السودان اليوم:
*ألجمتني الدهشة وتملكتني الحسرة وأنا اقرأ مقالا للمهندس الطيب مصطفي أرسل عبره سهاما حارقة ناحية الأستاذ الكبير أحمد يوسف التاي،لمجرد أن الثاني أكد علي حقيقة يعرفها حتي راعي الضأن في الخلا تؤكد أن البشير لو كان موجودا في السلطة حتي الآن _ لا قدر الله _ لتفاقمت الأزمة الاقتصادية وربما لدخل السودان في مجاعة نتيجة لفساده وظلمه وسوء إدارته وعشقه للحروب.
*ومنبع حسرتي يعود الي أن الرجل المهذب ونقي السريرة التاي انتفض وثار حينما تم إلقاء القبض علي الطيب مصطفي، وسجل موقفا مشرفا للتاريخ _ يشبهه تماما _ وهو يوجه أحرفه الناقدة إلي من وقفوا وراء وضع زميله حراسة قسم شرطة المقرن بالخرطوم، واستنكر هذا الفعل واعتبره خرقا لمبادئ ثورة ديسمبر العظيمة، ولم يكتف التاي بمقال واحد بل كتب مقالا ثانيا بمداد المهنية والتجرد والأخلاق وهو يؤكد رفضه القاطع منهج لجنة إزالة التمكين لأنه كان يري فيه ردة الي عهد البشير الشمولي.
*وفي سبيل دفاعه المستميت عن وجهة نظره وتأكيده خطأ القبض علي الطيب مصطفي، فإن التاي تعرض لهجوم حاد من معظم الصحفيين وواجه اتهام التخوين من قبل الثوار الذين لم يألفوا قلمه الشجاع وهو يدافع عن احد رموز عهد الظلام الإنقاذي، وتحمل بصدر رحب كل الانتقادات التي شككت في ولائه للثورة وذلك لإيمانه بالمبادئ التي يدافع عنها ويسعي لترسيخها.
*وظل التاي ينافح عن فكرته ومقاصده التي تكمن وراء استهجانه ايداع زميله الطيب مصطفي الحراسة رغم اختلافهما المفاهيمي والسياسي،ظل التاي ولاسبوع كامل يؤكد علي رأيه ويرفض التنازل عنه، في وقت تواري فيه كتاب محسوبون علي التيار الإسلامي عن الأنظار تماما وامسكوا عن دعم ومساندة اخيهم مصطفي، بل إن أحدهم في مجموعة بتطبيق الواتس اب تضم إسلاميين أشار الي أنه يستحق الحكم بالمؤبد لأنه من أسباب الأزمة الاقتصادية بإسهامه في إنفصال الجنوب.
*وبكل صدق أشفقت علي أستاذنا التاي وهو يواجه عاصفة من الانتقاد بسبب موقفه الداعم للطيب مصطفي ولم يجد من يقف بجواره ربما لأن خطوة توقيف الثاني وجدت استحسانا في الشارع، ورغم ذلك لم تلن للتاي الموسوم بالشجاعة قناة ولم تضعف له همة ولم ينحن لعاصفة الانتقادات التي وجهت ناحيته وذلك لأنه رجل مبادئ وليس منافقا يسبح مع التيار.
*ورغم هذا الموقف العظيم فإن الطيب مصطفي ضرب به عرض الحائط حينما خرج من محبسه ولم يمارس وفاء يحض عليه ديننا الحنيف ناحية الذين وقفوا بجانبه في محنته، وعلي رأسهم التاي الذي وبدلا أن يشكره علي سمو أخلاقه ودعمه له، فتح ناحيته نيرانه الهوجاء متجاوزا حقيقة أن التاي وقف مع قلة قليلة دافعت عنه في وقت كان الكثيرون سعداء بإلقاء القبض عليه وهم يتمنون أن تطول إقامته في السجن.
*ومثلما أبدي استاذنا التاي دهشته من التغيير الكبير الذي طرأ علي منهج الطيب مصطفي الذي كان من أشرس معارضي الإنقاذ في السنوات الأخيرة الي منافح ومدافع عنها بعد الثورة، فإنني اشاركه ذات الدهشة، وهذا التحول الذي يصعب تفسيره لايخرج من احتمالان، إما أن المهندس الطيب مصطفي كان يعارض الإنقاذ وفقا لدور مرسوم هدفه ذر الرماد في العيون ولتنفيس الرأي العام، أو أن منطلقاته في معارضته لثورة الشعب شخصية من واقع فقدان ابن اخته ملكه ومكانته وتحوله الي مجرد مجرم يقبع في السجن. وفي كل الأحوال فإن مقابلة الإحسان بالإحسان من شيم الكرام ولكن كل إناء بما فيه ينضح..
خارج النص
يكفي التاي فخرا أنه انتصر لأخلاقه وانحاز لمبادئه كالعادة ولا يضره بعد ذلك جحود الشانئين.
The post (تستاهل يا التاااااي).. بقلم صديق رمضان appeared first on السودان اليوم.