دفعت الحكومة الانتقالية التكلفة الأكبر لطبيعة الصراع بين مكونات ق .ح .ت ، من جهة ، ومن جهة أخرى تحملت خلافات و توترات المكون العسكري فيما بينه و ق. ح. ت ، مما أثر على دورالحكومة في معالجة القضايا الاسياسية والالتفات إلى الازمة الاقتصادية و تداعياتها على الوضع السياسي للبلاد داخليآ و خارجيآ ،، و كان لهذا الصراع اثره البالغ في غياب الموضوعية في الخطاب السياسي و منهجية معالجة الاوضاع الاقتصادية لانجاح الانتقال، و ادى ذلك الى الارتجال و العشوائية و غياب التخطيط والغرق في تفاصيل صغيرة وترك الاولويات فى ظل تنافر وخلافات الحرية والتغيير ، فلم يعد ممكناً تطوير البناء المؤسسي للحرية والتغيير وخلق قيادة سياسية موحدة تقود الانتقال وقضايا الثورة، مما اوجد فرصآ للتشكيك فى امكانية تماسك الفترة الانتقالية واغرى جهات كثيرة داخلية و خارجية للالتفات لالتهام الوضع الهش .
الازمة الحالية في الحرية والتغيير اثرت على كل عملية الانتقال ودور الحكومة الانتقالية وقدرتها على مخاطبة قضايا الثورة واصبحت الازمة السياسية انعكاس للوضع التنظيمي الشائه والذي يتطلب علاجه الان تقديمه على الاستمرار في النهج السابق في قبول التعامل مع نتائج الاخطاء دون معالجة الاخطاء نفسها والذي يقتضي الإصلاح التنظيمي والمؤسسي الآن وفورآ، بالتوافق على خارطة طريق للإصلاح التنظيمي والبناء الهيكلى أولاً ، كأساس لمخاطبة قضايا الثورة بمشاركة كافة قوى الثورة بتمثيل حقيقى وواضح وفقآ للاوزان السياسية ، وهذا هو الطريق الوحيد للمحافظة على وحدة قوى الثوررة عبر مجلس انتقالي يفضي الى مؤتمر تأسيسي ، بما يمهد لتطوير الوثيقة الدستورية ، و خلق شراكة سياسية تقوم على المسؤولية الوطنية في العبور الامن للمرحلة الانتقالية ، وهذا وحده هو الطريق والضمان للتفاعل والمشاركة الجماهيرية الواسعة والفعالية السياسية الداعمة لحكومة الانتقال وبما يوفر فرص لانتقادها و تقويمها و ترشيد ادائها ، عليه يصبح امتثال قوى الحرية و التغيير للإصلاح المؤسسي والتنظيمي مدخلا مهماً لاستعياب مرحلة دخول السلام حيز التنفيذ ، والتعامل الرصين مع التغييرات التي ستطرأ على شكل السلطة و اطرافها ، و الاستعداد للانتخابات و المؤتمر الدستوري .
اسئلة ملحة حول الركائز الرئيسية حول عملية الانتقال ، أهمها كيفية نقل رئاسة المجلس الانتقالى إلى المدنيين ، و هل سيكون رئيس المجلس المدني هو القائد الاعلى للقوات المسلحة ؟ و ماذا عن منصب النائب الأول لرئيس المجلس وهو لم يرد في الوثيقة الدستورية ؟ وهل سيكون من المكون المدني أم من المكون العسكري ؟ و ما مصير اللجان التي يرأسها عسكريون او يشاركون فيها ؟
لا حديث عن القضايا الاستراتيجية في ملف العلاقات الخارجية ، و وجود قوات سودانية تحارب خارج الحدود ، و ملف سد النهضة ، والاوضاع الحدودية مع اثيوبيا ، لا حوار حول البند السادس و احتمالات صدور قرارات اممية لاحقة تمس شروط الحكومة لطلب العون الأممي ، كما ان الحوار المجتمعى حول الاوضاع الاقتصادية لم يبارح الاعلان عنه الى طرح الرؤى و الافكار و يأتي الحديث عن مؤتمر المانحين دون اعداد جيد و دون تهيئة داخلية للاستفادة منه ، اما البرنامج الاسعافي فاصبح من الماضى فضلآ عن عدم التطرق لأي تنمية خاصة في القطاعات الحيوية في الطاقة و الزراعة و الصحة ، اما السياسات التعليمية فحدث و لا حرج ، نفس المناهج و ذات الوسائل و التشوهات في التعليم العام و الخاص ،
هذه قضايا لن ينفع فيها طشاش او طناش ، و سيأتي اليوم الذى تكون فيه سببآ لخلافات لا تنتهي ، مما يدخل البلاد في أزمات متلاحقة و ينذر بشر مستطير ، لذلك تتعدد السيناريوهات البديلة لاستبدال الطناش بالرشاش و حينها سيعلم الذين ظلموا اى منقلب ينقلبون ،
اللهم هل بلغت فأشهد.
صحيفة الجريدة