متابعات – الراي السوداني
على كل – محمد عبدالقادر – الجنرال البرهان.. ليس امامك سوى هذا الحل!!
مازال المجتمع الدولي بأممه المتحدة ومجلس أمنه وخوفه يقدم في كل يوم دليلاً جديداً على عدم حياده في الحرب التي يشهدها السودان بين قواته المسلحة الباسلة ومليشيات تمردت على الدولة وأعملت قتلاً وتشريداً لشعب اعزل توزع بين القتل واللجوء والنزوح بعد أن فقد كل شئ.
والمجتمع الدولي المستبد الظالم، يطالب الجيش بمنح المليشيا التي اقترفت كل هذه الجرائم وروداً وهدايا وشهادات شكر وتقدير، ويتعامى عن حقيقة موضوعية تقول: الطبيعي جداً ان يستخدم الجيش سلطة القانون وقوة الردع لحماية وطنه وحدوده وصيانة أمنه واستقراره بإرغام الخارجين على الكف عن جرائمهم الموثقة ضد المدنيين والدولة.
وبدلاً من معاقبة الدول التي تدعم المليشيا المتمردة بالعتاد والمال والسلاح، وفي مقدمتها الإمارات وبالأدلة الموثقة، ها هي لجنة تقصي الحقائق التي اقرها مجلس حقوق الإنسان بجنيف في أكتوبر من العام المنصرم توصي بنشر قوة لحماية المدنيين وتوسيع نطاق حظر السلاح ليشمل كل السودان.
لم تعد المؤامرة خافية على أحدٍ، بيد أننا نحاول إرضاء المجتمع الدولي، ونركض خلف مؤسساته التي تعمل جهد إيمانها الآن على مساعدة المليشيا وفرضها كأمر واقع على السودانيين، غير آبهٍ بمعاناتهم جراء الحرب اللعينة التي تشنها دول يعلمها العالم بأسره، لكن المؤسسات الدولية تسعى باستمرار لتوفير غطاء قانوني وإنساني لإبادة ما تبقى من شعب يحصده عسف وقصف وانتهاكات المليشيا المجرمة في كل يوم بلا رحمة..!
لو كانت واشنطن والمجتمع الدولي يمارسان أدنى درجات الصدق والتجرد في سعيهما لإيقاف الحرب بالسودان، لما اقترحا مساراً بديلاً لـ(جدة)، انحراف المسار التفاوضي نحو جنيف كان اول طعنة تم تسديدها لجهود إنهاء التمرد، وشكل إشارات كافية على حرص امريكا ومشايعيها لإيجاد موطئ قدم للدعم السريع في حكم السودان، ولو ضغط العالم من أجل تنفيذ الاتفاق لما احتاج أساساً للجنة او تقرير يوصي بحماية المدنيين، فعن أي مجتمع دولي تتحدثون؟!.
وحسناً فعل السودان وهو يرفض تقرير لجنة خبراء الأمم المتحدة ويصفها بأنها سياسية تفتقر للحياد والمهنية، وقد جاءت بتوصيات كنا نعلم سلفاً كيف ستكون، ولكن السؤال هل يعتبر الرفض كافياً لمواجهة باب الخطر الذي فتحته اللجنة على السودان وهي تضعه لقمة سائغة أمام المجتمع الدولي الذي ظل يبحث لسنوات عن ذرائع للتدخل في بلادنا.
المطلوب الآن وضع استراتيجية جديدة للتعامل مع الحرب، تعول على الحسم العسكري والميداني للمليشيا وبأي ثمن، حتى نقطع الطريق امام التدخلات الخارجية، ونسد باب الذرائع التي تنفذ منها الأجندة الخبيثة الرامية الى تقسيم بلادنا وتقديمها للمليشيا وكفلائها على طبق من ذهب، وجعل السودان وطناً بديلاً لمجموعات (البدون) وعربان الشتات الذين جلبهم الهالك حميدتي من غرب أفريقيا لاحتلال السودان وتشريد أهله..!
البطء العسكري في حسم المعارك هو الذي اوصلنا الى هذه المرحلة، وكلما تمددت المليشيا في مناطق جديدة، انفتحت شهية المجتمع الدولي لاستهداف سيادة واستقرار ووحدة السودان على نحو ما رأينا وتابعنا، فقبل سقوط الجزيرة، وقّعت المليشيا على (اتفاق جدة)، وحينما توسعت وأسقطت مناطق بالولاية وزحفت نحو سنار تمردت على الاتفاق وبحثت مع وكلائها عن صيغة جديدة يُخرجها من ورطة ما وقعت عليه، وها هي تحاول الآن إسقاط الفاشر لتوسيع رقعة وجودها وإدخال الحكومة في معادلة تفاوض من المؤكد أنّها ستختلف عن (جدة وجنيف) نفسها.
المطلوب سعادة الفريق البرهان تحرك عاجل الآن لتحرير الجزيرة وسنار وعندها ستختلف لغة المليشيا والمجتمع الدولي، ولن يجرؤ أحدٌ على تجاوز شروط الجيش في أي تفاوض او تسوية لإيقاف الحرب.
توصية اللجنة الأممية لإرسال قوة لحماية المدنيين طبيخٌ قديمٌ في آنية جديدة غير معقمة يتشرف عليه مجموعات (مقاولي واشنطن) لإرباك جهود استقرار السودان، وعلينا أن نستبق مكرهم بفرض معادلة ميدانية جديدة، تعيدهم الى نقطة جدة، لأنه اتفاق محكوم بمناخات الحرب ومعادلة السيطرة، ولن نجعله واقعاً إلا بإعادة الوضع على ما كان عليه، بل القفز فوقه باسترداد كامل أراضي الخرطوم ودارفور بعد تحرير سنار والجزيرة بحول الله.
توصيات اللجنة الفطيرة والمجربة ذات النوايا السيئة والأجندة الخبيثة، تشير الى صدق ما حذّر منه السودان وهو يؤكد أن أي انحراف عن اتفاق جدة وخلق مسارات جديدة ستعرض جهود شعب السودان لإنهاء التمرد للخطر.
وبدلاً من التوصية بتنفيذ قرارات (جدة)، لجأ مقاولو واشنطن ولندن لتوصيات مخجلة تهدف الى تحقيق ما عجز التمرد عن تنفيذه بالانتهاكات والمعارك.
وعِوضاً عن مُعاقبة الدول التي تستبيح البلاد وتغذي التمرد بالسلاح، جنحت توصيات اللجنة الأممية لحماية هؤلاء المتورطين ودعمهم وإدخال الجيش في توصية الحظر، فانظروا كيف يكون الانحطاط والترصد..!
لا حل إلا باستعجال الحسم العسكري، وتحرير المناطق التي توجد بها المليشيا، وعدم انتظار الحلول من المجتمع الدولي المتواطئ مع التمرد وكفلائه لفرض معادلة احتلال السودان وتفكيك الجيش، إذ لم يعد كافياً مجرد رفض التوصيات الأممية التي لن نجني منها سوى المزيد من الحروب والدمار وسنفقد معها السودان الى الأبد..!