صعدت في المشهد مجدداً قضية العلمانية في الدولة، بعد أن خفت بريقها مؤقتاً كواحدة من أهم مطلوبات التحول الديموقراطي والانتقال بالبلاد نحو دولة المواطنة وعلاقة الدين بالدولة. وذلك بعد إعلان تجمع المهنيين أحد أهم مكونات تحالف إعلان قوى الحرية والتغيير(قحت) عن نتائج اجتماع مشترك بالقوى المدنية مؤكداً على دعمه مبدأ (فصل الدين عن الدولة) واعتباره مطلباً ضرورياً لتحقيق السلام وتمهيداً لقضايا المؤتمر الدستوري.
وقالت:(سماهرالمبارك) المتحدثة باسم تجمع المهنين في تصريحات للجريدة أن تأييد التجمع لفصل الدين عن الدولة بأنه خطوة يمكن أن تحدث اختراق في عملية التفاوض مع الحركة الشعبية جناح (الحلو)
ومن جانبه تمسك تيار(نصرة الشريعة) بموقفه الرافض والقاطع لتوجهات فصل الدين عن الدولة، بإعتباره فعلاً يخالف ثوابت الدين وقال: في بيان تداولته الوسائط الإعلامية أنهم منذ بدايات الثورة وانطلاقها ظل تيار نصرة الشريعة ودولة القانون، يحذر من سرقة الثورة من قبل القوى العلمانية التي تتخفي وراء لافتة (تجمع المهنيين السودانيين) وتناول البيان أن التأكيد على فصل الدين عن الدولة من تجمع المهنيين هو جهالة سياسية وقفز وتحايل متعمد على إرادة الثوار والشعب فلا يحق لتجمع المهنيين ولا لحكومة (قحت) أن تفرض خيارها وتحسم قضية ليست من إختصاص الأجسام النقابية.
وقال:د.(محمد ناجي الأصم) المتحدث السابق باسم تجمع المهنين أن دعوة التجمع لإقرار فصل الدين عن الدولة، فيها تجاوز للأولويات وأوضح أن التجمع لم يجد القبول الجماهيري إلا لقدرته على توحيد الجميع، بمختلف الايدلوجيات والتوجهات والأفكار عبر خلق الخطاب المشترك والحد الأدنى من المتفق عليه،وإذا فقد ذلك يكون قد فقد قيمته ومصدر قوته الأساسي وبالتأكيد فإن هنالك عموميات في قضية علاقة الدين والدولة والمواطنة، كان من الممكن أن يدعوا لها التجمع ويخلق حولها توافق مهم في طريق بناء قناعات ومبادئ قانونية ودستورية دائمة وقال: أنه من غير المعقول أن يقفز التجمع على أولوياته الأساسية المتمثلة في بناء النقابات والمساهمة في تنظيم وتقوية المجتمع المدني ليناقش هكذا قضايا ،متجاوزا أولوياته وهي التي سيصعب تحقيقها مع أي محاولة للتجيير الايدلوجي للتجمع، كما أن تناول القضية بهذا الشكل من السطحية يحولها لحرب شعارات وتحشيد وإصطفاف واصطفاف مضاد، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى الوحدة والاتفاق.
وقالت:(هيفاء فاروق) عضو المجلس الأعلى للسلام أن التجمع وحده لا يكفي لتأييد فصل الدين عن الدولة، موضحة أنه لا بد من تبنيها من كل مكونات كتلة إعلان قوى الحرية وقوى الكفاح المسلح إضافة للحكومة الانتقالية حتى تكتمل عملية السلام.
يقول :القيادى بالحزب الشيوعى (كمال كرار) إن الحديث عن فصل الدين عن الدولة أو فصل الدين عن السياسة أو الدولة المدنية أو العلمانية، كله في السودان لديه معنى واحد وهو مفهوم يتعلق بدولة المواطنة، وكيف للمواطنين في هذا البلد أن يعيشوا متساوين بغض النظرعن أديانهم أو اعراقهم أو تكويناتهم الإثنية أو مناطق سكنهم الجغرافي يعيشوا وكل حقوقهم متساوية وواجباتهم متساوية، والدولة تكون على مسافة واحدة من الجميع وكيف أن يكون بمقدورنا الخروج من هذا المطب، بمعنى أن الذي يحدث في السودان ليس منذ ٨٣م والحديث حول الدستور الإسلامي .وأن الدين في هذه البلد وفى أى بلد آخر يفترض أن لايؤخذ بمعيار الأغلبية أو الاقلية طالما أنهم يعيشون في حيز جغرافى واحد اسمه دولة . في النهاية لأنه على هذا الأساس يصبح فصل الدين عن الدولة أو السياسة مهم جداً. وأضاف نحن الآن نؤسس لدولة مدنية وأن البرامج السياسية للأحزاب المختلفة هى برامج ونظريات وضعها بشر وليس إله ولا ملائكة وأنها قابله للتصحيح وقابلة إلى احتمالية الخطأ وأن القانون الذي يحكم الناس جميعهم يكون القانون هو العادي أسوة بالقوانين الدولية المدنية. وذلك لأن القانون العادي الذي يوضح الجرائم ويعرفها ويعطي كل ذي حق حقه لا يميز بين المسلم وغير المسلم واللادينى وخلافه.
دستور مدني
وقال: أن تجربة ارتباط الدين بالسياسة أو ارتباط الدولة بالدين كلفت السودان الكثير، في النهاية فصلت الجنوب لأن الحرب التي شنها (الإخوان المسلمين) على الجنوب كانت حرب جهادية دينية، وكأنما الجنوب خارج الملة أو كأنما هم ليس بشر، وحتى حرب دارفور كانت قائمة على أساس عرقي وديني ونحن لا نريد تكرار هذا التاريخ، وأن تطوى هذه الصفحة إلى الأبد .وعلينا أن نفصل الدين عن الدولة أو الدين عن السياسة، كل هذا الحديث يصب في خانة واحدة، ونحن نريد دستور مدني والدستور المدني لا يفرق بين أي شخص وآخر، ولن يأتي شخص في الدستور المدني ليقول هذا مسيحي لا يوظف في مؤسسة ولا هذا مسيحي لا يفطر في رمضان، أو أي من أساليب القهر والاستلاب الذي أنتج سودان ممزق وانتج مجتمع ممزق. وكاد السودان أن يصبح لا دولة، فمهما كان الذين يعترضون على فصل الدين عن الدولة وفصل الدين عن السياسة وغيرهم، هم الذين كانوا مستفيدين من ذلك الوضع والذين كانوا باسم الدين افسدوا واستبدوا كما رأيناهم، وفعلوا ما فعلوا باسم الدين رفعوا راية الدين من أجل استباحة اعراض الناس، ورفعوا راية الدين ليسرقوا أموال الشعب، ورفعوا راية الدين ليحكموا بالحديد والنار وليقتلوا الناس. وهذا تاريخ لن يتكرر والذين يحاولون إرهاب الناس بفكرة أن فصل الدين عن الدولة يعني الردة والكفر أو هو عداء للدين أو غيره نقول كل ما يتأسس عليه السودان سيكون بناء على القوانين الإنسانية والمدنية، كما نراها في القرن الحادي وعشرين وليس هنالك إمكانية رجوع للدولة الدينية والتحكم باسم الدين.
مطلب شعبي
ويعتقد ان المؤتمر الدستوري يفترض أن يضع الاساس بأنه لا يسمح لأي حزب يقوم على أساس ديني في السودان سواء كان حزب (مسيحى أو يهودي أو إسلامي) فقط أحزاب تتصارع على برامج ومشروعات سياسية وفي الاقتصاد والاجتماع وبعد ذلك تكون صناديق الانتخابات هي الفيصل بغض النظر عن ما يحوي الفكر وبهذا نحافظ على السودان وما تبقى منه في وحدة واحدة وبالتالي سنخلق دولة لديها علاقه بالقرن الحادي والعشرين، ونكون قد اغلقنا الباب أمام الإسلام السياسي وعودته عن طريق الشباك بعد ما خرج من الباب، وهذا مطلب شعب السودان بأكمله، عندما رفع شعار مدنية ومات من أجلها ومن أجل صالح السودان ومستقبله.
عاطف كمبال – شذي الشيخ
صحيفة الجريدة