السودان اليوم:
* ما يلفت النظر حال المتابعة لوسائل الإعلام المختلفة في الآونة الأخيرة إرتفاع وتيرة سياسات التقريب والتطبيع من بعض الدول العربية مع إسرائيل فما كان يهمس به سراً وباستحياء كبير صار يمارس جهراً وبافتخار أكبر.
* لتتمدد جراء ذلك مساحات القبول والمشاركة وسط تحليلات بعض “التيوس المستعارة” إعلامياً والمؤيدة لدويلة مهزومة معنوياً ووجوداً اذ كان يقع عليها طلاق “التلاتة” في الإعتراف بها والاقتراب منها ناهيك عن التعامل معها.
* وخير توصيف لهذه الدول العربية المتحالفة مع العدو اللدود القديم والصديق الصدوق الجديد إذا ما تأملت علاقتها المتدهورة مع بعضها البعض غير المراعية لروابط المشاركة والوحدة في ما بينها في الدين واللغة والجغرافيا والتاريخ والاقتصاد والكيمياء حتى.
* والحال هكذا فخير ممثل لاختلال العلاقات السابق معكوس المثل العربي المتداول لنصرة القريب ثم الأقرب فالأقرب (أنا وأخي على إبن عمي وأنا وإبن عمي على الغريب) إذ صار بحسب التقديرات الخاطئة والممارسات المتهورة (أنا وإبن عمي على أخي وكذلك أنا والغريب على أخي).
* فقد نجح أعداؤنا -وبكل أسف- في جذبنا لصف صداقتهم بينما في الجانب المقابل رسخوا باقتدار أن إخواننا هم الأعداء لنحذرهم ونحاصرهم ونقاطعهم فنظرية المؤامرة بريئة من كل هذا بل إنها نظريات الاستغفال والاستجهال وصولاً للاستحمار.
* فلماذا صرنا على بعضنا أسوداً في حربنا وسلمنا بينما نحن ضد أعدائنا -الذين صاروا حلفائنا الخلص- كنعامة تفر من صفير الصافر فهل مرد ذلك غبائنا من أجل الاحتفاظ بكراسي المناصب الزائلة والمصالح الخاصة.
* وهل هذه القيادات تمثل شعوبها -بحق وحقيقة- أم هي قيادات مصنوعة ومزورة وتحكم بالنيابة عن تلك الدول الأعداء وتنفذ سياساتها العالمية وهي مغمضة العينين والعقل والقلب. فحقاً كما قال تعالى: “…. فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور” الآية.
* لأنه إذا قدر لإسرائيل استعمار وحكم العالم العربي بنفسها لما استطاعت تحقيق ما تحلم به من خراب وتفرقة بمثل ما تنجزه عرائس الدمى الانسانية -المحركة لا المتحركة- والمنجزة لها تحقيق مكرها السييء بسرعة عاجلة وطاعة عمياء واتقان مجود.
* هذا بعد أن كانت بعض الدول كالسودان مثلاً ترفع شعار المقاطعة بصورة موثقة ومختومة على جوازات سفرها بعبارة شهيرة: (يسمح له بزيارة كل الأقطار عدا إسرائيل) لكن كأنما بعض الدول العربية تفضل لحامل جوازها الدخول إلى عالم إسرائيل ما عدا الدول الأخرى خاصة المجاورة .
* أقولها مضطراً للأسف فقد صارت الأغلبية لا مانع لديها أو مشكلة للتطبيع مع إسرائيل فهم لا يحاربونها أو يقاومونها أو يقاطعونها لكنه ليته لا يأتي ذلك منهم على حساب الحصار والمقاطعة لأية دولة مسلمة كانت فهم بهذا لا يرتكبون أخف الضررين بل أثقلهما دعك من مجرد التفكير في محاربتهما.
* وما يدفع للتسارع في التطبيع معها الايحاء من قبل آلة التطبيل الإعلامية العالمية -والمملوكة لها هي نفسها- بأن كل الدول تطبع معها لتتساءل كل دولة إذن لماذا لا أطبع أنا معها وأظهر لوحدي بمظهر المخالفة؟!
* وطالما هذه هي القاعدة المتبعة منها وفي طريقها للرسوخ كمفهوم مقبول ومرضي عنه فهي قد سحرت الناس بأن يتعودوا منها على الأمور المستهجنة والنفور من المألوفة والواجبة فالكل قريباً سيطبع ومن لا يطبع هو المعزول لنسأل هل (طبع) التطبيع سيغلب (تطبع) المقاطعة.
* وما يساعدها في تحقيق ذلك دعوات بعض أبناء جلدتنا من الحكام والاعلاميين والذين هم إسرائيليون أكثر من إسرائيل نفسها إذ “يوحون” إليك أن هذا الخنجر المسموم والمغروس في خاصرة الأمة الإسلامية هي المعتدى عليها والمظلومة وليست بالباغية أو الظالمة.
* بالرغم من علمهم بخطأ مقالتهم تلك وأن عاقبة التوادد والتقارب معها هو النهايات القاتلة بالإنتحار والموت إلا أنهم كفراش النار والبهائم يساقون ويسوقون الأخرين معهم إلى حتفهم وهم طائعون ومسرعون وفرحون. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
The post التطبيع طبع أم تطبع؟.. بقلم د. معتز صديق الحسن appeared first on السودان اليوم.