من أعلي المنصة
ياسر الفادني
أولاد إبراهيم للورش !
الأحلام الوردية في هذا الوطن تلاشت تماما ، لا شييء يجعلك ترفل في مضمار الغبطة والسرور ، وضع مأزوم ، الخرطوم تشكو من البؤس وتتعطر برائحة البمبان في وسطها وشوارع امدرمان القديمة ، تعليم متعطل ، اضرابات كل مرة تظهر و كتل سياسية هنا وهناك تتصارع ، أمن مفقود ، سلام ليس له واقع ، لا زال النزوح مستمر جراء التفلتات الأمنية التي تختفي وتظهر مرة أخري في دارفور بقوة ، حديث عن عودة النازحين إلي قراهم كلام يصطك به الجدار ويذهب به الصدي ، وضع سياسي غير مستقر وغير مفهوم ، كل هذا وتعقد ورش في قاعة عن الشرق عزف عنها أصحاب المصلحة الأساسيون لا جديد فيها ولا مخرج سوف ينفذ ، تضج القاعات ثم تمور تم يصفق من فيها ويبقي ما في هذه الورش في الإدراج، لا يفتح ولا ينظر إليه بل يظل الغبار الناعم عالق في غلافه ومتونه
أكبر الأخطاء التي وقع فيها الساسة في هذه البلاد أنهم لبسوا قميص الضعف والبسوه لهذا الوطن الجريح ، أكبر خطأ أن الأجانب الذين جعلوا هذه البلاد مسكنا لهم وأصحاب قرار فيه ظنوا أن ساستنا تخرجوا من مدرسة (هبنقة) !! ويجب رعايتهم وتصحيح مسارهم لان ولادتهم السياسية كانت ناقصة ، أكبر خطا وقعنا فيه أن نجعل الغريب هو الذي يخطط وهو الذي ينفذ وهو الذي يشير وهو الذي يمول وهو الذي يقرر ، منذ بداية هذا المسلك انحرف المسار نحو اليسار أكثر من 360 درجة ولا زال حتي الآن يسرع في الإنحراف
الورشة التي تم إفتتاحها بالأمس والتي صنعها المستعمر الحديث وأشرف عليها ومولها كانت فيها ورقة عن التنوع في الشرق ، ورقة فارغة المحتوي ركزت علي تنوع معين وجهلت تنوعات مختلفة مما حدا بوفد ولاية القضارف أن يمتعض من محتواها وادخلت في نفوسهم اشياء من حتي وعلامات استفهام لماذا ألقت الضوء علي التنوع في ولايات كسلا والبحر الأحمر وجهلت تنوع القضارف الذي لايمكن تجاهله جغرافيا ولا اثنيا ولا اجتماعيا
الإتفاق الذي تم وماتبعه من برامج مصاحبة له لا ينزع فتيل الأزمة التي ضربت باطنابها كل زاوية في هذه البلاد وإن عقدت الورش تلو الورش ، الذي يجري الآن هو ملخص لمطلوب منفذ فقط لا عصف فيه لمعالجة ماض ذهب مضمخا بالفشل ولا قراءة فيه لمستقبل مشرق قادم ، مايتم هو خاص بفئة قليلة ليس لها بعدا جماهيريا ولا وزنا شعبيا ولا قواعد اجتماعية ينطلقون منها ، مايحدث الآن هو عين الاقصاء وعين الإبعاد ووضع الأيادي في الاذان حذر السماع للرأي الآخر، لا قراءة لمستقبل الاطاري إذا تم ، لا قراءة ولا نظرة عميقة لما يحدث ، ترك يهدد ومناوي يتوعد وجبريل يقدح وكتل مختلفة تنقد وترفع اصواتها هنا وهناك ولا مستمع جيد لها ولا عقل رزين يقيم ولا قلب حنين عطوف يوضع فيه هذا الوطن داخل سويداءه
عندما تكثر القبل السياسية كل جهة تتجه نحو قبلتها ولا تنظر للآخرين تفشل ، وكل إتفاق ليس له قبول كبير لا يتقدم ، كل عصف وجهد وفكر يأتي من الغرباء لا خير فيه ، وكل فئة تلهث من أجل الحصول علي الكراسي حتما سوف ترسب في إمتحان الحكم ، إذن الحل في التوافق الشامل الذي يحظي بإتفاق فيه نسبة عالية الانسجام من كافة الاطياف دون إقصاء ودون تهميش ودون تقليل ، إني من منصتي أنظر….حيث لا أري الآن إلا المدنيين (من أولاد إبراهيم) !! متحكمون في كل شييء .