السودان اليوم:
* من الأشياء التي تثير القلق والإستغراب في المريخ، أن هنالك موارد مالية حقيقية مجمدة وغير مستغلة، بينما تشكو الإدارات من قلة المال، والمريخ في تقديري ثري ينام جائعاً على كنوز الدنيا، وأسباب هذا الواقع الغريب متعددة، أولها أن إداراته محدودة القدرات والآفاق، والجمهور يعتقد أن الإدارة الناجحة تقاس بما تملك من مال، وبمقدار السخاء في الإغداق على النادي وليس بقدرتها على تفعيل تلك الموارد لكي يتحرر النادي من جيوب الأفراد.. وبدلاً أن نبحث عن أثرياء لقيادة النادي ننتخب من لديه قدرات على إدارة العملية الإقتصادية بميزانها الصارم في الصادر والوارد، مع إيجاد إستثمارات حقيقية تعيد الإستقرار للنادي.
* أكتب ذلك بدون التطرق لمجلس الإدارة والرئيس، وهل هو سوداكال أم جمال الوالي أو محمد إلياس محجوب، فذلك لا يهم بقدر ما تهمنا الفكرة والموضوع، لذلك كنت أتحسر عندما أرى تلك المساحات الشاسعة داخل نادي المريخ، تنبت فيها نباتات العشر وتحيلها إلى خرابات تتوالد فيها الكلاب الضالة، ويقضي فيها المشردين حاجتهم، في ذات الوقت الذي تنشب فيها الأزمات المالية بمخالبها في جسد المريخ بسبب مبالغ ضعيفة تثير الإستغراب، ففي السنوات العشرين الماضية تردد فيها إسم المريخ في محكمة العمل مراراً بسبب شكاوى بعض العمال الذين لم يجدوا مفراً من اللجوء للقانون للحصول على حقوقهم التي تثير الضحك والسخرية لو عرفناها كأرقام، ومنهم من اشتكى بسبب عشرة آلاف وأقل من ذلك، بينما ترقد آلاف الأمتار مهملة دون أن يفكر أحد في استثمارها، والناس في حالة صراع وتطاحن وملاسنات وتصفيات واغتيالات حول من يدخل مجلس الإدارة، والمعيار هنا (من يدفع)
* من إنجازات ثورة المنشآت التي قادها جمال الوالي وستظل من الإشراقات المشرفة، تلك الدكاكين التي شيدت حول الملعب، وعددها يفوق السبعين، كانت طيلة عشر سنوات عبارة عن مهوف ومغارات مهملة لم يستفد منها النادي، وكلنا يعرف أن (الجحر) الذي لا يتجاوز المترين والثلاثة في شارع العرضة وما جاورها أصبح إيجاره بالملايين، وبالتالي ليس هنالك مبرر لأن تكون هذه الدكاكين خالية بذلك الشكل.. ولا يمكن أن يتحول المريخ لبئر معطلة وقصر مشيد… يشكو فيه الناس قلة الموارد بينما مساحاته تتحول إلى أماكن مظلمة ومتسخة تهدد بكوارث بيئية تصدر الذباب لجيران الإستاد.
* كنت ومازلت من أنصار الخروج من النمطية المقيتة وتفعيل إستثمارات النادي بما يحقق له دخلاً يكفيه في مواجهة بعض الضروريات مثل مرتبات العمال والموظفين، لذلك.. كنت أتابع عن كثب ما فعله البصري عيسى مدير الإستاد وبواسطة نفر كريم من رواد النادي، وقد شجعنا تلك الخطوات التي حولت حوش النادي من مكان موحش وخرابات متعفنة إلى ملاقى يضج بالحضور والحركة، وسوق يشهد منافع عديدة، وملتقيات متميزة تفيد المريخ ولا تضره.. بغض النظر عن مجلس الإدارة ومدى رضاء الناس عنه وعدمه، فالأمر يخص نادي المريخ كمجتمع، وهذه الحركة في تقديري كانت إيحابية للحد البعيد، وألا يكون بعض أعضاء المجلس على علم بذلك ليس سبباً كافياً للهجوم، فهؤلاء الأعضاء غائبين من تلقاء أنفسهم عن أحداث كثيرة في المريخ ولم يغيبهم أحد، والمهم هنا أنه لاتوجد مخالفة قانونية أو إدارية، لأن كل الإيجارات قد تمت بمكاتبات رسمية أشرف عليها مدير الإستاد مع المدير التنفيذي وهو مفوض من قبل مجلس الإدارة، وعضو المجلس علي أسد متابع لكل التفاصيل بحسب علمي.
* الأهم من ذلك أن بعض المستأجرين كان هدفهم الأول هو إحياء مساحات نادي المريخ وإحياء الجوانب المظلمة، وشخصياً كنت أحد الذين شجعوا نصر الدين الشريفي على ايجار جزء من تلك الدكاكين وتحويلها إلى مقهى وملتقى فهم يؤمه عدد كبير من الأقطاب والرياضيين، من زاوية أن الخطوة فيها تشجيع لتحريك ملف الإستثمارات بالنادي، وربما يكون في الخطوة نوعاً من المغامرة بالنسبة لشخص حريص على الإستثمار.. ولكن الفوائد من وراء ذلك كبيرة جداً للمريخ..!
* في حقبة وجيزة أدخلت هذه الإيجارات البسيطة ما لايقل عن ١٤ ملياراً لخزانة النادي وبالمستندات، والجانب الإيجابي في تقديري ليس في الرقم المالي المذكور، بل في أن الخطوة تعتبر إختراقاً وكسر لحاجز الرهبة لاستئجار هذه الدكاكين.. وحتى وقت قريب كان بعض الناس يقولون أنها لا تساوي شيء، وأنه من المستحيل إقبال الناس عليها لأنها ليست قريبة من سوق أم درمان مثل نادي الهلال، وهاهو شارع العرضة يتحول بمرور الوقت إلى سوق ممتد، والطلب يتضاعف على المحلات التجارية، وبفضل هذه الخطوة الشجاعة أصبحت هنالك طلبات إضافة تشجع المريخ أن يحذو حذو صنوه الزمالك في تحويل سوره الخارجي إلى تجمع أسواق ومحلات تجارية تدر للخزينة مالاً وفيراً.
حواشي
* يجب أن نفرق بين موقفنا تجاه مجلس الإدارة، وما يمكن أن يفيد المريخ في حاضره ومستقبله..!
* وقبل كل ذلك يجب أن يستفيد نادي المريخ من المهزلة التأريخية التي حدثت فيما يخص حوض السباحة… هل وقفتم على تفاصيل تلك المهزلة؟
* حتى موعد إغلاق ملف حوض السباحة وعودته إلى أحضان النادي بواسطة المحكمة لم يعرف أحد الجهة التي شيدت النادي، ولم يدخل خزينة النادي مليماً أحمر يمكن أن نقول أنه من فوائد هذا العمل.. كما لم نعرف من الذي وقع نيابة عن النادي ومن الذي (قبض) المقابل..!
* ذلك العمل (الخرافي) كان سبباً في زيادة الشعر الأبيض في رأس المحامي إبراهيم فتح الرحمن.. وزيادة مساحة الصلعة في رأس الزميل بابكر سلك من هول ما اكتشفاه في قضية حوض السباحة..!
* الحقيقة المرة هنا هي: أنه عندما كان بعض المخلصين مهمومين ببناء النادي،كان البعض يعمل جاهداً في بناء قصوره الخاصة… ولأن المريخ بكل تأريخه ليس به عمل إداري على مستوى الروتين الذي يحافظ على أصوله مرت حقائق كثيرة جداً تحت أجنحة ثورة المنشآت.
* حوش نادي المريخ اليوم أصبح مكاناً يقبل التطوير والتحديث ليكون سوقاً جاذباً يدر على النادي بالمليارات.. لنأخذ الأمر من جانبه الإيجابي..!
* بعض المستأجرين رجال أعمال يملكون عقارات أكبر وفي مناطق مهمة في أم درمان، ولكن مشاركتهم في هذه الخطوة جاءت لإفادة النادي.. من منطلق مريخيتهم.. وخبرتهم في العمل يجعلهم محصنين من الأخطاء القانونية..
* أكثر المناطق المزعجة في تقديري كانت في الناحية الشرقية المطلة على المسجد وملعب المناشط.. وقد كانت عبارة عن بؤرة نتنة تتوالد فيها الطفيليات من أعشاب وحشرات، فتقدم أحد رجال الأعمال بعرض لبناء المكان وتأسيسه كدكاكين، مع دعم سخي للنادي وعقد يقضي بأيلولة العقار للمريخ بعد فترة محددة.. هذه الخطوة يجب أن تلقى منا التشجيع بغض النظر عن الشخص الذي نفذها..
The post قصة إيجار الدكاكين.. من زاويتي..!.. بقلم ابو عاقلة اماسا appeared first on السودان اليوم.