هذه إضاءة سريعة ، تعليقاً على ما أثاره الزميلان المحترمان عبد الرحمن الأمين من واشنطن وفاروق حامد من الخرطوم، بالصورة والكلمة على صفحات الفيسبوك، حول نقل قناة (الجزيرة- مباشر) لصلاة جماعية من أحد المنازل بالعاصمة ، في مشهد يحاكي ما يجري تماماً في أي مسجد أو زاوية، في كسر متعمد لاجراءات الطوارئ الصحية، استحق قطعاً ابتهاج القناة القطرية و تسجيله واذاعته على العالمين
* الجزيرة، طبعاً، هي رهن إشارة التنظيم الدولي للإخوان وفرعهم الناشط في السودان، باعتبارها لسان حالهم أو المتحدث الرسمي باسمهم، وليس لديها – برغم كل الامكانيات المادية و التقنية المهولة – الحس الَأخباري أو الرؤية التحليلية التي تجعل منها “قناة مهنية رصينة” تحترم عقل المشاهد وذوقه.. وإلا كانت قد استوقفتها التناقضات الفاضحة واللاخلاقية في مواقف “الجماعة فرع السودان” الذين نفوا البتة إبتداءاً أن تكون هناك (كورونا) في السودان مُعللين الأمر ،جزافاً، بأن “مناخ السودان الحار لا يسمح للفايروس بالحياة أو الانتشار”! ، و أعلنوا على الملأ أن تلك “لعبة” من الحكومة للسيطرة على الشارع بعد أن فشلت في حل الأزمات المعيشة لا أكثر.
* ولم تمر سوى أسابيع معدودة حتى أُصيب أحد قادتهم – احمد هارون- بالفيروس وهو في محبسه، فإذا ب “الفار ينْقُز في عِبّهم” فيسيُّروا المواكب ويحركوا الاحتجاجات المطالبة بإطلاق قادتهم المحبوسين أو وضعهم تحت الإقامة الجبرية ” في منازلهم” حتى لا يتعرضوا للإصابة بفايروس “كوفيد – 19”.. ذلك الذي أنكروا وجوده بالأمس واعتبروه “خدعة حكومية” وهددوا بتحميل الحكومة مسؤولية التفريط وتعريض حياة محبوسيهم للخطر جراء الوباء..
* لابد أن الجزيرة وطاقم مكتبها العامل بالخرطوم قد تابع كل تلك التطورات والتناقضات المفتقرة للمنطق والأخلاق التي تمارسها “الجماعة” المخلوعة منذ الإعلان عن ظهور الجائحة، لكنه تجاهلها وذهب رأساً لخدمة الأجندة التي من أجلها أسست القناة أصلاً، أي خدمة (مشروع الإسلام السياسي) وغض الطرف عن أي محددات أو معايير مهنية أو أخلاقية قد تعيق تقديم تلك الخدمة.
* لذلك ليس غريباً أن تنقل الجزيرة صلاة جماعية من منزل، تحول إلى “مسجد بديل” بالمخالفة لنظم الطوارئ الصحية في السودان، دون أن تلتفت إلى أن ذات الأوامر مفروضة وتحترم بدقة في حيث تبث هي.. أي في البلد ذي المدينة الواحدة (الدوحة =قطر) وحيث لا أحد هناك يجرؤ على كسر أوامر الحظر، لدرجة أن معظم مذيعي القناة نفسها يعملون من منازلهم تجنباً لخطر الوباء، والتزاماً بقواعد الحظر.. لكنها تحتفي في الوقت ذاته، بلا أي قدر من الحياء أو الحشمة بصلاة جماعية من أحد منازل المخالفين، تشجيعاً لكسر إجراءات الحجر الصحي و التباعد الاجتماعى في السودان، السودان الذي يساوي عدد سكانه القطريين 400 مرة على أقل تقدير، وتساوي مساحته عشرات آلاف الأضعاف لمدينه الدوحة التي هي قطر، والتي لا تتجاوز مساحتها وعدد سكانها محلية “أم بدة” إحدى ضواحي أمدرمان، لكن ضجيجها الإعلامي الكذوب يغطي أركان المعمورة الأربعة بفضل “الصدفة الجغرافية” للنفط والغاز ، ضجيج أهم ما يميزه تلكم ” الفرية الكبرى” التي سكت عليها الناس والمراقبون من فرط تكرارها وهي اعتبار نفسها “قناة للحريات والقيم الديمقراطية و دولة القانون” قناة (للرأي والرأي الآخر) كما تكرر شاشتها.. و هي تعمل وتمول وتبث من بلدة ذات نظام “أميري” ملكي وراثي “غير دستوري” ، لا يغادر فيه السلطان محيط الأسرة الحاكمة، وإذا كان ثمة تغيير فيكون بانقلاب ابنٍ على أبيه أو أخٍ على أخيه أو تنازل والدٍ لولده، في أبدع وصفة للحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي تطالب” الجزيرة ” العالم كله بانتهاجها والعض عليها بالنواجز!!
* أسألكم بالله وبحرمة هذا الشهر الفضيل، هل سمع أحكم يوماً “الجزيرة” التي تتوجه برماحها وسيوفها للنيل من كل الدول التي لا تروق للمحور (القطري- التركي- الإيراني) ، و تزعم انها إحدى قلاع الحرية وحقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي.. هل سمعها أو شاهدها أحدكم يوماً تبدي ملاحظة ناقدة، أدنى ملاحظة، على سلوك أو تصرفات الحكومة القطرية ولو من باب المناصحة؟!!
صحيفةأخر لحظة