بعد نحو 10 أيام ستنتهي المدة الزمنية للحظر الشامل المفروض”ولو نظرياً” على ولاية الخرطوم ،ومدن أخرى ،وسط توقعات برفعه أو تقليل ساعاته ،سيما وأن دولاً في المحيط الإقليمي والدولي انتهجت مناهج أخرى غير الحظر في مواجهة فيروس كورونا.
غير أن تجارب الدول وطرق تفكيرها خارج صندوق “الحظر” تعرضت لضربة موجعة إلى حد ما،إذ اعترفت الحكومة السويدية بأن ثمّة مجالاً واسعاً لتحسين الأداء في مواجهة الوباء ،بعد شهرين ونصف من تجربة (مناعة القطيع) لقطع دابر وباء كورونا .
ومناعة القطيع تعني حسب المفهوم السويدي الإبقاء على وتيرة الحياة على طبيعتها، وهى أذهلت العالم وأثارت إعجابه ،بما في ذلك كثير من السودانيين الذين طالبوا بتطبيقها مضيفين عاملاً آخر يدفع نحو ذلك الاتجاه يتعلق بوجود شرائح وطبقات غير قادرة على توفير احتياجات لأنها تلملم رزقها يوماً بيوم .
ولفت القرارات السعودية ايضاً برفع الحظر والتشديد في إجراءات اخرى مثل إلزامية لبس الكمامات ومنع التجمعات ،لفتت ايضا السودانيين وطالبوا بتطبيقها ،لكن السعودية نفسها أحبطت من النتائج في الأيام الماضية وقررت إعادة تشديد الاحترازات الصحية في مدينة جدة لمدة 15 يومًا، مرة أخرى.
وبنظرة للسودان مرة أخرى نجده فرض حظرا للتجوال في العاصمة ومدن اخرى منذ 18 أبريل ومنع التنقل بين الولايات بداية لمدة 3 أسابيع ،زادها أسبوعين ثم أسبوعين إضافيين ،ويعتقد البعض ان تلك الإجراءات لم يكن لها اثر بدليل أن الإصابات تخطت حاجز 6 آلاف.
ولم تتوقف الدعوات حتى الآن لرفع الحظر كليا وتغيير القيود ، اعتقادا من الداعين لها أن النتائج ستكون أكثر ايجابية لجهة أن الشرائح الضعيفة لم تستطع أن توفر احتياجاتها لذلك الأرجح بعد نهاية التمديد سيرفع الحظر ولكن هل يستفيد السودان من تجربة السعودية والسويد.
يرى مدير الإدارة العامة للطب الوقائي بصحة الخرطوم، د. خالد عثمان، في حديثه لـ(السوداني) إلى أن القرار ما زال مبكراً لجهة أن الوزارة تعمل على وضع دراسات حول ذلك، موضحاً أن الأمر يحتاج الى تقييم كامل منذ بداية الجائحة و حتى نتيجة الحظر الحالي.
وأضاف: السلطات الصحية تعمل الآن على جمع كل البيانات وتحليل كل الخطوات وتقييم الوضع ومنحنى الإصابات، وما أن كان هناك انحسار، موضحاً أن التقييم للخطوة ايضا يتطلب تقييما للنظام الصحي ، وهل مستعد للمرحلة تقييم مع بعض ومن ثم يتخذ القرار، مشيراً الى أن تطبيق الإجراءات تختلف من بلد لبلد ومستوى الوعي للمواطن وان تنفيذه في السودان ليس ملزما ان يكون شبيه بقرار الدول الأخرى.
وحول دعاوى الشارع المطالبة بتطبيق سياسية مناعة القطيع المنتقاة من التجربة ، يقول د. خالد إن الأمر يحتاج لدراسة وان الدعاوى غير معتمد عليها،و القرار متروك لتقارير الجهات ذات الصلة و الأحوال العامة كذلك، والدارسة بشكل عام، موضحاً ربما تظهر مستجدات قوية.
أما الصحفي محمد المختار يذهب في حديثه إلى أنه في السودان لا تستطيع التنبؤ بما سيحدث بخصوص رفع الحظر من عدمه، لأسباب كثيرة منها غياب المعلومة، وعدم وضوح رؤية الجهات التي تدير أزمة كورونا حيث هناك قصور في الرؤية لدى القائمين على الأمر.
وأضاف: رغم أن الأزمة تحتاج إلى تكامل القرار الطبي العلمي والقرار السياسي، مع حشد لجميع الموارد لمجابهة الوباء، الذي بدأ في ولاية الخرطوم بأعداد قليلة، وكان بالإمكان احتواء انتشار الفيروس في العاصمة، لكن لخلل ما في إدارة الأزمة انتشر في جميع ولايات السودان، موضحاً انه حتى قرار إعلان الحظر الكامل اتخذ بطريقة كارثية أي طريقة إعلانه مما مكن ملايين المواطنين من السفر إلى الولايات وبالتالي فإن هذا الأمر يسهم في نقل الفايروس ونشره في الولايات، علاوة على ما أحدثه من هلع محدود في شراء السلع والضغط على الأسواق وصفوف الغاز، مشيراً الى أن الحلول السهلة كانت في متناول اليد، والآن تعقد الأمر، وحتى طريقة تعامل الجهات المعنية مع الحظر خلال الفترة الماضية تستبطن مناعة القطيع، كون التساهل في مسألة الحظر غريبا ومريبا، خاصة وأن الدول الأكثر صرامة وتشددا في تطبيق الحظر أعادت الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي كالأردن وتونس وغيرهما من الدول الأوربية التي بطش بها الفيروس.
تراخٍ أمني:
على الرغم أن الإغلاق الشامل استمر لأكثر من 60 يومياً إلا ان أعداد الإصابات في ازدياد، وارتفع العدد الكلي للإصابات منذ بداية الجائحة إلى6031 إصابة منها (4736) داخل ولاية الخرطوم، وعدد الوفيات الكلي (359) وفاة.. الأمر الذي قوبل بانتقاد القوات النظامية لتراخيها في تطبيق الحظر الشامل بصرامة.
في ذلك ذهب الناطق الرسمي باسم الشرطة السودانية اللواء عمر عبد الماجد إلى أن الفترة السابقة صاحبتها بعض التجاوزات من عدم التزام المواطنين والشرطة، وأوضح أن الشرطة راعت للظروف المتعلقة بالمواطنين في نهاية رمضان وإقبال العيد وصرف الرواتب لذلك تعاملت بقدر من المرونة وتقدير الموقف، واصفاً الوضع الصحي في البلاد بالخطر جداً، ولا يحتاج الى إعلان حظر تجوال، وقال: “المواطن يفترض ان يحظر نفسه تلقائياً”.
وأشار عبدالماجد إلى أن عملية تنفيذ الحظر كبيرة من حيث التشغيل والقوات والسيطرة على أطراف العاصمة، وأوضح أن الانتقادات تصاحب أي عملية.
وأضاف عبد الماجد: “مع ظروف وإمكانيات البلد، ليس هناك تراخٍ مقصودً ولكن ربما يشوب عملية الانتشار بعض التقصير من وقت لآخر”. وتابع: “إن الشرطة تراجع عملها من وقت لآخر وليس هناك قصور مقصود”، ونوه إلى أنها قادرة على تنفيذ الحظر بنسبة (100%) إلا أن هناك ظروفاً تفرض نفسها في لحظات معينة، ونوه إلى الرهان على وعي المواطن.
ونوه الناطق الرسمي، إلى أن تنفيذ الارتكازات يشهد تنسيقاً وتعاوناً نموذجياً مع الزملاء في القوات المسلحة ووصف التجربة بالمثالية، وان ظهور احتكاكات أو ما يعتبره البعض مضايقات ليس بالأمر الممنهج وهو غير مقبول من قبلهم، وناشد المواطنين للتحلي بالصبر وتقدير الحالة بشكل متكامل والتضحية بالقيود المفروضة للخروج من سيناريو مخيف.
الخرطوم : مشاعر أحمد
صحيفة ( السوداني )