السودان اليوم:
الأستاذ عبد الرحمن أحمد التاي الشهير ب (الامبراطور) كان مُتزعماً لميز بيت (عزّابة) القرية فى ضاحية بُري بالخرطوم ولعله رأى أن بعض الضيوف من ميسوري الحال عندما يزورونهم ويقضون معهم أيام كانوا يُوسعُون على الميز من خيراتهم فقرر أن (فلان وفلان) وحدد أسماء منهم إذا جاءوا زائرين فيُحسن إكرامهم ويؤتى لهم بالبيبسي البارد من البقالة المجاورة. ورتب ذلك مع صاحب الدكان وتكفل هو بسدادها أما بقية الزوار فيكرموا بالموجود بالبيت كالشاي أو وجباتهم العادية. وذات يوم كان هذا (الامبراطور) يتصفحُ (جريدة) مُستلقياً على (عنقريب) مُتهالك عند الأصيل فزارهُم الأخ المنشد المُبدع إبن القرية الاستاذ زين العابدين طه وكان في كامل هندامه بالبدلة (الفُل سُوت) ورباطة العنق مع (الصلعة) فكان يبدو عليه من آثار (الترطيبة) ما يُوحي أنه من أثرياء القوم رغم زهده وبساطته، كان حينها أحد الشباب مُتواجداً ولعله قد إختلط عليه الأمر فهل هذا الضيف من الذين يجب اكرامهُم بالبيبسي أم لا. فشعر (الامبراطور) بإرتباكه فناداهُ وهو يقلب صفحة الجريدة (يا عثمان خُت الكفتيرة .. خُت الكفتيرة). تذكرتُ هذه الطرفة وزيارة وزير الخارجية الأمريكي السيد (مايك بومبيو) على الأبواب وحتماً ستعمل منها حكومة السيد (حمدوك) حدثاً غير مسبوق، وسيغنوا لها طويلاً بأنها أول زيارة لمسؤول أمريكي رفيع للسودان منذ ثلاثين عاماً وأن السودان قد أحدث إختراقاً عظيماً في العلاقات السودانية الأمريكية وسيملأون الدُنيا ضجيجاً بهذا النصر الكاسح (لقحت) بزعمهم وسيكتبون شعراً في تمجيد العقلية الفذّة لحمدوك وعمر قمر الدين وغيرها من المُلهيات وسيُمارسون (سُواقة الخلا) كما لم يمارسُوها من قبل ورغم أن أهداف الزيارة المُعلنة تُغني عن مُتابعة برنامجها ولا تدعو للتفاؤل وهي دعم التطبيع مع إسرائيل ثم و(ثم) تفيد التراخي دعم الحكومة الانتقالية. ولكنهم سيحتفلون ويرقُصُون ويُعلفون وشخصياً لستُ معنياً كمواطن سوداني بهذه الزيارة طالما أن الزائر (الكريم) هو ذات الوزير الذي قال للسيد (حمدوك) بألمانيا عقب الغداء الشهير مع (الست ميركل) أن رفع العقوبات عن السودان أمر شاق وتحكمه إجراءات معقدة لا تقررها وزارة الخارجية و(حمدوك) يستمعُ مُطأطأً رأسه وطالما أن الزائر (الكريم) هو من الذين وقفوا داعمين لتعويض ضحايا المُدمرة (كول) بلا وجه حق، وهو ذات الرجل الذي كلما علا صوتٌ يُطالب حُكومة السودان بتعويضات جديدة كضحايا سفارتي نيروبي ودار السلام كان هو من وقف ورائهم يغمزهم بأصبعه على ظهورهم (أن تقدموا وسيدفع السودانيون) وما خبر أن ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيضاً يدرسون تحريك دعوى قضائية ضد حكُومة السودان طالما أن هؤلاء (البُلهاء) سيدفعون فلن يتوقف الابتزاز ! وطالما أن هذا الزائر وحسب ما نُشر عبر الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية قادم لدعم التطبيع مع إسرائيل فالأفضل لحكومة (حمدوك) والمجلس السيادي أن (يضعوا الكفتيرة على النار) ولا يُرهقوا أنفسهم كثيراً في إكرام الرجل فلن يخرجوا منه بشئ لا تطبيع ولا رفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للارهاب ولا غيرها من الوعود السراب. ولن يتركونا فى حالنا (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى) لم يأتِ بها (الكيزان) بل هي آية كريمة من ربٍ عليم ببواطن الأمور. و صدقوني سيستجدونه فى ختام الزيارة بأي تصريح داعمً لحكومة (حمدوك) يجملون به وجههم ويغطون به سوءة فشلهم ولن يزيدهم معالي الوزير عن كلمتي (سنشرع وسندرس) ولن يفعل شيئاً وسيطير بها إعلام (قحت) يبشر الناس بالمن والسلوى الأمريكي والوعدُ الكذوب وهل صدقت أمريكا يوماً ما إلا مع من يدفع ويرهن إرادته لها ولا أظن أن رئيساً أمريكياً كان أصدق من (ترامب) الذى لم يستح يوماً أن يقول للملأ من يرغب في حمايتنا فعليه أن يدفع أسمعها كل العالم وبصلفٍ وتكبُر. إذاً على السيد حُكومة (حمدوك) أن لا (تتعب نفسها) ولا ترفع سقف التفاؤل وتتعاقد مع الفنادق لإعداد الوجبات الساخنة وأن لا تشتري (البيبسي البارد) فالضيف أبرد من الثلج وأبخلُ أبناء العم سام لا يملك سوى بنطالاً واحداً وقميصاً بلا جيوب ولا يتقن سوى بيع الكلام والابتسامة للكاميرا ولن يُقدم للسودان شيئاً فما زال درب الابتزازٌ طويلاً فهل أنتم مُدركون لذلك؟
قبل ما أنسى:ـــ
ذات الضيف كان يلهثُ وهو يصعد الدرج لمقابلة رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وأبي أحمد ينظر إليه من علٍ مبتسماً لم ينزل إليه مستقبلاً بروتوكول أثيوبي في قمة الشموخ ! فتابعوا معى كيف سيكون استقبال الخرطوم للوزير .
The post ما بين الوزير الأمريكي وزين العابدين طه (كفتيرة شاي).. بقلم صبري محمد علي appeared first on السودان اليوم.