اخبار السودان

السودان … انهيار النظام الصحي يُشعل فتيل أوبئة قاتلة

متابعات - الراي السوداني

متابعات – الراي السوداني  –  حذّر الأمين العام لمنظمة “أطباء بلا حدود”، كريستوفر لوكيير، من أخطار جسيمة تهدّد السودان نتيجة الانهيار شبه الكامل للنظام الصحي، مشيراً إلى أن تفشي أمراض مثل الكوليرا والحصبة وحمى الضنك قد يتفاقم في ظل الظروف الحالية. وأوضح أن تدهور خدمات الصرف الصحي، وتعطّل برامج التطعيم، وصعوبة الحصول على المياه النظيفة، تشكّل عوامل رئيسية في تفاقم الأزمة الإنسانية.

 

وبيّن أن تزامن موسم الأمطار مع ندرة الغذاء وذروة انتقال الأمراض يعمّق من خطورة الوضع الصحي، ويزيد من احتمالية انتشار الأمراض المنقولة بالمياه والحشرات، في وقت يشهد فيه السودان ارتفاعاً حاداً في معدلات انعدام الأمن الغذائي. ولفت إلى أن أكثر من 13 مليون شخص نزحوا داخلياً، بينما يواجه نصف سكان البلاد مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، ما يجعل البيئة مهيّأة لانتشار الأوبئة على نطاق واسع ما لم تُنفّذ تدخلات إنسانية عاجلة وشاملة.

 

 

وأشار لوكيير إلى أن تفشي الكوليرا يخرج عن السيطرة، وسط صعوبات كبيرة في تقييم الوضع الحقيقي نتيجة ضعف الرصد، وانتشار الإصابات في ولايات عدة، مثل جنوب دارفور، إلى جانب إحجام المصابين عن التوجه للمرافق الصحية بسبب صعوبة الوصول إليها ونقص الإمكانيات الطبية.

 

وفي ولاية الخرطوم، شهدت أعداد الإصابات ارتفاعاً كبيراً خلال النصف الثاني من مايو 2025، خاصة في مدينة أم درمان، في ظل غياب المرافق الصحية العاملة وانقطاع الكهرباء، مما أثر سلباً على إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة.

 

وأفادت وزارة الصحة بتسجيل نحو ألف إصابة يومياً بنهاية مايو، قبل أن تبدأ الأعداد بالتراجع. وأكد لوكيير أن منظمته تعمل بالتنسيق مع وزارة الصحة لتقوية جهود الاستجابة، من خلال دعم مراكز علاج الكوليرا، وإنشاء نقاط لإعادة الترطيب، وتعزيز فرق الرصد الطبي، وتنفيذ حملات توعية مجتمعية.

 

وتحدث عن الصعوبات التي تواجهها المنظمات الإنسانية في تقديم الخدمات الطبية، نتيجة القيود الإدارية، ونقص التمويل، وشحّ الإمدادات، وصعوبة الوصول إلى المناطق المتأثرة بالنزاع. ونبّه إلى أن انقطاع حملات التطعيم أفضى إلى تفشي أمراض يمكن الوقاية منها، مثل الحصبة، خاصة بين الأطفال.

 

 

كما حذّر من اندلاع أوبئة جديدة في المناطق المنكوبة، مؤكداً تفشي الحصبة في دارفور، وارتفاع حالات الكوليرا في الخرطوم وأماكن أخرى، إلى جانب استمرار الهجمات على البنى التحتية المدنية، بما فيها المرافق الصحية ومحطات المياه والكهرباء.

 

 

وأوضح أن منظمة الصحة العالمية كانت قد قدّرت في أكتوبر 2024 أن 70 إلى 80 في المائة من المرافق الصحية في السودان بالكاد تعمل، نتيجة للهجمات المباشرة ونقص الكوادر والمستلزمات الطبية. وفي بعض المناطق، يكاد يكون من المستحيل العثور على مركز صحي فعّال مزوّد بكوادر مؤهلة وأدوية ضرورية.

 

 

وأكد لوكيير أن الوضع الإنساني في السودان بلغ درجة “كارثية”، مشيراً إلى أن أكثر من 13 مليون نازح يعيشون في بيئات مكتظّة تفتقر لأدنى مقومات الصحة والسلامة، ولا تصلهم الخدمات الأساسية. ودعا إلى تكثيف التدخلات الدولية وتجاوز العقبات البيروقراطية، مع ضرورة تخزين الإمدادات الطبية مسبقاً استعداداً لأي تدهور إضافي.

 

 

وأوضح أن الهجمات بالطائرات المسيّرة على البنية التحتية للكهرباء تتسبب في توقف محطات ضخ المياه، ما يضطر السكان إلى استخدام مصادر مياه غير آمنة، ويزيد من خطر الإصابة بأمراض منقولة بالمياه، مثل الكوليرا. وأضاف أن “أطباء بلا حدود” تعمل على تنفيذ تدابير وقائية لتحسين خدمات المياه والصرف الصحي، إلى جانب حملات التوعية الصحية في المناطق الأكثر تضرراً.

 

 

وتناول لوكيير الوضع في دارفور، مشيراً إلى تدهور سريع في الظروف الصحية، خصوصاً في شمال الإقليم. وذكر أن مخيم زمزم، الذي كان يضم أكثر من نصف مليون نازح، تعرّض لهجوم في أبريل 2025 بعد عام من الحصار والتجويع، مما أدى إلى فرار سكانه ومغادرة فرق المنظمة في فبراير الماضي. وأوضح أن انعدام الأمن وتضرر البنية التحتية يعوقان الوصول إلى الرعاية الصحية، في ظل وجود إنساني محدود للغاية، واقتصر العمل فيه على عدد قليل من وكالات الأمم المتحدة وبعض المنظمات غير الحكومية.

 

ورغم التحديات، تواصل “أطباء بلا حدود” تقديم خدمات الطوارئ والرعاية الصحية الأساسية، لا سيما في مجالات الأمومة والطفولة والتغذية. واختتم لوكيير تصريحاته بالتحذير من أن السودان يواجه أزمة إنسانية وصحية معقّدة تتطلب تحركاً دولياً عاجلاً، محذراً من أن تقاعس المجتمع الدولي قد يؤدي إلى تفشي أوبئة مدمّرة في أنحاء البلاد، خاصة في المناطق الأكثر تضرراً من النزاع والنزوح.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

منى الطاهر

منى الطاهر – صحفية متخصصة في القضايا الاجتماعية والإنسانية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى