السودان اليوم:
* بكل وضوح وصراحة ، فإن الأداء الحكومي لا يبشر بخير .. أتحدث عن المستقبل وليس الماضي، فالكل يعرف أن أداء الحكومة كان ضعيفاً للغاية منذ أول يوم وحتى هذه اللحظة، بل لا يشعر أحد بوجودها إلا في الصفوف والازمات، والعجز في التعامل مع مهامها التي تخلت عنها لغيرها ليتلاعبوا بها وينفذوها حسب أهوائهم ومصالحهم، كما في الملف الاقتصادي وملف السلام ..إلخ، وكانت النتيجة الحتمية هي الفشل، فالسلام صار مجرد ورقة ضغط للحصول على المناصب، والاقتصاد صار ألعوبة الألاعيب بين من يريد حماية مناجمه وشركاته ومصالحه، ومن يريد تحقيق مكاسب سياسية برفع شعارات ثورية عفا عنها الزمن، ومن يريد استمرار الأزمات لتحقيق المزيد من الأرباح، وصار المجلس التشريعي وتعيين ولاة الولايات والمناصب الوزارية التي شغرت ميدانا للصراع بين اطياف المشهد السياسي والاحزاب والكيانات، وكأن الشعب ثار وقدم التضحيات ليستبدل المتنطعين المتطلعين للمناصب والوجاهات بغيرهم، لا لتغيير الواقع الأليم الذى ظل يعيشه طيلة الثلاثين عاماً الماضية وما قبلها من سنوات مظلمة .. وسيظل يعيشه مع المعادلة السياسية المختلة وسيطرة القوى العسكرية، والأنانية المتفشية، والحكومة الضعيفة التي كما يقول المثل السوداني (لا بتقطع لا بتجيب الحُجار)!
* طرحت على صفحتي بالفيس بوك (https://www.facebook.com/zoheir.alsarag) سؤالاً في شكل استبيان مفتوح عن الأداء الحكومي استمر على مدى 20 ساعة موزعة بين يومين لمراعاة الوقت المناسب للمقيمين داخل وخارج السودان وهو: (اختر الرقم الذي يعبر عن وجهة نظرك: 1 – جيد، 2 – مقبول ، 3 – ضعيف)، لم أرد منه معرفة الرأي العام في الأداء الحكومي فهو معروف سلفا، ولكن لتحديد النسب، وجاءت النتيجة على النحو التالي:
عدد المشاركات: 975
اصوات مستبعدة: 37
الاصوات الصحيحة: 938
جيد : 22 النسبة: 2.3 %
مقبول: 98 النسبة: 10.5 %
ضعيف: 818 النسبة: 87.2 %
* شمل الاستبعاد المشاركات المزدوجة، والتعليقات خارج اطار الاستبيان واختيار أرقام لا توجد بين الخيارات (مثل صفر أو 4 وهكذا)، بينما تم قبول الإجابات التي لا تحمل أرقاماً ولكنها عبرت عن آراء أصحابها في الأداء (ضعيف، مقبول، جيد)، وعلى كل حال لم يتجاوز عدد الاصوات المستبعدة الرقم (37 ) وهو ما يؤكد جدية المشاركين وإحساسهم بالمسؤولية في التعبير عن آرائهم بشكل واضح من أجل المصلحة العامة، كما حملت بعض الإجابات تعليقات مفيدة حول الأداء الحكومي إلا أنها أخطأت المكان المناسب رغم أهمية ما جاء فيها من آراء!
* النتيجة لا تحتاج الى تعليق، وهى تُعبّر بكل وضوح عن السخط من الأداء الحكومي بنسبة مرتفعة جداً، لا اعتقد أن أية حكومة في أي بلد ديمقراطي كانت ستظل جالسة على مقعد السلطة إذا حصلت على مثلها!
* وبما أننا في بلد غابت عنه الديمقراطية سنوات طويلة جداً، ونشأ وتَطبَّع الكثيرون فيه على مفاهيم وسلوكيات مناقضة للديمقراطية وعدم احترام الرأي الآخر، فليس من المتوقع أن يهز الاستبيان شعرة في جسم الحكومة أو الجهات التي تحتضنها أو تزعم أنها تحضنها بينما هي تعاديها وتعيقها عن أداء مهامها، أو التي تشاركها في السلطة أو بالأحرى التي تهيمن على السلطة، دعك من أن يحركها لتقدم استقالتها او حتى تعتذر عن الأداء الضعيف المخيب للآمال، ولكننا نرجو فقط أن يعكس لها رأي الشارع بدون مواربة أو تلوين إذا أرادات أن تتعرف عليه وتعرف لماذا اختفت هتافات التأييد التي كان الشارع يقابل بها كل فعل أو قول يصدر منها في الأيام الأولى، ولماذا غابت العبارة الشهيرة (شكرا حمدوك) من وسائل التواصل الاجتماعي والألسن وجلسات الأنس التي تحولت الى جلسات غبن !
* لا اتحدث عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة، أو التضخم الفاحش وغلاء المعيشة، حتى لا يرد البعض بانها ازمات موروثة من النظام البائد وتحتاج إلى وقت، ولكنني أتحدث عن الغياب الحكومي الكامل في كل المجالات، وعدم وجود رؤية أو برنامج أو مجرد خطاب إعلامي يوضح ماذا تفعل الحكومة حتى يعلم الشعب لمجرد العلم بالشيء لا أكثر ولا أقل، وبالطبع فلن نطالبها بأن تخبره لماذا لا تفعل، فهي لا تجرؤ على ذلك ولو أخذت الإذن مِن أصحاب القرار !
* ظللنا نعيد ونكرر القول بأن تترك الحكومة الخجل والخوف والتردد الذى تسجن نفسها فيه، وأن تتقدم الى الأمام معتمدةً على الشعبية الضخمة التي يتمتع بها رئيسها الدكتور حمدوك .. ولكن بدون فائدة حتى زالت هذه الشعبية الضخمة أو كادت .. وكل الخوف أن يأتي علينا يوم نردد فيه الجملة المشهورة التي همس بها الزعيم الوطني المصري (سعد زغلول) في اذن زوجته وهو على فراش المرض يائسا من امكانية الاصلاح بسبب جبن وخوف وتردد البعض .. (غطنى يا صفية، مفيش فايدة) !
The post غَطِنى يا صفية !.. بقلم زهير السراج appeared first on السودان اليوم.