بدأت منذ ذلك العهد ولكنها ” كشرت بانيابها ” فى الاحداث الحالية. ان ما يحدث فى الشرق كسلا بورتسودان وقد يمتد الى القضارف وكوستى قريبا. اذا لم يحدث تحرك سريع وحاسم من حكومة حمدوك “الضعيفة” . واعلم ان حكومة حمدوك لاتملك القدرة على هذا التحرك ” السريع والحاسم لان القرار ليس فى يدها ولكن ” صمتت شهرزاد عن الكلام المباح حتى يأتى الصباح”. حمدوك كقائد للبلاد ليس ضعيفا ولكن حكومته المدنية ضعيفة بفعل عوامل كلنا ادرى بها. التدخل فى الشرق بدأ فى عهد البشير عن طريق القوة الناعمة. ” تأهيل ميناء بورتسودان” ” تطوير الشرق المتأخر نسبيا عن بقية انحاء السودان” وهلما جرا على قول الحبيب الصادق المهدى. نفس هذه القوى عادت مرة اخرى ولكن هذه المرة مدعومة بالدولة العميقة.عادت للدفاع عن مصالحها التى تواجه تهديدا من قبل حكومة حمدوك. دعنى اكون اكثر دقة القرار السياسى فى عهد البشير كان تحكمه “المصالح” اما القرار السياسى فى عهد حمدوك تحكمه مؤسسات مدنية ضعيفة ولكنها تضع مصلحة البلاد اولا واخيرا. وحديث برهان الاسبوع الماضى ليس بعيدا عن ما يحدث فى كسلا من فتنة قبلية مخطط لها لارهاق الحكومة وتشتيت جهودها وتدمير الاقتصاد السودانى ليس من الداخل. جهد مشترك ضرب الاقتصاد فى مقتل من الخرطوم.
وافشال الخطط الاقتصادية والتنموية. ولكن ايضا تأجيج صراعات الاطراف التى لن تقف على الشرق ولكنها سوف تمتد لجبال النوبة والنيل الازرق. رغم ان جبال النوبة محصنة نسبيا بالكارزيما التى يتمتع بها الحلو. ما اريده قوله هو ان الاطماع الدولية والاقليمية فى الشرق لن تتوقف. مما يحزننى ان فتنة الشرق يقودها بعض ابناء وطنى لمصالح شخصية. وهذا يرجعنى الى النقطة الاساسية التى سوف اظل انادى بها اصلاح السودان يبدأ من اصلاح الشخصية السودانية ولكن هذا ليس موضوعى رغم انه يشكل هاجسا بالنسبة لى. بمعنى اخر اسوأ ما تركه النظام السابق هو جعل المصالح الشخصية فوق الوطن. كما كنت اردد ان النظام السابق حول البلاد الى “نادى” وقسمه كيف شاء. وهذه ” القسمة” هى التى جعلت البرهان يتحدث بهذه الثقة والثبات بل ويرفض ان توؤل مصالح الجيش للدولة. هذه هى العقلية التى تدير الصراعات القبلية فى الشرق. وهى التى قادتها فى دارفور مؤخرا وهى التى سوف تقودها فى مناطق اخرى لجر السودان الى الانهيار الامنى. وبالتالى ايجاد مسوغ مقنع للشعب للانقضاض مرة اخرى على الدولة المدنية الهشة التى نريد ان ننشأها فى البلاد. اخلص واكرر ان حمدوك ليس ضعيفا. ولكن النظام الانتقالى الذى يقوده يواجه تحديات اكبر منه. هذه التحديات بعضها محلى ” الدولة العميقة” وبعضها اقليمى وبعضها عروبي. وبعضها دولى وهو اضعاف السودان. هل ” دعوة بومبيو لدفع 300 مليون دولار لرفع السودان من قائمة الارهاب اتت من فراغ” بالتأكيد لا. وهو على تمام العلم بان السودان لا يملك القدرة على دفع هذا المبلغ الضخم. ولكن تركيع السودان على الطريقة الامريكية والخبث الغربى.
ما يحزننى ان حكومة حمدوك لا تملك القدرة لايجاد حلول نهائية لهذه الصراعات التى اشرت اليها. ادعوا هذه الاصوات التى تنادى باستقالة حمدوك ان تصمت وتدعم حمدوك فى هذا الظرف الاستثنائى الشائك الذى تمر به بلادنا والتى يتكالب عليها الاعداء من كل صوب لانهم على علم ان هذا المارد الافريقى اذا قدر الله له ان ينطلق فلن يستطيع احد الوقوف فى وجهه. وهذه الانطلاقة لا تأتى الا عن طريق تثبيت وتمكين الدولة المدنية فى السودان وبناء المواطن السودانى الذى خربه البشير وصحبه. مرة ادعو لتعمير الشرق بوابة السودان وادعو معى ” كلنا فى الهم شرق”. ولكن هذه المرة الدعوة هى ايقاف نزيف الدم واخماد الفتنة القبلية التى تقودها محاور محلية اقليمية عروبية ودولية. متى نفهم ان السودان الوطن الواعد مستهدف من الكل.متى نصحى. ونكون كلنا فى الهم شرق مثلما قال شبابنا يوما لصلاح قوش ” العنصرى المغرور كل البلد دارفور”.

The post أطماع وأجندة اقليمية ودولية.. كلنا في الهم شرق.. بقلم صلاح إدريس appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى