انتهى عهد «الكيزان»… فهل انتهى الفساد ؟…سقط نظام الإنقاذ فهل سقطت معه سياسة التمكين ؟ رحل البشير، وانتهت سلطة المؤتمر الوطني ، فهل انتهى التهريب والتجنيب و»التسريب»؟ ولى زمان الجبهجية ، فهل ولَّتْ متلازمة الفساد والفشل والفوضى؟…
الإجابة لكل هذه الأسئلة وغيرها من شاكلتها هي (لا)… لقد سقط نظام الكيزان لكن للأسف ظلَّ منهجه المعطوب دليلاً لـ (الحائرين)، واستمرت عقليته المشوَّشة هي الملهم للذين ورثوا السلطة والحكم من بعدهم، فبدأوا يقلدون سياساته المضطربة، فكانت النتيجة مزيداً من التدهور والانهيار…
كشعب سوداني بكل قواه السياسية الفاعلة ، ومكوناته الثورية يجب أن نعترف بالحقيقة المُرة… لقد نجحنا في تغيير النظام فقط، ولم نتقدم خطوة إلى الأمام بل ممعنين في السير إلى الوراء، طيب سنعبر كيف يا مولانا؟!!.. نعم سقط نظام «الكيزان» ولم يسقط الفساد، ولا الفوضى ولا الفشل ولا تزال التشوهات والاختلالات باقية، وذلك لأن الذين خلفوا من بعدهم وورثوا السلطة اتبعوا ذات المنهج «الإنقاذي»، وطريقة التفكير والذهنية والعقلية وبدا لي أن الذين جاءوا من بعدهم كانوا «محنطين» ومتكلسين أكثر من أسلافهم جاءوا بلا خبرة ولا موهبة ولا إرادة سياسية وبلا فنون للإدارة فطفقوا يقلدون أسلافهم حتى في الفشل والفساد والمنهج المعطوب وسياسة رزق اليوم باليوم…
صدمني حد الإحباط مؤشرات فشل الموسم الزراعي بشقية المروي والمطري، وأدركتُ يقيناً أن السبب في ذلك هو الفشل والضعف الإداري، والفساد… إي والله الفساد الذي ظنناه خاصاً بنظام البشير، الآن أغلب مكاتب وزارة الزراعة في الأقاليم حتى يوم أمس شغالة تبيع في الشهادات المضروبة والمزورة للتجار والسماسرة والمحتالين واللصوص وذلك لتسهيل عمليات نهب جازولين الزراعة المدعوم من الدولة ليقوم هؤلاء اللصوص ببيعه في السوق السوداء بواقع 30 ألف جنيه للبرميل ليحصلوا على ربح (28) ألف جنيه في كل برميل جازولين بعد الحصول عليه بـ (2) ألف جنيه فقط… وبهذا حُرم المزارعون من حقهم الذي ذهب بفعل التزوير والغش إلى أيدي التجار ومافيا الجاز واللصوص والحرامية… وهذه القضية لم نكتب عنها اليوم فقط فقد (لُكناها لبانة) حتى مسخت، ولكن لا أحد يريد أن يتحرك من دائرة السكون، ورغم ذلك فلن نمَلَّ التكرار ولن نسكت حتى ينتهي هذا الفساد الموروث تماماً…
ما الذي يجعلني أبرئ موظفي وزارة الزراعة القائمين على هذا الأمر، وما الذي يجعلني أبرئ كوادر الحرية والتغيير وموظفي الحكومة في المحليات وإدارة البترول، إذا كانت الوزارة هي المسؤولة عن استخراج هذه الشهادات المزورة، ولجان قوى الحرية والتغيير هي التي تقوم بالمراقبة وعمليات المسح «الشكلي»، والميداني، وكيف لي أن أبرئ لجان المقاومة التي تحرس محطات الوقود مع موظفي البترول وترى بعينيها كل أشكال الفوضى..
دعكم عن جاز الزراعة الذي ذهب إلى جيوب السماسرة، واللصوص و»البلطجية» عن طريق التزوير والتواطؤ، انظروا إلى قضية ولاية وزارة المالية على المال العام ، ما التغيير الذي طرأ على هذا الملف الحساس ، أو لا تزال شركات الأمن والجيش والشرطة خارج ولاية وزارة المالية، وهل تملك هذه الأخيرة أي سلطات عليها فيما تجنبه من مال أو ما تصرفه من إيرادات، ألم أقل إن متلازمة الفساد والفشل والفوضى باقية ومستمرة … انظروا إلى عمليات تهريب السلع الاستراتيجية المدعومة، والذهب هل توقفت؟ انظروا إلى انفلات السوق وفوضى الأسعار فهل توقف، أم تراه سادراً في غيِّه؟ …اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة