متابعات – الراي السوداني – بدأت الحكومة المصرية تنفيذ قرار قطع خدمات الاتصالات عن الهواتف المحمولة المستوردة من الخارج، التي لم تُسدّد عنها الرسوم الجمركية والضريبية، وذلك بعد انتهاء المهلة التي استمرت 90 يومًا.
وقد ربطت السلطات إعادة الخدمة بسداد هذه الرسوم من خلال تطبيق “تليفوني”، في حين كشف مسؤول في شعبة تجار الهواتف المحمولة أن عدد الأجهزة المعنية بهذا القرار كبير للغاية، مشيرًا إلى أن غالبية التجار تلقوا رسائل تطالبهم بسداد المستحقات المفروضة على كل جهاز.
مع بداية العام الحالي، دخلت حيز التنفيذ منظومة إلكترونية جديدة تهدف إلى تنظيم تشغيل الهواتف المحمولة في البلاد. هذه المنظومة تُلزم المصريين القادمين من الخارج بتسجيل أجهزتهم الشخصية عند الوصول إلى الموانئ أو المطارات، من خلال التطبيق المذكور، مع إعفاء جهاز واحد فقط من الرسوم، بينما تُفرض رسوم جمركية تصل إلى نحو 38.5% من قيمة الجهاز الإضافي غير الشخصي.
وأرجعت الحكومة إطلاق هذه الآلية إلى مساعيها لمكافحة تهريب الأجهزة، وتوطين صناعة الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى جذب استثمارات أجنبية لتعزيز السوق المحلية.
تشير البيانات الرسمية إلى أن سوق الهواتف في مصر يشهد مبيعات تصل إلى 20 مليون جهاز سنويًا، معظمها يتم استيراده.
وقد بلغت واردات الهواتف المحمولة إلى مصر 9 مليارات دولار خلال السنوات العشر الأخيرة، بحسب تصريحات سابقة لوزير الصناعة، كامل الوزير. وأمام هذا الحجم الكبير من الاستيراد، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى التوسع في التصنيع المحلي، في محاولة لتقليل فاتورة الواردات.
تجاوبًا مع هذه التوجهات، بدأت شركات عالمية من الصين وكوريا الجنوبية في إنشاء مصانع لإنتاج الهواتف داخل مصر، بنسبة مكون محلي تتجاوز 40%. من أبرز هذه الشركات “فيفو”، و”شاومي”، و”إنيفينكس”، و”نوكيا”، و”سامسونغ”، حيث تُقدَّر الطاقة الإنتاجية الإجمالية بنحو 11.5 مليون وحدة سنويًا، واستثمارات تبلغ 87.5 مليون دولار.
وأعلن وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، عمرو طلعت، عن مفاوضات مع ثلاث شركات إضافية للانضمام إلى السوق المصري، ليرتفع عدد الشركات المصنعة محليًا إلى تسع شركات.
وأوضح الوزير أن الإنتاج المحلي من الهواتف بلغ 3 ملايين جهاز خلال عام 2024، مع خطة لمضاعفة هذا الرقم ثلاث مرات ليصل إلى 9 ملايين جهاز. وفي الوقت نفسه، أشار محمد طلعت، رئيس شعبة المحمول بغرفة القاهرة التجارية، إلى أن بعض التجار الذين يملكون مخزونًا من الأجهزة المستوردة تلقوا رسائل من جهاز تنظيم الاتصالات تطالبهم بسداد الرسوم، وإلا ستُقطع الخدمة نهائيًا. وأكد صعوبة حصر عدد هذه الأجهزة بسبب انتشارها الواسع بين التجار، لكنه شدد على أن أعدادها كبيرة.
وتُظهر بيانات وزارة الاتصالات أن عدد اشتراكات المحمول بلغ 112.06 مليون خط في يناير 2025، مقارنة بـ106.8 مليون خط في الشهر نفسه من العام السابق، و113.19 مليون خط في ديسمبر 2024، مسجلًا تراجعًا شهريًا بنسبة 1%، وزيادة سنوية تقدر بـ4.93%.
وفي ضوء هذه الإجراءات، بدأ بعض التجار بالفعل بسداد الرسوم الجمركية والضريبية وتحميلها على السعر النهائي الذي يدفعه المستهلك، بينما يلجأ آخرون إلى بيع الأجهزة دون دفع الرسوم، مع إبلاغ المشترين بتحمل التكلفة مقابل تخفيضها من سعر الجهاز. ويُرسل جهاز تنظيم الاتصالات رسالة إلى أي هاتف مهرب فور تشغيله لأول مرة، تتضمن قيمة الرسوم المطلوب سدادها، ما يضمن حماية المستهلك وشفافية التعامل.
ويتيح تطبيق “تليفوني” للمستخدمين التحقق من تسجيل أجهزتهم ومعرفة ما إذا كانت هناك رسوم مستحقة عليهم. ومن المتوقع أن تبدأ شركة صينية جديدة الإنتاج المحلي في يونيو المقبل، ما سيسهم في زيادة عدد الشركات المصنعة وتلبية الطلب المحلي، خاصة مع تقديم الحكومة حوافز وتسهيلات لجذب المصنعين العالميين، ضمن خطة وطنية لتقليل الاعتماد على الواردات وتعزيز الصناعة المحلية.