غير مصنف --

مذكرات ومذاكرات من أزمة المريخ (10).. بقلم ابو عاقلة اماسا

السودان اليوم:
* تأرجح المريخ لسنوات طويلة ما بين لجان تسيير ومجالس معينة من قبل حكومة الإنقاذ، تتخللها تجارب ضعيفة للديمقراطية شهدت بروز لظاهرة إستجلاب العضوية التي كانت جريمة شارك فيها كبار المريخ جميعهم، والذي لم يشارك بماله وجهده شارك بالصمت والسكوت والركون مع العلم والإجماع على خطأ الممارسة، كل ذلك كانت نتيجته وخيمة على الكيان، وواحدة من مآسي الراهن المريخي أن البعض يسخر من ضعف منتوج الممارسة الديمقراطية، مع أنها في الأصل ممارسة تعني الشعب وترتقي به سلوكاً ووعياً وثقافة، ولكنها أصبحت منقصة وشتيمة في واحدة من تناقضات الواقع المريخي المعقد برغم الحقيقة التي تؤكد قطعاً أن الطريق الوحيد لإدارة النادي هو الديمقراطية، وأنه يتوجب على القيادة والقاعدة أن تكرر تجاربها وتحرص على تنقيتها من الشوائب حتى تلحق برصيفاتها في الأهلي والزمالك.
* بدأ المريخ مشوار معاناته مع التعيين وأتاحت قياداته الفرصة للحكومة لتحشر أنفها فيه منذ 1994 تقريباً، عندما انفجرت قضية الإنتخابات والعضوية المزورة، ودفعت حكومة الإنقاذ ببعض أقطابها وساندتهم، وشاعت وقتها ظاهرة العضوية المستجلبة وأصبحت عملاً تجري تفاصيله في الضوء وبلا تستر، وامتدت أيادي جهاز الأمن داخل النادي وعبثت كما شاء لها أن تعبث، وكانت اللاعب الخفي الذي يحرك المفوضية ووزارة الشباب والرياضة، ومن ثم ظهرت أمانة الشباب والرياضة بالحزب الحاكم وإدارة الرياضة فيها لتواصل في ذات الأدوار… لذلك عانى المريخ الأمرين من هذه الأجسام وتنقل ما بين مجالس التعيين ولجان التسيير أكثر مما مارس الديمقراطية بمتطلباتها التقليدية والحديثة، وكان لابد أن تكون الورثة ثقيلة والمعاناة مضاعفة تبدأ في فهم الناس للديمقراطية كنظام ومتطلبات ممارستها، وبعضهم مايزال يعتقد أنها لا تصلح..
* الجيل الجديد وأغلبية الشباب من مواليد نهاية الثمانينيات والتسعينيات لم يعايشوا تجربة ديمقراطية حية على المستوى السياسي ولا على مستوى نادي المريخ الذي اختاروا الإنتماء إليه، ومن سوء حظها أنها أجيال نشأت في كنف حكومة شمولية عسكرية تحاول أن تفرض أسلوب التمكين على كل شيء، ومن درس منهم في الجامعات عايش أبشع أنواع الإنتخابات حيث يجري التزوير عياناً بياناً، مع تواطؤ أطراف عديدة خضوعاً لقوة السلطة، لذلك ظل النظام الديمقراطي فكرة شائهة وناقصة في أذهان هؤلاء، ومن الصعب – بل والإستحالة – إنزالها لأرض الواقع.
* مايمر به المريخ الآن نتيجة طبيعية لفشل السابقين في وضع منهاج لإدارة الجماهير ووضع النادي بعيدا عن حالات الهياج الجماهيري والثورات التي تعتمد على المشاعر الوجدانية والعواطف الجياشة.. ولقراءة الأزمة بشكل سليم لابد من القطع بأن أي حلول ذات طابع قانوني ستفرض على الراهن المريخي بقوة السلطة أو بالتفاسير الخاطئة ستكون عواقبها وخيمة على الكيان قبل الأفراد… وذلك لأننا نعيش في قمة جبل الجليد وهنالك تقاطعات قانونية كثيرة جدا ما بين القانون الولائي والإتحادي ولوائح الإتحاد الدولي لكرة القدم ومايحدث على المسرح الرئيسي للأحداث بنادي المريخ، وهي تقاطعات من التعقيد بمكان حيث لايمكن أن نتصور أية مخارج آمنة بدون تقديم تنازلات، والتوقيعات التي بذل فيها البعض جهداً كبيرا في جمعها لن تفضي للمخارج التي نتوقعها لصعوبة هذه التعقيدات، وكل طرف من أطراف الأزمة (المجلس والمعارضة والإتحاد) لديهم جميعاً أرضيات صلبة يقفون عليها ووجهات نظر يقاتلون عليها، وكل طرف على استعداد للقتال حتى الرمق الأخير، وهذا يعني أن المشوار سيطول… لذلك لابد من حلول توافقية على هدى فقه المراحل الإنتقالية، وفيها تتعطل كل القوانين واللوائح وتتوصل الأطراف إلى مسودة جديدة تقود الناس للخروج من عنق الزجاجة نحو ديمقراطية حقيقية وناضجة تختار القوي الأمين بلا استجلاب للعضوية وبلا وصاية.

…… تابع

The post مذكرات ومذاكرات من أزمة المريخ (10).. بقلم ابو عاقلة اماسا appeared first on السودان اليوم.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى