السودان اليوم:
احتفلتُ أمس مع اصدقائي على حسابي بالفيسبوك، بمناسبتين عظيمتين ، الأولى بمناسبة إنجاب لبوة حديقة القرشي الشهيرة «4» أشبال…والثانية بنتائج مؤتمر اصدقاء السودان في برلين، وكان احتفالنا بكلا المناسبتين وطنيا رائعاً فانهمرت التعليقات الصادقة معبرة عن الآمال والأحلام الوطنية، وكان التفاعل من اصدقاء صفحتي عظيماً يرتقي إلى عظمة الحدثين المتشابهين في كثير من الملامح والعبر والرمزية..
«1»
وبين نتائج المؤتمر، وقصة تلك اللبوة، رمزية عظيمة وإشراقات، وآمال، وطموحات، ودروس وعِبَر تشحذ همتنا الوطنية، وتقوي عزيمتنا، وتضيء لنا طرق المستقبل.. لكن ما العلاقة بين مؤتمر أصدقاء السودان، وقصة لبوة حديقة القرشي التي اختطفها الموت مع الأسود الخمسة، ولكنها نجت بعد الانتقال إلى محلية الدندر..؟ ولماذا الربط بين الحدثين في مقال واحد، وتحت عنوان واحد
«2»
كانت لبوة حديقة القرشي التي تحولت إلى قضية رأي عام محلي وعالمي وتلقفتها القنوات الفضائية، ووكالات الأنباء العالمية، كانت حبيسة قفص الاعتقال بالخرطوم، تعاني الهزال والضعف والجوع والمرض، بسبب الإهمال الإداري والفشل والفساد، وتتجرع ويلات القهر والحبس وغياب الحرية، مُعتقَلة الإرادة، سليبة الحرية لاتقوى على النهوض، معصوبة العينين حتى لاترى مخرجاً للخلاص من قفص الموت، حالها كحال السودان قبل الحادي عشر من أبريل 2019…
«3»
جاءت لحظة الخلاص على كاميرا الناشط السياسي عثمان صالح، الذي ازاح الغطاء ووضع كل الفضائح تحت فلاش كامرته الثائرة ليتفرج العالم على تلك العقلية النشاذ التي تعرف سبيلا للرحمة والرفق، وتحت الضغط الاعلامي المحلي والعالمي عبر “السوشيال ميديا”،جاءت الرعاية الصحية والبيطرية، تجرجر ازيالها، وتضع يدها على الجسد الخامد ، وتُحْي العظام وهي رميم بإذن الله.
«4»
جاء قرار نقل لبوة حديقة القرشي بجثتها الهامدة وعظامها الناتئة، وجسدها البالي، إلى استراحة الحياة البرية بمحلية الدندر تحت رعاية إدارة المحمية هناك لتساعدها على النهوض مثلما فعل معنا أصدقاء السودان أمس، فكان قرار انتقال اللبوة الى الدندر بمثابة كوة أمل وطريق نحو الحرية والانعتاق والتخلص من الجوع و الخوف، والتعافي من المرض، والعودة للحياة من جديد، ومن ثم النهوض والاستقرار والأمان لهذه اللبوة الرمز..
«5»
بقليل من الاهتمام، والرعاية الصحية، وقهر الجوع، والمرض الذي وجدته لدى إدارة محمية الدندر، عادت اللبوة إلى الحياة من غياهب الموت ونهضت، ووقفت على رجليها، وعاشت حياتها الطبيعية، واستجمعت كل قواها العقلية والجسدية، والنفسية، والبيولوجية فكانت القدرة على إنجاب «4» أشبال دفعة واحدة، هم الأمل ورمزية المستقبل الآتي بإذن الله..
«6»
احتفلنا مع لبوة حديقة القرشي التي عادت للحياة بعد موات، بإنجاب اشبالها الأربعة، لنستلهم العِبَر والدروس من ملحمة البقاء التي تتجلى فيها الإرادة، والتمسك بأهداب الأمل وإن كان ضعيفاً، والتشبث بالحياة وإن تقطعت بنا السبل..
«7»
فلنكن نحن رجل أفريقيا المريض الذي عانى ويلات الحروب والنزاعات، والمرض والجوع، وجاء نظام الإنقاذ فوضعه في قفص مصوب العينين وقد سد عليه كل منافذ التغيير والحرية، ليموت بالجوع والاهمال والقهر والاستبداد، حال لبوة حديق القرشي…ولتكن كاميرا الناشط عثمان صالح هي جذوة الثورة التي أجبرت كل الإدارات على التغيير، والاهتمام والرعاية الصحية للبوة حديقة القرشي رمز النضال والارادة الحرة، والقدرة على تحدي كل الظروف والمتاريس والعقبات..
«8»
وليكن مؤتمر برلين الذي جاء ليساعدنا على النهوض، ويفتح لنا آفاق المستقبل والتعامل مع الاسرة الدولية التي لاننفصل عنها، فليكن ذلك المؤتمر هو استراحة الحياة البرية بالدندر التي هيأت كل أسباب النهوض والقوة والانجاب لملكة كانت تتخطفها أيدي الضياع..
اجتازت لبوة حديقة القرشي كل الصعاب، وتخطت بصبر وعزيمة كل الحواجز والمتاريس، وتجاوزت كل الصعاب ، لتعلمنا كيف نفعل إذا ما أردنا لشعبنا الحياة التي يريد…اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.
The post اللبوة وأصدقاء السودان.. بقلم احمد يوسف التاي appeared first on السودان اليوم.