محمد علي عبدالمجيد.. صوت الجيش الذي خلدته ميادين العطاء رحل بلا ضجيج
متابعات - الراي السوداني
متابعات – الراي السوداني – رحم الله شاعر القوات المسلحة، المساعد محمد علي عبدالمجيد، الذي رحل عن دنيانا مساء اليوم إثر حادث حركة أليم. مضى إلى علياء الشهادة بعد أن ظلَّ عمره يسكب روحه في معنويات الرجال، يزرع فيهم الأمل، ويشحذ هممهم بالكلمة الصادقة والقصيدة العذبة.
غادر هذه الدنيا دون أن يتدثر بنسب قبيلة، أو يتدرع بانتماء جهة، بل كان نسبه الجيش، ورداؤه الوطن، وعنوانه الفداء.
كان محمد علي عبدالمجيد نموذجًا للإنسان الذي يتجاوز الخصوصيات الضيقة، ليكون جزءًا من الكل، ابنًا للجميع، وأخًا لكل جندي، ورفيقًا في ساحات العطاء. لم يكن لمن يسأل عنه أن يعرف من أين أتى، أو لأي قبيلة ينتسب، إلا بعد رحيله.
الآن فقط، وقد اقتضت ظروف الرحيل واستعراض السيرة، قد يعرف البعض أصله وفصله. لكن الحقيقة الكبرى، أن الذين ينتسبون للجيش، إنما ينتمون للوطن كله، ويتحدرون من كل القبائل، وتذوب فيهم الفوارق، وتصير هويتهم الراية، وعنوانهم البذلة العسكرية.
إن هذه الملاحظة العابرة، التي قد تبدو بسيطة، تحمل في جوهرها درسًا عميقًا؛ فحين يكون الإنسان حاضرًا في تفاصيل الحكايات للجميع، ومتغلغلًا في وجدانهم، فهو منسوب للكل، جزء من ذاكرة الوطن.
لا شيء أوسع من الجيش، لأنه ظل الوطن ودرعه. وفيه تمتزج الألوان، وتتوحد الوجوه، وتتلاشى التصنيفات، فلا يُسأل الجندي عن قبيلته، ولا يُبحث عن جذوره، لأن الجذور كلها واحدة، والتربة التي تجمعهم هي أرض الوطن.
المساعد محمد علي عبدالمجيد لم يكن مجرد فرد، بل كان قصة وطن، ورمزًا لمعنى التجرد والانتماء الخالص. عاش شاعرًا يترنم بحب بلاده، وقضى شهيدًا في دروب العطاء. لم يبحث عن شهرة، ولم يسعَ وراء الأضواء، لكن الضوء كان ينبعث من كلماته، وكان صوته يصل إلى كل جندي، كل ضابط، كل موقع.
لذلك، سيبقى حيًا في ذاكرة الجيش، وفي قلوب من عرفوه وسمعوا قصائده، أو حتى من مرَّ بهم صوته ذات يوم.
رحم الله المساعد محمد، وجزاه الله عن وطنه وشعبه خير الجزاء. لقد أدى الأمانة، وترك بصمته في وجدان القوات المسلحة، فكان جزءًا من ذلك النسيج العظيم، الذي تتوحد فيه الأرواح قبل الأجساد، وتذوب فيه الأسماء تحت راية الوطن.