الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
مرة بعد أخرى تحدثنا لجنة إزالة التمكين ومحاسبة الفساد واسترداد الأموال مزهوة بانجازاتها عبر مؤتمرات صحفية يتركز الحديث فيها على أمور من قبيل مصادرة الأملاك وإنهاء خدمات الموظفين الذين تشتم منهم رائحة النظام السابق .
خلال مؤتمرها الأخير الذي عقدته في القصر الجمهوري أعلنت اللجنة عن مصادرة عقارات وأراض مضافا إلى ذلك إنهاء خدمات عدد كبير من الموظفين الذين كانوا يشغلون مختلف الوظائف في مرافق حيوية مهمة من بينها وزارة الزراعة والمالية والتخطيط الاستراتيجي والتنمية البشرية والطرق والجسور والصندوق القومي لرعاية الطلاب .
لا نجادل مطلقا حول أهمية اللجنة التي جاءت بها السلطة المدنية المؤقتة لتكون أداة لاجتثاث ومحاربة الفساد الذي استوطن في مجتمعنا ليضاف الى أمراض الملاريا وحمى التيفوئيد وغير ذلك من الأوبئة التي فتكت بالشعب السودانئ ولم تجد لها حلولا علاجية أما الفساد فقد شكل افة خطرة ظلت تنخر في هياكل المجتمع و تتسبب في دمار الوطن سياسيا واقتصاديا وأمنيا ولكن الأسوأ الذي نخشاه الان هو ان تقع اللجنة ذاتها بقصد أو من غير قصد في الفساد الذي يجعل الأبرياء ضحايا لقراراتها .
وفي الحقيقة فان ما نريد قوله هنا ليس له علاقة مطلقا بالعقارات والأراضي المصادرة فتلك مسألة خاصة يعالجها أصحابها ولكن ما يشغل بالنا هو أمر الموظفين الذين فقدوا مصدر رزقهم بموجب القرارات الصادرة من قبل لجنة ازالة التمكين وما أكثرهم بحسب ما جاء في المؤتمر الصحفي .
وحتى يكون الأمر أكثر وضوحا نشرح بأن اللجنة .. وليعذرنا رئيسها على عدم ذكر اسمها كاملا .. ربما تعاملت مع مسألة فصل الموظفين بمنطق معكوس مفاده ( قطع الأرزاق ولا قطع الرقاب ) عقابا لمن تكون قلوبهم معلقة بحكم الكيزان ومن المؤكد ان قطع أرزاق الموظفين كان أمرا مؤلما ولم تقتصر آثاره السيبة على الموظف وحده فحسب وانما دخلت البيوت من أوسع أبوابها حيث الأسر قاست الأمرين لطالما فقدت مصدر عيشها في ظل هذه الظروف المعيشية التي باتت أكثر صعوبة في وجود فيروس كورونا .
شخصيا ربما أكون مخطئا عندما أزعم أنه على مدى الثلاثين عاما الماضية وهو عمر النظام السابق لم ينج منه الذكور والأناث سواء طواعية أو اضطرارا إلا وشاركوا فيه بطريقة أو بأخرى وتقلدوا المناصب الوظيفية بمختلف مواقعها ومهامها ولا أدري كيف يمكن أن تتعامل لجنة إزالة التمكين مع هذه المعضلة ؟.
ومهما يكن من أمر فانه من غير المقبول الأخذ بالشكوك والظنون لإنهاء خدمات الموظفين من جماعة النظام السابق لأن من شأن ذلك أن يؤدي للوقوع في أخطاء فادحة تحط من طموحات أبناء السودان الهادفة لإقامة دولة الحرية والسلام والعدالة.
عفوا فلتقبل لجنة ازالة التمكين جهلنا بالاليات التي تستخدمها لتصنيف الموظفين الذين يستحقون الطرد إلى الشارع وغيرهم من يستمرون في وظائفهم وان كنا نتفق مع الاراء المطالبة بعدم طرد الموظفين المؤهلين خبرة وتدريبا من وظائفهم بغض النظر عن مشاركتهم في النظام السابق فقد يكونون بمنأى عن الانتماء الحزبي ومن المؤكد ان طردهم ليس هو القرار المناسب بل المهم هوالاستفادة منهم في مواقع العمل خاصة ان الدولة أنفقت عليهم الكثير من المال وأكسبتهم الخبرات المهنية من خلال اشراكهم في الدورات التدريبية .
في تقديرنا أن لجنة إزالة التمكين ومحاسبة الفساد واسترداد الأموال يمكن ان تكون محل قبول وقراراتها موضع تقدير واحترام عندما يكون القضاء طرفا فيها وهذا الأمر هو المهم لإقناع الرأي العام محليا وخارجيا أن السودان بات فعلا دولة مدينة يحكمها القانون ومجتمعها متصالحا مع نفسه ومع غيره فالتعايش السلمي بين مكونات المجتمع يمثل الطريق الأقصر لتحقيق دولة مدنية تجسد شعار ( حرية سلام عدالة ) .
The post السودان: سليمان الماحي يكتب: المفنشون appeared first on الانتباهة أون لاين.