بدا تجمع المهنيين بالنسبة لقطاعات واسعة من الشعب كعصا موسى لكنها لم تشق البحر هذه المرة، بل كانت قاصمة لنظام الثلاثين من يونيو إلى أن سقط وعزل رئيسه السابق عبر ثورة ديسمبر، إذ كان التجمع إحدى أدوات سقوط النظام عبر المسيرات التي دعا لها عبر صفحته بفيس بوك ولبى نداءها الشعب السوداني.
وعلى الرغم من مرور موجات عديدة ظل التجمع صامدا، أو لعل هذا ما بدا لمن هو خارج الكواليس.
القيادي بتجمع المهنيين السودانيين د. محمد ناجي الأصم أقر بوجود أزمة داخل الكيان وأن الخلافات حدثت منذ اندلاع الثورة، مشيرًا إلى أنهم صمتوا لأن الوقت لم يكن مناسبا حينها، موضحاً أن الانقسام حدث بتجمع المهنيين في الـ 10 مايو الماضي.
وأضاف الأصم في مؤتمر صحفي أمس “السبت”، كنا متفقين فقط على إسقاط النظام.
أس الصراع
قبيل إعلان نتيجة انتخابات السكرتارية الجديدة والتي كانت الأغلبية في عضويتها للحزب الشيوعي أشار البعض إلى وجود أزمة داخل التجمع وتكتل لأجسام وأفراد وواجهات حزبية.
وهو ما أشار إليه التجمع في بيان له أمس إلى أن بعضاً منه تَنَكبَ عن الطريق مُتكتّلاً على أساسٍ حِزبيٍ وسياسي ظهر عَلناً لأولِ مرّةٍ في فبراير من العام ٢٠١٩م بإجتماعِ عددٍ من أعضاء وعضوات تجمع المهنيين السودانيين من منسوبي تيارٍ سياسي محدد للتآمرِ والتنسيق على أساسٍ حِزبي بِغَرض ترشيح أحد منسوبيهم لتنسيقيةِ قِوى إعلان الحرية والتغيير باسم التجمع، وتوالت بعد ذلك عملية توجيه تجمع المهنيين لصالح خطاب سياسي معزول جماهيرياً، ومحاولاتٍ لإعاقة عملية الانتقال السياسي ابتداءً من الوثيقة الدُستورية مروراً بلجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين وإنتهاءً بمساعىِ تخريب جهود السلام الجارية.
الأصم أوضح خلال المؤتمر الصحفي أمس أن بعض الأجسام في التجمع باتت تُمثل واجهات حزبية مُحددة، وأن بعض الأجسام المهنية لا تستند على قواعِد حقيقية، وأكد سعيه لعملية إصلاحية حقيقية داخل التجمع.
وقال: إن تجمع المهنيين إذا تحول لخدمة أجندة حزبية محددة فلن يتمكن من أن يكون تجمُعاً للمهنيين، لكن يمكن تسميته شيئا آخر.
وشدد الأصم على أن عملية التجسير الحزبي يجب أن تتوقف.
مصادر أشارت في وقت سابق لـ (السوداني): إلى أن العملية الانتخابية من حيث الاجراءات صحيحة إلا أن النتيجة أتت بكوادر حزب واحد في قيادة تجمع المهنيين.
آراء مضت للقول بأن محاولة الأحزاب السيطرة على تجمع المهنيين عائدة إلى تعيين الولاة وتكوين المجلس التشريعي للظفر بمقاعدها.
محاولات إصلاح
في ذات السياق أعلن التجمع في بيانه أمس عن تكوين قيادة تسييرية توافقية تقوم بعقد مؤتمرٍ تداولي لتجمع المهنيين السودانيين خلال ثلاثة أشهر، عقد جمعيات عمومية للكيانات المهنية المختلفة قبل المؤتمر التداولي ضماناً لأن يضم التجمع كيانات معبرة عن قواعد حقيقية وتمتلك تفويضاً منهم لتنفيذ برنامج عمل محدد، توفيق أوضاع الواجهات الحزبية وفق المعايير القياسية المعتمدة للأجسام الأعضاء بالتجمع، مواصلة العمل على إجازة قانون النقابات وتهيئة الطريق لعقد انتخابات حرة ونزيهة تستعيد بها بلادنا حركة نقابية متحررة من الهيمنة الحزبية.
فيما قال الأصم إن “الانتخابات التي جرت مؤخراً لاختيار سكرتارية جديدة لتجمع المهنيين لم يراعَ فيها الأسس الديمقراطية لعملية الانتخاب، وأدت إلى مزيد من الإنقسام.
بالمقابل هاجم تجمع المهنيين مجموعة (الأصم) متهماً إياها بالتهافت على المناصب مؤكداً أن التغيير الذي حدث مؤخراً في قيادته تم بأعلى درجات المؤسسية.
ووصف التجمع في بيان له أمس السبت” المجموعة التى نظمت المؤتمر الصحفي بالمهزومين، و الخطوة التي قاموا بها بالانتحارية.
شرارة الانقسام
الاثنين فجر الـ١١ من مايو أعلن تجمع المهنيين السودانيين عن انتخاب سكرتارية جديدة للتجمع، مشيرًا في بيان له وقتها على صفحته الرسمية بفيس بوك إلى أنه جرى انتخابها عبر مجلس التجمع وبأسلوب ديمقراطي وروح بناءة تتطلع لرفع فاعلية التجمع.
وخلت القائمة من القياديين البارزين في التجمع د. محمد ناجي الأصم، وأحمد ربيع.
وضمت السكرتارية الجديدة المنتخبة كلا من محمد عبد الرحيم حسن فاروق، الفاتح حسين، سماهر المبارك، عثمان أبو الحسن
إسراء إسماعيل، أمجد المبارك، عمار الباقر، عبد الرحمن نور الدين.
على الرغم من إعلان التجمع أن السكرتارية جرى انتخابها عبر مجلس التجمع، إلا أن هذه الخطوة أدت إلى إصدار بعض أجسام التجمع لبيانات رافضة لهذه الخطوة.
فالتحالف الديمقراطي للمحامين قال في بيان له إن العملية الانتخابية التي تمت جاءت معيبة من حيث الشكل والمضمون، مشيرًا إلى أن انتهاء دورة السكرتارية لتجمع المهنيين في اغسطس ٢٠٢٠م ، ولا يجوز إجراء انتخابات مبكرة عن هذا التاريخ إلا في حال خلو السكرتارية من الأعضاء لأي سبب، أو صدور قرار بسحب الثقة عن السكرتارية أو إعفاء أي من أعضائها.
وأشار إلى عدم الاعتراف بالانتخابات التي جرت يوم ١٠ مايو ٢٠٢٠م ونتائجها على كافة المستويات، مطالبا بسحب ممثل التحالف من السكرتارية التي انتخبت يوم ١١ مايو ٢٠٢٠م.
إلا أن رئيس التحالف الديمقراطي للمحامين قال في بيان له الاجتماع الذي عقده بعض منسوبي اللجنة السياسية للتحالف الديمقراطي للمحامين يوم الثلاثاء 13 مايو الذي قرروا فيه عدم اﻻعتراف بنتائج انتخابات تجمع المهنيين وسحب عضو التحالف الفاتح حسين من سكرتارية التجمع يعتبر اجتماعاً باطلاً ولا أثر لجميع قراراته.
أجسام التجمع
لم يتوقف رفض الخطوة المعلن عنها وانتخاب سكرتارية جديدة على التحالف الديمقراطي للمحامين رغم نفي رئيس التحالف، لكنها خطوة أشارت بوضوح إلى الصراعات داخل تجمع المهنيين السودانيين، حيثُ أصدرت العديد من أجسام التجمع بيانا حول الأوضاع داخله مع رفضها لما تم مؤخرًا.
لجنة أطباء السودان المركزية لم يكن انتقادها للعملية التي تمت ببعيد عن بيان التحالف الديمقراطي للمحامين، حيثُ أشارت في بيان لها اليوم الأربعاء إلى أنه وفقاً للائحة التجمع المجازة في منتصف العام ٢٠١٨م فإن مناقشة خطابي الدورة والميزانية وانتخاب السكرتارية الجديدة من المفترض أن يكونا في أغسطس من العام ٢٠٢٠م.
وأبدت اللجنة رفضها للعملية ككل ورفض كل ما أسفرت عنه من نتائج، والعمل على تصحيح الأوضاع داخل التجمع عبر العمل المشترك مع مكوناته المختلفة.
العديد من أجسام التجمع أبدت رفضها للعملية الانتخابية لسكرتارية تجمع المهنيين السودانيين، حيثُ أصدر كل من تجمع مهنيي الموارد البشرية السودانيين، تجمع المهندسين السودانيين، تجمع مهنيي الارصاد الجوية، بيانا رافضاً للخطوة.
أما التحفظ ومبررات الرفض وقتها فجاءت لجهة أن السكرتارية الجديدة لتجمع المهنيين المكونة من 9 أشخاص، معظمهم من منتمين ومحسوبين على الحزب الشيوعي السوداني.
مراقبون برروا الخطوات الرافضة لما تم لجهة أن العضوية أتت من حزب واحد.
تقرير: ايمان كمال الدين
صحيفة السوداني