السودان اليوم:
(١)
إحدى السفارات الغربية بالخرطوم استدعت أحد الاعلاميين السودانيين العاملين بها وقد تبقى من انتهاء عقده أيام. قال له مسؤول السفارة: (كنا قد كلفناك سابقاً بكتابة تقارير حول الحريات العامة وحقوق الإنسان. والآن ما عدنا نحتاج لمثل هذه التقارير لأننا نعتبر أن الذين يديرون الشأن السوداني الآن من أصدقائنا. ولذلك فإننا نرغب في أن تغير الاهتمام القديم إلى كتابة تقارير اعلامية لدعم اتفاقية سيداو وتسويقها للرأي العام السوداني وكذلك دعم حركة المثليين في البلاد الذين ترى السفارة أنهم يتعرضون لإضطهاد اجتماعي ومضايقات قانونية وعقدية، وسنقوم برفع راتبك من ٣ ألف دولار إلى ٩ ألف دولار). وكانت دهشة الخواجة عظيمة حين رفض الإعلامي الشاب العرض السخي قائلا:
(إنني أعتذر عن قبول العرض لأنني لا أحتمل تنفيذه مهنياً ولا أخلاقياً) وانسحب في هدوء تاركاً ردهات السفارة تعج بالمتقدمين للوظيفة الآثمة.
لم يستوقفني هذا الخبر المعتاد كثيراً لأنني أعلم علم اليقين بأن كل هذه السفارات رغم الملمس الناعم والمحيا الوضئ الزائف ماهي إلا وكرٌ للشياطين والجواسيس.
أما الخبر الحقيقي فهو أن هذا الشاب كان ناشطاً ثائراً ومثابراً لإسقاط سلطة الإنقاذ وهذا يعني أن شبابنا رغم التقاطعات الفكرية ما زال فيه بركة وخيرٌ كثير، وأن آلاف الدولارات الحرام تقف عاجزة عن شراء ذمم (أولاد القبائل) من الأنقياء الأصفياء.
فما رأيكم دام فضلكم في اعلان اصطفاف شبابي جديد ما بين (مقاومة) أقصى اليمين (ومقاومة) أقصى اليسار يرفع راية حزب السودانيين الكبير العابر للأحزاب والجبهات والإثنيات تحت اللافتة الذكية (معارضون لا خصوم).
(٢)
في إحدى اللقاءات الصحفية ذكر الإمام الصادق بأنه طلب من دكتور حمدوك إقالة مدير المناهج وقد وعد ولكنه لم يف.
نقول للسيد الإمام: (إن أردت أن تطاع فأطلب المستطاع، حمدوك لن يستطيع إبعاد القراي لأنه معين (بالوكالة) والقراي معين (بالأصالة).
والفرق بين الوكالة والأصالة فرق نوع لا مقدار.
(٣)
بعد أن أمرت السيدة والية نهر النيل بجلاء الاستعمار المتمثل في القيادات العسكرية، اغتنم البغاة الفرصة فنهبوا الخزينة العامة ورواتب الموظفين وقاموا بنهب مسلح لمربعات التعدين وأصبحت بربر الآمنة طوال تاريخها خائفة تترقب. ظرفاء نهر النيل يقولون إن الدامر تستعد لاحتفالات يوم الجلاء وقد أصبحت شندي مستيقظة ليل نهار لحماية اطرافها بنشيدها العريق:
(نادوا أخواني الشادين قفايا وبطرّقوا لساني).
(٤)
يبدو أن الموت في زمان القطبية والواحدة بالصيت والسمعة وليس بالعددية. العالم كله الآن يعيش حالة صخب حول مقتل مائة لبناني، ودارفور المنسية تقدم في كل يومٍ مائة ضحية ولا أحد يبالي.
(٥)
جمهورية كاودا (والقطة بنت عم الأسد) بزعامة الحلو بعد أن طالبت ٤٣ مليون مسلم سوداني بترك شريعتهم، ترفض الآن تعيين والي جنوب كردفان وتقتل بلا هوادة الحوازمة وتغتال أفراد الجيش السوداني.
المرهقون هنا في الخرطوم مشغولون بصفوف الخبز المر ودفن المرضى وجلود الأضاحي.
(٦)
الراهن السياسي السوداني أكبر من الثورات وأخطر من الانقلابات، لقد طاحت وباخت كل الاحتمالات، فلم يتبق لهذه الملايين الحزينة إلا انتظار القيامة..!!
(٧)
(كفاية) غضب يا دكتور عمر قمر الدين إن أمريكا لم تفعل شيئاً غير أنها منعت رعاياها من زيارة السودان المضطرب. الحل هو أن تمنع الرعايا السودانيين من دخول أمريكا، المعضلة الوحيدة ستقابلك أنت يا سيادة الوزير الأمريكي الجنسية هل ستكون من الداخلين أم الخارجين أم من الثلاثة المخلفين؟.
The post في انتظار القيامة.. بقلم حسين خوجلي appeared first on السودان اليوم.